ذكر موقع "ذا هيل" الأميركي أن وقف إطلاق النار في غزة يواجه عقبات خطيرة في المراحل المقبلة، مستشهداً بعدد من التحديات والمؤشرات على ذلك.
وبحسب الموقع الأميركي، فقد تنفس الإسرائيليون والفلسطينيون الصعداء مع بدء وقف إطلاق النار لكنهم يحبسون أنفاسهم؛ ترقباً لاستمراره.
ورغم وجود بعض علامات الأمل إلا أن هناك أسبابًا للقلق، وفقًا لموقع "ذا هيل".
وتتكون الصفقة من 3 مراحل كل منها أكثر هشاشة من سابقتها، وعلى الرغم من صمود وقف إطلاق النار إلا أن تطورات مقلقة تلقي بظلال من الشك على التزام نتنياهو بتنفيذ المرحلة التالية.
وقصفت القوات الإسرائيلية أهدافًا حتى اللحظة الأخيرة قبل إعلان وقف إطلاق النار، ثم أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأميركي السابق جو بايدن أعطيا دعماً كاملاً لحق إسرائيل في العودة للقتال إذا توصلت إسرائيل إلى استنتاج مفاده أن المفاوضات بشأن المرحلة بـ"غير مجدية".
وربما كان ترامب يرد على منتقدي اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه ربما كان يشير أيضاً إلى عدم رضاه عن الاتفاق.
في المقابل، لم يوافق نتنياهو على الصفقة إلا تحت ضغط من مبعوث ترامب ستيفن ويتكوف.
وأوضح مسؤول إسرائيلي كبير أن "ما حدث هو أن ويتكوف نقل رسالة صارمة من الرئيس القادم للولايات المتحدة الذي طالب بإبرام الصفقة".
التطورات في أماكن أخرى من الأراضي المحتلة مثيرة للقلق أيضاً، فما إن هدأ الغبار في غزة حتى بدأ نتنياهو عملياته في الضفة الغربية.
ولم تكن الذريعة واضحة لكن نتنياهو أصر على أن هدفه كان "هزيمة الإرهاب"، وفق ما ذكر موقع "ذا هيل".
وكما حدث مع بيانه عشية وقف إطلاق النار ربما تم إطلاق عملية جنين لطمأنة المتشددين بشأن التزامه بمكافحة أي تهديد للأمن الإسرائيلي، لكن قد يكون الهجوم جزءًا من استراتيجية أوسع لتوسيع السيطرة على الضفة الغربية.
ويجب فهم التوغل في سياق عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين والذي زاد بشكل كبير منذ 7 تشرين الأول 2023 بموافقة الحكومة الإسرائيلية.
ورفع ترامب بالفعل العقوبات التي فرضها بايدن على المستوطنين، وهذا الإجراء، إلى جانب تعيين مايك هاكابي، يشير إلى استعداده للسماح بتوسيع المستوطنات وربما حتى ضم الضفة الغربية لإسرائيل.
وفي أعقاب انهيار نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في سوريا، احتل الجيش الإسرائيلي المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا ووافق على توسيع المستوطنات في الجولان بزعم تعزيز الأمن.
وهذه التطورات لا تبشر بالخير لنجاح المراحل التالية من وقف إطلاق النار، ناهيك عن السلام الدائم، إذ يعتبر الفلسطينيون غزة والضفة الغربية جزءًا مما ينبغي أن يكون دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو.
ويقدم الوضع في غزة علامات مشجعة وسببًا للقلق، فقد توقف القتل والمساعدات تدخل إلى غزة ويعود الناس إلى ما تبقى من منازلهم.
وفي الوقت نفسه، يقوم ضباط شرطة حماس بدوريات في الشوارع وهو مؤشر واضح على أن الحركة بعيدة كل البعد عن التدمير.
في الوقت الحالي، تسمح حكومة نتنياهو بهذا الترتيب الأمني كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن صور أعضاء حماس المسلحين في زيهم الأزرق وهم يعملون في غزة تثير حفيظة العديد من الإسرائيليين.
وبدأت بالفعل المناقشات الأولية للمرحلة الثانية، ومن المقرر أن تبدأ هذه المرحلة بعد 42 يوماً من بدء وقف إطلاق النار وتتطلب إعلان "الهدوء المستدام" يليه إطلاق سراح الرهائن المتبقين مقابل عدد من السجناء الفلسطينيين والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.
وهذه مهمة صعبة وهناك العديد من التفاصيل التي تحتاج إلى حل، فمن خلال إطلاق سراح الرهائن ستتخلى حماس عن آخر ما لديها من نفوذ، ومن جانبها ستصر إسرائيل على إقامة منطقة عازلة حول غزة وربما بعض الوجود العسكري داخل القطاع.
وهدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش من الحزب الصهيوني الديني بالانسحاب من الحكومة إذا لم "تحتل إسرائيل غزة وتنشئ حكومة عسكرية مؤقتة" فيها.
ونظراً لأن المتشدد الآخر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قد استقال بالفعل من الحكومة، فإن رحيل سموتريتش سيحرم الحكومة من أغلبيتها البرلمانية الضئيلة في الكنيست.
ونظراً لعزم نتنياهو على الاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن فقد يكون تهديد وزير المالية كافياً لإفشال الصفقة.
ومع ذلك، فإن مشاهد اللقاءات المبهجة بين الرهائن وأسرهم تشكل مشهداً مقنعاً ويريد معظم الإسرائيليين إطلاق سراح الباقين وقد يؤدي هذا الأمر إلى التوصل إلى حل وسط بشأن تنفيذ المرحلة الثانية.
المرحلة الثالثة التي لم يتم تحديد موعد بدئها تشمل إعادة بناء غزة فضلاً عن إعادة فتح المعابر الحدودية وإعادة جثث الإسرائيليين والفلسطينيين الذين قتلوا في الصراع.
مع ذلك، فإن مهمة إعادة بناء غزة ستكون شاقة وقد تكلف ما يصل إلى 80 مليار دولار وما زال من غير الواضح من سيدفع ثمنها، كما أن حكم غزة بعد الحرب سيشكل تحدياً.
وفي كانون الأول الماضي، توصلت السلطة الفلسطينية وحماس إلى اتفاق مبدئي لإنشاء لجنة حاكمة مشتركة، لكن إسرائيل قالت إنها لن تسمح بدور لحماس أو فتح.
وقد يكون من الممكن إرسال بعثة حفظ سلام من قبل دول إقليمية ولكن لم يتطوع أحد حتى الآن.
وحتى لو تم التغلب على كل هذه العقبات، فإن إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم في غزة يترك مسألة الخطة الشاملة التي تلبي التطلعات الوطنية الفلسطينية والمخاوف الأمنية الإسرائيلية دون إجابة.
وفي غياب مثل هذا الاتفاق لن تكون أي صفقة بشأن غزة أكثر من مجرد فترة راحة قبل الجولة التالية من القتال. (إرم نيوز)