ذكر موقع "الحرة" أن الهجمات التي تنفذها
إسرائيل في
سوريا لم تعد مقتصرة على مواقع وقدرات عسكرية في جنوب البلاد فحسب، بل باتت تأخذ مستويات أكبر على صعيد العمق الجغرافي، وهو ما تؤكده خارطة الضربات التي حصلت مرتين هذا الأسبوع.
وأعلن الجيش
الإسرائيلي، الثلاثاء، تنفيذ غارات جوية على قاعدتين عسكريتين: الأولى تقع في تدمر بريف حمص وسط
سوريا، والثانية إلى الجنوب الشرقي منها وتعرف برمز "T4". وجاء ذلك بعد 3 أيام من ضربات مماثلة استهدفت ذات المكان.
ووفقا للرواية
الإسرائيلية، تأتي الضربات ضمن "سلسلة هجمات تهدف إلى منع سيطرة النظام السوري الجديد على هذه المنشآت العسكرية".
ورغم أن هذا الهدف المذكور سبق أن أكد عليه المسؤولون في تل أبيب لأكثر من مرة، عقب سقوط نظام بشار الأسد، يوضح خبراء ومراقبون أن المعطيات القائمة على الأرض، منذ تلك الفترة، تشي بأن ما جرى ويجري "يسير على مراحل، ولا يمكن حصره فقط بما يطلق من تصريحات".
ويقول الباحث السوري في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان، إن "بنك الأهداف
الإسرائيلية أصبح يتوسع بشكل واضح، على مستوى الجغرافيا والأهداف والأساليب".
ويضيف لموقع "الحرة": "الأخطر من كل ذلك أن الاستراتيجية القائمة باتت قتالية وليست كما يصوّر لها من منطلق الردع".
أما الباحث السياسي
الإسرائيلي، يوآف شتيرن، فيعتقد بأن توسيع نطاق الهجمات
الإسرائيلية في
سوريا جغرافيا، "يندرج في إطار سلسلة تطورات تنظر إليها
إسرائيل بعين مستاءة".
فمن جهة، يوضح شتيرن للموقع، أن
إسرائيل "لا تزال ترى بالحكومة
السورية الجديدة تهديدا". ومن جهة أخرى، "تتوجس
إسرائيل من التقارب الكبير جدا الحاصل بين دمشق وأنقرة، وما يرافق ذلك من أحاديث وتوقعات عن اقتراب البلدين،
سوريا وتركيا، من توقيع اتفاقيات قد تضمن للجيش التركي التمركز في مناطق متقدمة داخل سوريا"، وفق شتيرن.
"مواجهة غير مباشرة"
وقبل سقوط نظام الأسد، لم تكن السياسة
الإسرائيلية المتعلقة بسوريا كما هي الحالة التي عليها اليوم.
في السابق كانت غالبية التحركات تندرج ضمن إطار "وقائي"، كما يوضح الأكاديمي والباحث في الشأن
الإسرائيلي، خالد خليل.
ويعتبر خليل في تصريحات للموقع، أنه في أعقاب سقوط الأسد "أخذت الأفعال
الإسرائيلية طابعا هجوميا".
ويوضح الخبير الجيوساسي، عامر السبايلة، أن ضربات
إسرائيل الأولى بعد سقوط نظام الأسد في
سوريا "كانت بدأت تدريجيا مع إعادة رسم جغرافيا الجنوب، باعتبار أنه جزء من العمق الأمني الإسرائيلي".
ويمكن اعتبار ما سبق "مرحلة أولى استندت بشكل رئيسي على تحقيق هدف بمنع إنشاء نقاط من شأنها أن تتحول إلى محطات لوجستية أو جاذبة لأي طرف قد يشكل خطرا وتهديدا على إسرائيل"، وفق السبايلة.
أما بخصوص ما يجري الآن، فهو يندرج، حسب وصف الخبير، في إطار "مرحلة ثانية يمكن اعتبارها بمثابة بداية المواجهة بالوكالة مع تركيا".
ويشرح السبايلة: "ليس هناك تصريح إسرائيلي بوجود مواجهة فعلية مع تركيا، لكن التحركات التي تقوم بها تل أبيب في
سوريا تصب في إطار مواجهة الطموح التركي، وذلك لمنع توظيف الجغرافيا
السورية لصالح أنقرة".
"ما تقوم به
إسرائيل الآن هو لمنع تشكّل أي قوة في الداخل السوري"، يتابع الخبير.
ويؤكد على فكرة بأن "إسرائيل لا تريد إيران ولا تريد تركيا.. وبالتالي تعمل على منع أي طرف من استغلال الجغرافيا
السورية لصالحه".
من جانبه، يشير الباحث شعبان إلى تطور "خطير" على صعيد التوغلات
الإسرائيلية في جنوب
سوريا، معتبرا أنها "لا تزال متواصلة وفق مهمات أمنية غير واضحة".
شعبان أشار إلى "مقتل مدنيين"، الثلاثاء، أثناء توغل الجيش
الإسرائيلي في قرية كويا بريف درعا
السورية.