ذكر موقع "الجزيرة" أنّ الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الأحد منطقة عدرا في ريف دمشق جدّدت تساؤلات بشأن الأهداف الإسرائيلية وخططها للمرحلة المقبلة في سوريا بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد.
ويرى المحلل السياسي سعيد الحاج أن تحركات إسرائيل في الفترة الماضية بسوريا حققت لها أهدافا، إذ فرضت أمرا واقعا جديدا عبر زيادة قدراتها التجسسية والعسكرية المباشرة وغير المباشرة في سوريا، وقوّت أوراقها التفاوضية مع أي قيادة مستقبلية لسوريا، فضلا عن تدمير مقدرات تسليحية مهمة بشكل يساهم في إضعاف سوريا الدولة لمدة غير محددة مستقبلا، وإخراجها من كونها تهديدا له ولو كان نظريا ونسبيا.
من جهته، يلفت المختص في الشؤون السورية وائل علوان إلى أن إسرائيل كانت تستهدف أماكن تقليدية في سوريا حتى قبل سقوط الأسد، مثل مراكز البحوث العلمية والمختبرات التي يتم فيها تطوير الأسلحة، ولا سيما الأسلحة الكيميائية وما يرتبط بها.
لكن الملاحظ -حسب علوان- أن القصف بعد نظام الأسد كان أوسع وأكبر، واستهدف مستودعات أسلحة لا تعد خطيرة ولا فتاكة ولا بعيدة المدى، وربط ذلك بمحاولة إسرائيل استهداف الترسانة العسكرية حتى لا تكون الدولة المقبلة في سوريا مسلحة، بصرف النظر عن البديل القادم من الإدارة الجديدة التي تحكم دمشق الآن أو عبر انتقال سياسي بتداول سلمي للسلطة.
وإضافة إلى المكاسب العسكرية، يرى المرسي أن المسؤولين الإسرائيليين يتطلعون إلى اللحظة التي سيجلس خلالها الجميع على الطاولة للتفاوض، ويرغبون في أن تمتلك إسرائيل أكبر قدر من الأوراق في تلك اللحظة.
ويرى أن إسرائيل لن تقبل أن يوضع مصير الجولان المحتل على طاولة المفاوضات، وأقصى ما يمكن أن تقبل به هو التراجع مجددا إلى ما وراء خط التهدئة مقابل ضمانات بألا تتحول سوريا إلى مصدر للتهديد، سواء من قبل الفصائل السنية أو من قبل إيران.
لكن التحركات الإسرائيلية تحمل مخاطر باعتراف أطراف إسرائيلية في المقام الأول، فقد وصفت صحيفة هآرتس التوغل الإسرائيلي على الحدود السورية بأنه "خطأ تاريخي سيكلف إسرائيل غاليا".
وقالت هآرتس إن الجيش الإسرائيلي استطاع دخول المنطقة المنزوعة السلاح على الجانب السوري من مرتفعات الجولان فقط، لأن "الجنود السوريين تخلوا عن مواقعهم العسكرية".
لكن هذا التغيير في الوضع الراهن في الأراضي المعترف بها على أنها تابعة لسوريا "يخلق ذريعة جديدة للاشتباكات حتى لو لم تكن فورية".
وهنا يقول الخبير العسكري والأمني أسامة خالد إن التحركات الإسرائيلية ربما تتسبب في تفلت كثير من الجماعات وحتى الأفراد السوريين للاجتهاد والتفاعل الفطري العفوي لشن هجمات فردية أو جماعية على القوات الإسرائيلية التي احتلت مدنا وقرى عديدة، وهذا "الوجود الاحتلالي" يعني شرعية لكل سوري لقتال الوجود الإسرائيلي على أساس أنه قوة احتلال يجب طردها من الأرض السورية.
وحرصت الإدارة السورية الجديدة عبر تصريحات مختلفة على التأكيد أنها لا تخطط لأي تحرك خارجي، إذ قال القائد العام للإدارة أحمد الشرع في تصريحات عدة إن سوريا لن تشكل أي تهديد لأي دولة، وهي منهكة من الحروب وبحاجة لتنميتها وتقويتها، وهذا ما ستركز عليه إدارته بعد عقود "من الظلم والطغيان وتدهور الأوضاع المعيشية".
لكن إسرائيل تبقى "العدو الأكبر والأكثر تربصا بسوريا الجديدة"، وفقا لسعيد الحاج الذي يرى أن إسرائيل لن تترك سوريا وشأنها، ولن تراهن على انشغالها بملفاتها الداخلية وأولوياتها الكثيرة، وأنها لن تقتنع بتصريحات الطمأنة بأن سوريا لا تقوى على مواجهات عسكرية، وأنها ستبقى تنظر لسوريا الدولة والشعب كتهديد إستراتيجي.
ولذلك، يخلص الحاج إلى أن الإدارة الجديدة ستكون مطالبة بمنح أولوية الاهتمام لبناء عقيدة الدولة الإستراتيجية والعسكرية والأمنية وفق رؤية إستراتيجية عسكرية أمنية تبدأ بتعريف الذات والدور والمكانة، وتشمل العلاقات الخارجية ومنظومات التحالف والشراكة والتعاون والصداقة والخصومة والعداء، بما في ذلك مصادر التسليح والاتفاقات الأمنية والعسكرية. (الجزيرة)