ذكرت صحيفة "The Hill" الأميركية أن "الشعار الرسمي للسياسة الخارجية لإدارة دونالد ترامب في ولايتها الثانية، أي "السلام بالقوة"، لن يُحقق سلامًا سوى بالاسم في الشرق الأوسط في أحسن الأحوال. لكن ما يُسمى "السلام" الذي جعله الرئيس ترامب كمكون أساسي في حملته الانتخابية الثالثة للبيت الأبيض يبدو بعيد المنال، كما يتضح من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وتجدد حملة القصف في اليمن. وتعكس هذه النتائج قضية أوسع نطاقًا: تواصل واشنطن استخدام سياسات عسكرية مفرطة لتحقيق نتائج سياسية لا يمكن تحقيقها بالقوة . في الواقع، تقدم المنافسة بين
الولايات المتحدة وإيران مثالاً رئيسياً على الفروق الدقيقة التي يفتقر إليها النهج المضلل "للسلام من خلال القوة".
وبحسب الصحيفة، "رفضت طهران لعقود المحاولات المتشددة لتغيير سلوكها، مُطوّرةً سياسات ردع متزايدة التعقيد والخطورة في كل أنحاء الشرق الأوسط وخارجه ردًا على ذلك. في هذه الحالة، شجع استخدام واشنطن لـ"القوة" المتشددين الإيرانيين، والعكس صحيح، في دوامة قاتلة من التفاعلات المتزايدة العنف عبر مجموعة من الدول الثالثة. لا شك أن الجمهورية الإسلامية أبعد ما تكون عن داعية سلام، لكن النقطة الأساسية لا تزال قائمة: إن التظاهر العدواني لإبراز القوة النسبية لم يمنع خصوم الولايات المتحدة من العمل على تحقيق مصالحهم، حتى لو كانوا معارضين تمامًا لواشنطن. ويعج الشرق الأوسط بأمثلة فاشلة مماثلة لهذه الديناميكية، من العراق وسوريا إلى فلسطين واليمن".
وتابعت الصحيفة، "في كل حالة، فشلت أو تفشل محاولات
إظهار القوة الفارغة. وعلى سبيل المثال، لم يسقط نظام بشار الأسد في سوريا بسبب العقوبات الأميركية، أو الوجود العسكري، أو التسليح السري لفصائل المعارضة، بل ردت دمشق على تلك الإجراءات الأميركية بالقيام بأعمال إقليمية مزعزعة للاستقرار، مثل تجارة الكبتاغون، للضغط على شركاء الولايات المتحدة الإقليميين. ولم يتوقف الحوثيون عن أعمالهم الخبيثة في اليمن بسبب تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية أو بسبب القنابل التي أُلقيت على مواقعهم
العسكرية والحكومية، بل ضاعفت الجماعة هجماتها مرارًا وتكرارً".
وأضافت الصحيفة، "في حين تبنى ترامب نهجًا مختلفًا نسبيًا في التفكير علنًا وفي بعض قراراته السياسية، فإن ولايتيه الأولى والثانية تعكسان هذا النهج المحافظ الجديد التقليدي. وسّعت إدارته الأولى حملات القصف في القرن الأفريقي والعمليات ضد داعش في كل أنحاء الشرق الأوسط، وكثّفت حملة ضغط وحشية على إيران باسم القوة لتحقيق نصر كامل على أعدائها أو إبرام "صفقات" معهم بعيدة المنال. تُذكّرنا ولاية ترامب الثانية حتى الآن بالنهج عينه في الشرق الأوسط. ففي ظل قيادته، هددت الولايات المتحدة الأردن ومصر باستقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين، في مسعى واضح للسماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية وغزة المحتلتين بشكل غير قانوني. هذا المسعى، إن تحقق، سيُنذر بصراع إقليمي وحشي وانتفاضة ثالثة قد تُهدد حكومتي عمان والقاهرة".
وبحسب الصحيفة، "تُوسّع الإدارة الأميركية نطاق حملة القصف التي شنّها الرئيس السابق جو بايدن في اليمن ضد الحوثيين، بل ذهبت إلى حدّ إعلان مسؤولية إيران عن أيّ هجمات حوثية مستقبلية. لا تنخدعوا، فهذا تهديد واضح بهجوم مستقبلي على الجمهورية الإسلامية. وبما أنه من غير المرجح أن يوقف الحوثيون هجماتهم قريبًا، فمن المُعذر للمرء أن يتساءل كيف سينتهي هذا الأمر تحديدًا. في نهاية المطاف، من الحكمة أن يُدرك المسؤولون الأميركيون أن "القوة" تأتي بأشكال متعددة. إن سلاح واشنطن السري ليس جيشها بحد ذاته، بل تتويج قدراتها وعلاقاتها، وهذا يشمل القوة الناعمة، وهي قوة تتضرر بطبيعتها عند استخدام القوة الغاشمة دون مراعاة تلك العلاقات".
وختمت الصحيفة، "ببساطة، ستفشل إدارة ترامب في الشرق الأوسط، وعلى نطاق أوسع، إذا اعتمدت على القوة العسكرية وحدها. ويتطلب فهم هذه الديناميكية تقبّل محدودية القوة والمخاطرة غير الضرورية المرتبطة باللجوء إلى طرق مختصرة لتحقيق انتصارات زائفة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج تتماشى مع رغبة ترامب المعلنة في أن يكون صانع سلام".