نشر موقع "الحرة" تقريراً جديداً تحت عنوان: "الزراعة في غزة.. حقائق تكشف حجم الدمار"، وجاء فيه:
"جرفوا الأرض ولم يتركوا شيئا... ولم يتبق لنا شيء"، هكذا وصف مزارعان فلسطينيان الدمار الذي لحق بمزارعهم خلال الحرب الإسرائيلية على غزة التي استمرت 15 شهرا.
المزارعان، غالب أبو محسن وحسن العرجان تحدثوا لموقع "الأمم المتحدة" عن الدمار الذي طال أراضيهم الزراعية، في وقت يعاني فيه القطاع من أزمة غذائية كارثية.
وتشكل الأراضي الزراعية حوالي 41 في المئة من إجمالي مساحة غزة، وكان سكان القطاع يعتمدون عليها لإنتاج الخضراوات والفواكه، وتصدير بعض الكميات، بما يدعم الاقتصاد المحلي.
وكشف أحدث تقييم جغرافي أجرته منظمة الفاو ومركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة بين تشرين الأول وكانون الأول 2024 دمار وتضرر 75 في المئة من الحقول التي كانت تستخدم في السابق لزراعة المحاصيل وبساتين أشجار الزيتون.
بحسب صور التقطها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة في أيلول 2024، فإن حوالى 70 في المئة من الأراضي الزراعية في القطاع، أي ما يعادل 103 كلم مربعة، تضررت من جراء الحرب.
وفي محافظة شمال غزة بلغت نسبة الأراضي الزراعية المتضررة 79 في المئة، وفي محافظة رفح 57 في المئة.
ووصف المزارع حسن العرجان الدمار الذي لحق بمزرعته خلال الحرب التي استمرت 15 شهرا فقال: "لقد دمروا الزراعة. هذه المحاصيل، كما ترون، باهظة الثمن".
ويضيف: " كنا نغطي السوق بالخضروات مثل الطماطم والخيار. ولكن فجأة، جاءوا ودمروا كل شيء. كما ترون، جاءت الدبابات والجرافات ودمرت كل الأراضي الزراعية".
وتساءل العرجان: "ما الضرر الذي تسببت به هذه المحاصيل، مثل الطماطم وأشجار النخيل؟ قاموا باقتلاع أشجار النخيل كلها لأنهم لا يريدون أن يأكل الناس".
أما بالنسبة إلى الدمار الذي لحق بالأصول الزراعية بما في ذلك أنظمة ري ومزارع مواش وبساتين وآلات ومرافق تخزين فالنسبة أكبر من ذلك بكثير، إذ راوحت حتى مطلع 2024 بين 80 في المئة و96 في المئة، وفقا لتقرير نشره في أيلول مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية.
وأفاد التقييمات بأن أكثر من ثلثي الآبار الزراعية لم تعد تعمل، مما أدى إلى شلل الري.
وأدى الدمار الذي لحق بالأراضي الزراعية إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.
وقال المزارع أبو محسن "لدي عشرة دونمات من الأرض، كانت مزروعة بالخيار والطماطم، والآن كما ترون، اختفت كل الدونمات العشرة بسبب التجريف".
وأضاف قائلاً: "كنا نحصد الطماطم والخيار والبطيخ، والآن لم يبق شيء. عائلتي مكونة من عشرة أفراد، والآن لم يتبق لنا شيء".
ووصلت خسائر الثروة الحيوانية إلى 96 في المئة، وتوقف إنتاج الحليب تقريبا، ولم يبق على قيد الحياة سوى واحد في المئة من الدواجن.
ورغم أن غزة على الساحل، إلا أن قطاع صيد الأسماك على وشك الانهيار، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.
وتحذر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" من انهيار الإنتاج الزراعي في غزة.
وأكدت قبل أسابيع أن وقف إطلاق النار يمثل فرصة حاسمة لمعالجة أزمة الغذاء الكارثية من خلال تمكين تسليم المساعدات الطارئة وبدء جهود التعافي المبكر.
كذلك، أكدت "الفاو" التزامها بضمان الأمن الغذائي في القطاع على المدى الطويل.
نائبة المدير العام للمنظمة بيث بيكدول قالت إن الزراعة "يجب أن تكون في قلب جهود الطوارئ والتعافي".
وحددت جهود الفاو للتعافي في غزة، حيث يجب أن تدعم الإغاثة الغذاء والمياه واستعادة الإنتاج الغذائي المحلي.
وقالت في بيان أواخر كانون الثاني الماضي، إن الأولوية ستكون لإعادة بناء البنية التحتية الزراعية الغذائية، مثل البيوت الزجاجية والآبار وأنظمة الطاقة الشمسية. إلى جانب توسيع نطاق تسليم المدخلات الزراعية الحيوية لاستعادة الإنتاج الغذائي المحلي.
وشرحت المسؤولة الأممية أن هذه الإجراءات التكميلية لتعزيز القدرة على الصمود جسرا بين الأنشطة قصيرة الأجل وتدخلات التنمية طويلة الأجل لمساعدة المجتمعات على إعادة البناء والتعافي من الأزمات واستعادة الأمل ودعم الحق في الغذاء.
وأكدت بيكدول أن "دعم المزارعين والرعاة والصيادين الآن يضمن طعاما طازجا ومغذيا".
ودخلت غزة أكثر من 10 آلاف شاحنة منذ وقف إطلاق النار مع مواصلة توسيع عمليات الأمم المتحدة الإغاثية.
وإذا صمدت الهدنة في غزة، ولم تتجدد الحرب قد تكون الزراعة في أعلى هرم الأولويات للفلسطينيين، إذ أن الغذاء يسبق أي شيء في قاعدة هرم ماسلو للاحتياجات البشرية. (الحرة)