كتبت "الشرق بلومبرغ": يتوجه الألمان إلى صناديق الاقتراع، الأحد، في انتخابات برلمانية تشير فيها استطلاعات الرأي إلى أن النتيجة ستفضي إلى إعلان مستشار وائتلاف حاكم جديدين.
وخلافاً للانتخابات السابقة، التي كانت متوقعة في كثير من الأحيان، تميزت هذه الحملة بتطورات دراماتيكية، ففي تشرين الثاني الماضي، أقال المستشار أولاف شولتز من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وزير ماليته دون مراسم رسمية، ثم خسر شولتز تصويتاً على الثقة، ما أدى إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
وبعد ذلك بفترة وجيزة، تدخل الملياردير الأميركي إيلون ماسك، أحد المقربين من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، معرباً عن دعمه لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، ما أثار جدلاً في ألمانيا، فيما وصف شولتز، دعم ماسك للسياسيين اليمينيين المتطرفين في أوروبا، بأنه "مثير للاشمئزاز".
وبحسب موقع مفوضية الانتخابات الألمانية، سيشارك 29 حزباً في الانتخابات التشريعية، التي تُجرى، الأحد، يتنافسون على نحو 733 مقعداً.
وفي السياق، شارك إيلون ماسك عبر الفيديو في تجمع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، معتبراً الانتخابات التشريعية المقبلة بـ"المصيرية لألمانيا وربما للعالم".
ويتمتع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بتقدم واضح في استطلاعات الرأي، وهذا يعني أن فريدريش ميرز، وفقاً للأرقام الحالية، سيصبح مستشار ألمانيا القادم، ولكن بأدنى نتيجة على الإطلاق، إذ لن يفوز إلا بـ 30% من الأصوات، في حين قد يحصل حزب الاشتراكي الديمقراطي، بقيادة شولتز على 15.5% فقط في المرتبة الثالثة.
وصعّد المرشح المحافظ والأوفر حظاً ليكون المستشار القادم لألمانيا، فريدريش ميرز، السبت، هجماته على منافسه روبرت هابيك من حزب الخضر في ختام الحملة الانتخابية، قبل انطلاق التصويت، وفق ما أوردته "بلومبرغ".
وانتقد ميرز، هابيك، ووصفه بأنه "مندوب مبيعات لمضخات الحرارة، غير مؤهل لإدارة الاقتصاد الألماني"، متعهداً بتعيين شخص أكثر كفاءة، في إشارة إلى محاولة هابيك الفاشلة كوزير للاقتصاد، لصياغة قانون يعزز استبدال تدفئة المنازل التي تعمل بالنفط.
وقال ميرز، إن ألمانيا "يجب أن تستعيد قوتها الاقتصادية، وتشق طريقها للخروج من الركود، وتتولى المزيد من المسؤولية في الاتحاد الأوروبي مرة أخرى".
قبل أيام من الانتخابات الألمانية المقررة في 23 شباط 2025، تبدو الساحة السياسية منقسمة ومحتدمة، بين تصاعد اليمين المتطرف، واليسار المتشدد بصورة غير مسبوقة.
وركز ميرز، مثل المستشار الحالي شولتز، حملته على الحاجة إلى أن تتحمل أوروبا المزيد من المسؤولية عن أمنها، في ظل وجود مؤشرات على تراجع الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب عن التزامها بالتحالف العسكري لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وتأتي التصريحات في اليوم الأخير من الحملة، التي استمرت ثلاثة أشهر، وقبل أن يتوجه الألمان إلى صناديق الاقتراع، إذ ركز المرشحون انتباههم على قضايا الهجرة والاقتصاد المتعثر، بعد عامين من الركود، تتضاءل فيه احتمالات التعافي الاقتصادي في عام 2025، لارتفاع تكاليف الطاقة، وضعف الصادرات إلى الصين وتهديد ترمب بفرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية.
وبحسب استطلاع للرأي نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية ومعهد INSA للأبحاث، السبت، فإن كتلة الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي متقدمة بنسبة 29.5% من الأصوات، يليها حزب "البديل من أجل ألمانيا" بنسبة 21% والديمقراطيين الاجتماعيين لشولتز بنسبة 15%، فيما نال حزب "الخضر" 12.5%.
أصدر فريدريش ميرز، "تحذيراً صارخاً" لأوروبا، الجمعة، قائلاً إن القارة يجب أن تكون مستعدة للدفاع عن نفسها بدون أميركا.
وتتوافق الأرقام مع الاستطلاعات السابقة، والتي لم تتغير بشكل ملموس في الأسابيع الأخيرة، إذ سيحتاج ميرز إلى شريك ائتلافي واحد على الأقل لتأمين الأغلبية في البرلمان، والحزب الديمقراطي الاجتماعي والخضر هما الخياران الأكثر ترجيحاً له.
ولكن زعماء الكتلة المحافظة شنوا عدة هجمات شرسة، وخاصة على مرشح حزب الخضر، روبرت هابيك، ما قد يعقد أي جهود لإيجاد أرضية مشتركة في محادثات الائتلاف المحتملة.
واعتماداً على عدد الأحزاب الصغيرة التي تتجاوز عتبة 5% للحصول على مقاعد في البوندستاغ (برلمان ألمانيا)، فقد يضطر إلى الدخول في تحالف ثلاثي غير قابل للإدارة.
وسيحتاج ميرز إلى شريك ائتلافي واحد على الأقل من أجل تشكيل حكومة أغلبية. وبعد استبعاد العمل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، فإن هذا الخيار لا يترك سوى الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) والخضر، وهما حزبان كانا جزءاً من الائتلاف الذي انهار في تشرين الثاني الماضي.