لم تكن العلاقة بين
نتنياهو والجهاز القضائي
في إسرائيل يوما على وفاق، بل ظلت متوترة منذ خضوع رئيس الوزراء نفسه لتحقيقات ومحاكمات بتهم الفساد والرشوة.
ومع عودته إلى السلطة، كثّف معسكره السياسي بقيادة حزب الليكود الهجوم على السلطة القضائية، معتبرا أنها تعمل ضد "الإرادة
الديمقراطية للحكومة المنتخبة".
في هذا السياق، برزت المستشارة القضائية للحكومة جالي بهراف ميارا، كواحدة من أبرز الأصوات القانونية التي واجهت سياسات
نتنياهو، خصوصا في ما يتعلق بتعيينات
الأجهزة الأمنية، وملف التعديلات القضائية المثيرة للجدل.
لكن النقطة المفصلية التي فجرت الأزمة الأخيرة كانت موقفها من التحقيقات الجارية حول سارة
نتنياهو، التي يُعتقد أنها لعبت دورا مؤثرا في بعض القرارات
الحكومية، وهو ما أثار تكهنات حول مدى تأثير هذه التحقيقات في قرار الإقالة.
وتُعد سارة
نتنياهو شخصية نافذة في
الدائرة المقربة من رئيس الوزراء، وتحظى بتأثير كبير على قراراته السياسية والإدارية. على مدار السنوات الماضية، لاحقتها اتهامات متكررة تتعلق بسوء استخدام الأموال العامة، واستغلال النفوذ، وإساءة معاملة الموظفين في مقر الإقامة الرسمي لرئيس الوزراء.
التحقيقات الأخيرة التي طالتها، والتي رفضت المستشارة القضائية التدخل لحمايتها منها، ربما كانت أحد الأسباب التي دفعت
نتنياهو لاتخاذ قراره الحاسم بإقالتها.
فبحسب بعض التقارير، كانت بهراف ميارا تدفع باتجاه استمرار التحقيقات دون أي تدخل سياسي، ما وضعها في مواجهة مباشرة مع
نتنياهو وعائلته.
وفي خضم هذا النقاش، أبدى الوزير السابق عن حزب الليكود أيوب قرا، تأييده لقرار الإقالة، وأكد أن المستشارة القانونية لم تكن مؤهلة للوظيفة التي تشغلها، مشيرا إلى أن تعيينها من قبل الحكومة السابقة أدى بها إلى اتخاذ مواقف متحيزة ضد الحكومة الحالية..
قرا لم يتوقف عند هذا الحد، بل ذهب إلى التشكيك في استقلالية القضاء الإسرائيلي بشكل عام، قائلاً: "القضاء
في إسرائيل بحاجة إلى إصلاحات جوهرية، وليس من المنطقي أن تستمر مؤسسة غير منتخبة في فرض قراراتها على الحكومة المنتخبة".
ووصفت المعارضة بقيادة يائير لابيد القرار بأنه "سابقة خطيرة"، بينما حذر مسؤولون قضائيون سابقون من تداعيات هذه الخطوة على استقلال القضاء.
ولم يتردد رئيس المحكمة العليا السابق أهرون باراك، في القول إن إقالة المستشارة القضائية تهدد أسس
الديمقراطية الإسرائيلية، مضيفًا: "هذا ليس مجرد صراع سياسي، بل هو لحظة حاسمة في تاريخ
إسرائيل، قد تحدد ما إذا كنا سنبقى
ديمقراطية حقيقية أم سنتحول إلى نظام سلطوي".
ومع تصاعد الأزمة، يبدو أن
إسرائيل مقبلة على مزيد من الانقسامات السياسية والمؤسساتية، حيث لا تزال المحكمة العليا تمتلك صلاحيات للبت في شرعية قرار الإقالة، ما قد يفتح جبهة صراع جديدة بين السلطة التنفيذية والقضائية. (سكاي نيوز)