أكد النائب بالمجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، أهمية العمل بنظام الأقاليم الثلاثة مع مجالس تشريعية مستقلة، لضمان تحقيق الاستقرار في مختلف مناطق ليبيا، وذلك خلال لقائه يوم الأحد بسفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، مارتن لونغدن، في العاصمة طرابلس.
وشدد الكوني على أن تبني نظام المحافظات كسلطة تنفيذية سيمكن جميع المناطق والمكونات الليبية من الحصول على حقوقها، عبر تسليمها ميزانياتها الخاصة لإدارة مشاريعها، مما يسهم في تقريب الخدمات للمواطنين، ويتيح للدولة التركيز على دورها السيادي، ويخفف الضغط على العاصمة طرابلس.
وتناول اللقاء الذي جمع الكوني بسفير المملكة المتحدة آخر تطورات الأوضاع في ليبيا، خصوصًا الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لإيجاد تسوية سياسية شاملة تكسر حالة الجمود السياسي الراهن.
وأشار إلى أهمية تقديم مقترحات عملية لحل القضايا العالقة، بهدف ضمان إجراء الاستحقاق الانتخابي وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والتنمية.
الأجسام الحالية مؤقتة ولا تملك صلاحية تقرير نظام الحكم في ليبيا
أكد أستاذ القانون والباحث السياسي رمضان التويجر، أن المجلس الرئاسي وكافة الأجسام السياسية القائمة هي كيانات مؤقتة، تتمثل مهمتها الرئيسية في تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وليس لها أي صلاحيات تخولها لتحديد نظام الحكم المستقبلي في ليبيا، مشددًا على أن هذا القرار يعود للشعب الليبي وحده من خلال صناديق الاقتراع.
وأضاف التويجر، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن التجارب التاريخية والقانونية الدولية أظهرت أن الدول غالبًا ما تنتقل من النظام المركب إلى النظام البسيط، وهو المسار الأكثر شيوعًا في التطورات السياسية، بينما تواجه الدول البسيطة التي تحاول التحول إلى نظام مركب، مخاطر الانقسام وعدم الاستقرار.
ودعا التويجر جميع الأطراف الساعية إلى إيجاد حلول للأزمة الليبية إلى الاستفادة من التجارب الدستورية والقانونية الدولية الناجحة، والاعتماد على أنظمة مجربة أثبتت فعاليتها.
وأكد على أن طرح أنظمة سياسية هجينة، كما هو الحال مع النظام السياسي الحالي القائم على الاتفاق السياسي، كان أحد أبرز أسباب الفشل في ليبيا، محذرًا من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تقسيم البلاد.
كما شدد التويجر على ضرورة أن تكون هناك تصريحات ومواقف واضحة من جميع الأطراف لدعم العملية الانتخابية، باعتبارها السبيل الوحيد لتقرير مصير الشعب الليبي.
وفيما يتعلق بإدارة الحكم في ليبيا، أكد التويجر أن أي رؤية أو مقترح في هذا الشأن يجب أن يُعرض على الشعب الليبي عبر استفتاء شعبي، وليس أن يُطرح على سفراء الدول الأجنبية كمقترح سياسي، مؤكدًا على ضرورة احترام مبدأ السيادة الوطنية في جميع القرارات المصيرية.
مثير للشبهات وتهديد للاستقرار
أكد المحلل السياسي الليبي نصرالله السعيطي، أن لقاء نائب المجلس الرئاسي موسى الكوني مع سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، حمل العديد من الشبهات، خاصة بعد حديث الكوني عن أن الحل في ليبيا يكمن في نظام الأقاليم الثلاثة مع مجالسها التشريعية المستقلة، معتبرًا أن هذا الطرح قد يكون مقدمة لمخطط أكبر يُراد تنفيذه داخل البلاد.
وأشار السعيطي، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" إلى أن العمل وفق نظام المحافظات، كما طرحه الكوني، قد يبدو من الناحية النظرية وسيلة لتوزيع الميزانيات وضمان تنفيذ المشاريع، لكنه في الواقع يمهد لخلق أصوات داخلية تدفع باتجاه تنفيذ أجندات خارجية.
وأوضح السعيطي أن هناك تركيزًا متزايدًا من البعثة الأممية والدول الكبرى على منح المجلس الرئاسي الليبي دورًا يفوق صلاحياته، واستغلاله لتمرير أجندات لا تصب في مصلحة الليبيين، سواء عبر الأمم المتحدة أو عبر تدخلات مباشرة من القوى الدولية.
كما أشار إلى أن هذا المسار يتزامن مع اجتماع مجلسي النواب والدولة في القاهرة، والذي شهد توافقًا على حلول مرضية لجميع الأطراف، بهدف تسريع العملية السياسية وتحقيق الاستحقاقات الانتخابية في أقرب وقت ممكن، ورأى أن هذا الاتفاق يمثل حلاً ليبيًا حقيقيًا بعيدًا عن الإملاءات الخارجية.
وشدد السعيطي على أن العمل بنظام الأقاليم لن يؤدي إلى الاستقرار، بل سيكون الخطوة الأولى نحو تقسيم ليبيا، مؤكدًا أن الترويج لهذا الطرح تحت شعارات براقة يهدف إلى تسويقه وكأنه الحل المنتظر، رغم أن الليبيين متفقون على رفض أي مشروع لتقسيم البلاد.