كشف الصحافي البريطاني جوناثان كوك في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" أنّ هنالك إشارات متزايدة حول أنّ خطّة السلام في الشرق الأوسط التي تمّ تأجيلها مرات عدّة، والمسمّاة "صفقة القرن"، على وشك أن يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالكشف عنها.
ورغم أنّ المسؤولين في إدارة ترامب لم يقدّموا أيّ تصريحات علنية، فإنّ ملامح هذه الخطّة معروفة مسبقاً، بحسب بعض المحللين.
ويشير هؤلاء، بحسب كوك، إلى أنّ إسرائيل بدأت فعلاً بتنفيذ الاتفاق، وذلك من خلال مزيد تكريس نظام الفصل العنصري ضدّ الفلسطينيين، فيما أمضت واشنطن الأشهر الستة الماضية وهي تجرّ الخطى وتتباطأ في نشر الوثيقة.
ويقول ميشال فارشوفسكي، وهو محلّل إسرائيلي ومدير "مركز القدس للإعلام البديل" إنّ "نتنياهو بكل بساطة يواصل إحكام قبضته على الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو يعلم أن الأميركيّين لن يقفوا في طريقه، سوف يحصل نتنياهو على ضوء أخضر ليفعل ما يريده، سواء تمّ نشر الوثيقة أو لم يتمّ ذلك، ففي النهاية هي أصلاً لن يكتب لها النجاح".
ويتفق إيران عتصيون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، مع هذا الرأي، حيث يقول إنّ "إسرائيل لديها حرية التصرّف أكثر من السابق، وهي تشعر بالثقة الكاملة لمواصلة سياساتها الحالية، لأنّها تعلم أنّ ترامب لن يتصدى لها".
وبحسب تقارير، فإنّ الأميركيين ربّما يقدمون خطتهم خلال أيام، وقد ذكر يوسي ألفر، المساعد السابق لإيهود باراك أثناء رئاسته للحكومة في التسعينات، إنّه "كان من الواضح أنّ نتنياهو كان على علم بما يجري التخطيط له من قبل المسؤولين في إدارة ترامب. حيث تتمّ إحاطته بكل ما هو قادم، ولذلك فإنّ إعلان صفقة القرن لن يحمل أيّ مفاجآت بالنسبة له".
ويتفق المحللون على أنّ نتنياهو هو الذي سيخرج رابحاً من أيّ مبادرة سيقدمها ترامب. فقد ذكر يوسي بيلين، السياسي الإسرائيلي السابق الذي كان من الشخصيات المحورية في اتفاقات أوسلو في بداية التسعينات، أنّ نتنياهو يتلاعب بالخطّة بكلّ سخرية حتى تكون لصالحه. حيث قال إنّ "نتنياهو يعلم أنّ الفلسطينيين لن يقبلوا البنود التي تقدم لهم، ولذلك فهو بإمكانه أن يظهر في ثوب الرجل العقلاني من خلال الموافقة على المقترح، حتّى لو كانت هنالك تفاصيل لا ترضيه، فهو في النهاية يعلم أنّ الفلسطينيين سيرفضون الخطة، وستوجه لهم أصابع اللوم عند الفشل".
ويتفق ألفر مع هذا الرأي، حيث يقول: "إذا تمّ رفض الخطّة، فإنّ ترامب سيقول إنّه فعل كلّ ما بوسعه، وعرض على الطرفين المتصارعين أفضل اتفاق ممكن، والآن يجب تركهما لوحدهما لتسوية خلافاتهما في ما بينهما".
كما أضاف ألفر أنّ العائق الوحيد الذي يمنع واشنطن من تقديم الخطة الآن، هو المخاوف من الحالة الصحية المتدهورة للرئيس محمود عباس، ولذلك فإنّ فريق ترامب ربما يفكر في وضع الخطة على الرف في الوقت الحالي.
ولكن حتّى في هذه الحالة، فإنّ نتنياهو هو الذي سيكون مستفيداً. حيث إنّه سيواصل نفس السياسات التي دأب عليها خلال العشر سنوات الماضية، متمثلة في توسيع المستوطنات، وحرمان الإسرائيليين المعارضين له من حقوقهم، وسيتجه بـإسرائيل أكثر فأكثر نحو نظام الفصل العنصري.
وبحسب مسؤولين فلسطينيين، فإنّ الخطة الأميركية سوف تقترح عليهم حدوداً بشروط، في فتات من الأرض تمثّل حوالي نصف الأراضي المحتلة، أي ما نسبته 11% من إجمالي الأراضي الفلسطينية المعترف بها أثناء فترة الانتداب البريطاني.
هذه المناطق الفلسطينية سوف تكون منزوعة السلاح، وسوف تسيطر إسرائيل على حدودها البرية وأجوائها.
(نون بوست)