ذكر موقع "The Conversation" الأسترالي أن "الولايات المتحدة وإيران وجدتا نفسيهما مجددًا في مسار تصادمي بشأن البرنامج النووي الإيراني. وفي رسالة مؤرخة في أوائل آذار، حثّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي على التفاوض على اتفاق جديد. وسيحل هذا الاتفاق الجديد محل الاتفاق النووي الملغى الذي تم التفاوض عليه عام 2015 بين
الولايات المتحدة وإيران وخمس قوى عالمية أخرى. وانسحب ترامب من هذا الاتفاق، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، خلال ولايته الأولى. أمهل ترامب الإيرانيين شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، وإذا لم يفعلوا، ستقصف
الولايات المتحدة إيران. وفي الأيام الأخيرة، نُشرت قاذفات B-2 وسفن حربية أميركية في المنطقة في استعراض للقوة. وردًا على ذلك، وافقت طهران فقط على المفاوضات غير المباشرة، واستبعدت أي محادثات مباشرة في ظل سياسة "الضغط الأقصى" الأميركية".
وبحسب الموقع، "لم يكن خطر العمل العسكري الأميركي أو الأميركي -
الإسرائيلي المشترك ضد إيران أعظم من أي وقت مضى. ويقول ترامب إن الولايات المتحدة وصلت إلى "اللحظة الأخيرة" إذا أصرت طهران على المضي قدمًا نحو امتلاك قدرة نووية عسكرية. وذهب مستشاره للأمن القومي، مايك والتز، إلى أبعد من ذلك، مطالبًا إيران بوقف برنامجها النووي بالكامل. من جانبه، وعد خامنئي وجنرالاته "برد قاسٍ" على أي مغامرة عسكرية، كما وتعهدت إيران باستهداف كل القواعد الأميركية في المنطقة. وصرحت فرنسا، إحدى المفاوضين الرئيسيين في اتفاق عام 2015، الأسبوع الماضي بأن الفشل في التوصل إلى اتفاق جديد سيجعل المواجهة
العسكرية "شبه حتمية". وفي إشارة إيجابية، أفادت التقارير بأن واشنطن "تدرس بجدية" عرض إيران لإجراء مفاوضات غير مباشرة. ويشير ترامب الآن إلى أن إيران قد تكون منفتحة بالفعل على إجراء محادثات مباشرة".
وتابع الموقع، "سيكون من الحماقة توقع نتيجة سريعة تُرضي ترامب قليل الصبر، وهذا صحيحٌ خاصةً في ظلّ تعرّض الرئيس الأميركي لضغوطٍ شديدة من صديقه المقرب، رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لطالما دعا نتنياهو إلى العمل العسكري كأفضل سبيل لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي والقضاء على قدراتها
العسكرية الأخرى، بالإضافة إلى نفوذها الإقليمي. وأكّد النظام الإسلامي الإيراني مرارًا وتكرارًا أن برنامجه النووي لأغراض سلمية، ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها متشككين بشدة في نوايا طهران. وبعد انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2018، وسّعت طهران برنامجها النووي بشكل كبير، مما أثار استياء الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، والصين). وقامت طهران بتركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تطورًا، وسرّعت تخصيب اليورانيوم إلى 60%، أي أقل بقليل من مستوى الأسلحة. وأصبحت البلاد الآن على عتبة امتلاك سلاح نووي، ويُعتقد أنها قادرة على تجميع قنبلة ذرية في غضون أشهر، إن لم يكن أسابيع".
وأضاف الموقع، "دفعت العمليات العسكرية
الإسرائيلية المدمرة ضد حلفاء إيران في غزة ولبنان وسوريا، بالإضافة إلى التبادلات المباشرة مع إيران، بعضَ القيادة الإيرانية إلى الدعوة إلى تجاوز هذه العتبة. وفي الواقع، لا يزال خامنئي يُبدي عدم ثقة كبيرة بترامب والطبقة السياسية الأميركية بشكل عام. ورفض خامنئي في البداية رسالة ترامب الشهر الماضي ووصفها بأنها "خدعة" من زعيم دولة لطالما اعتبرها "قوة متغطرسة" تريد إملاء أوامرها على إيران بدلاً من التفاوض معها. ووبخ أحد كبار مستشاريه، وزير الخارجية السابق كمال خرازي، واشنطن لانخراطها في "حرب نفسية"، وقال وزير الخارجية الحالي، عباس عراقجي، إن المفاوضات المباشرة ستكون عقيمة ما لم تُغير واشنطن سياستها المتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران، وهذا سيتطلب رفع العقوبات المفروضة على بلاده".
وبحسب الموقع، "على الرغم من هذا الارتياب التاريخي من الولايات المتحدة، وجدت طهران أنه من المناسب عرض محادثات غير مباشرة للتوصل إلى اتفاق محتمل. ومع ذلك، لا يزال الطرفان متباعدين في مطالبهما. على أقل تقدير، تريد واشنطن من طهران الحد من تخصيب اليورانيوم إلى أجل غير مسمى عند 3.7%، وهو المستوى الذي وافقت عليه في اتفاق عام 2015. كما ستطالب واشنطن بإشراف دقيق من الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتشمل مطالب طهران الدنيا فك تجميد الأصول الإيرانية، ورفع كل العقوبات المفروضة عليها، وضمان عدم إلغاء الإدارات الأميركية المستقبلية للاتفاق النووي".
وتابع الموقع، "مع ذلك، لم يتمكن أيٌّ من الجانبين من تلبية هذه المطالب من دون اتخاذ تدابير جوهرية لبناء الثقة أولاً. ومنذ انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة، تقع على عاتقه مسؤولية إطلاق العملية، ويمكنه تحقيق ذلك من خلال: رفع التجميد عن الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة، ورفع بعض العقوبات لتمكين إيران من شراء سلع غير قاتلة من الغرب، بما في ذلك طائرات مدنية جديدة من بوينغ وإيرباص والتي تم إلغاؤها بعد تفكيك خطة العمل الشاملة المشتركة، كما ومن خلال سحب التهديد بعمل عسكري أميركي أو إسرائيلي أو مشترك. ونظراً لعمق العداء وانعدام الثقة الطويل الأمد بين الطرفين، تبدو فرص التوصل إلى اتفاق نووي جديد بعيدة مقارنة بقرع طبول الحرب. ومع ذلك، ونظراً لتقلبات ترامب والتحديات السياسية الداخلية والخارجية الجسيمة التي يواجهها النظام الإيراني، لا يمكن استبعاد التوصل إلى اتفاق تماماً".