يبدو أن ساحة المواجهة لم تعد مقتصرة بين الولايات المتحدة وروسيا على الأرض، بل انتقلت إلى الفضاء.
فالخطوات الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب لإحياء سباق تسلح فضائي، يقابلها قلق روسي متزايد من عسكرة الفضاء، مما قد يؤدي إلى اختلال استراتيجي عالمي.
عسكرة الفضاء.. هل تعيد أميركا سيناريو الحرب الباردة؟
منذ إعلان ترامب عن تأسيس قوة الفضاء الأميركية عام 2019، أصبح واضحا أن واشنطن تتجه نحو تعزيز وجودها العسكري في المدار الأرضي.
فبحسب الأكاديمي والباحث السياسي محمود الأفندي، فإن "الولايات المتحدة تسعى إلى عسكرة الفضاء، وهو ما حذرت منه روسيا مرارًا وتكرارًا".
تاريخيًا، سبق أن حاولت واشنطن استنزاف الاتحاد السوفيتي من خلال سباق التسلح الفضائي، مما أدى إلى انهياره اقتصاديًا.
واليوم، يبدو أن الولايات المتحدة تحاول نصب فخ مماثل لموسكو عبر مشاريع مثل الدرع الصاروخي الفضائي الذي أطلق عليه ترامب اسم "القبة الحديدية لأميركا".
التكنولوجيا الصاروخية وتحديات الدفاع الفضائي
في ظل التطورات الهائلة في مجال الصواريخ فوق الصوتية، والتي تمتلكها دول مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية، تسعى واشنطن إلى تطوير منظومات دفاع فضائية تستخدم أشعة الليزر لاعتراض الصواريخ. لكن بحسب الأكاديمي والباحث السياسي محمود الأفندي، فإن "أي صاروخ يسقط من الفضاء يصعب اعتراضه بالمنظومات الدفاعية الحالية".
وما يزيد المخاوف هو امتلاك روسيا لصواريخ متقدمة مثل "شجرة البندق" التي يتحدّى بوتين حلف الناتو بها، مما يعزز فرص موسكو في تهديد الأقمار الصناعية العسكرية الأميركية في حال اندلاع صراع شامل.
الأقمار الاصطناعية ساحة جديدة للحرب
تتنامى المخاوف من أن يصبح تدمير الأقمار الاصطناعية جزءًا من أي حرب مقبلة، حيث حذرت روسيا من أنها قد تستهدف الأقمار الاصطناعية المدنية الأميركية إذا ما استخدمت لدعم العمليات العسكرية في أوكرانيا. وبالفعل، قدمت واشنطن دعمًا واسعا لأوكرانيا من خلال تقنيات مثل نظم تحديد المواقع العسكرية، والتجسس، والرادارات، والاتصالات العسكرية.
لكن حسب الأفندي، فإن "التحكم الأميركي في الفضاء لا يضمن الهيمنة الكاملة، لأن روسيا قادرة على نشر منظومات فضائية مشابهة، مما قد يؤثر على الاتصالات والمناخ عالميا".
التداعيات الاستراتيجية لعسكرة الفضاء
تحويل الفضاء إلى ساحة مواجهة عسكرية قد يؤدي إلى انعدام الأمن وزيادة النزاعات، كما أن السباق الفضائي الجديد قد يهدد التوازن الاستراتيجي بين القوى الكبرى.
يرى الأفندي أن العالم بحاجة إلى "نظام جديد للتوازن يشمل الولايات المتحدة، روسيا، والصين، بدلًا من المواجهة المفتوحة"، معتبرًا أن عسكرة الفضاء ستؤدي إلى مخاطر بيئية غير محسوبة، بسبب تراكم النفايات الفضائية والتجارب العسكرية غير المدروسة.
هل نشهد حربًا فضائية وشيكة؟
في ظل التنافس الشرس بين القوى الكبرى، يبدو أن الفضاء يتحول تدريجيًا إلى الجبهة الجديدة للحروب المستقبلية.(سكاي نيوز)