"كل ما شعرت به حينها هو ماء ساخن على وجهي، وصوت الدراجة النارية وهي تغادر وصراخ المارة فى الشارع". هكذا تصف مرضية إبراهيمي (28 عاما) تعرضها لهجوم بالأسيد في أحد شوارع مدينة أصفهان بإيران.
ولكن لماذا؟
وفي حين يعتقد العديد من الإيرانيين أن المهاجمين هم من المتشددين الإسلاميين الذين يحاولون ترهيب النساء لارتدائهن ما يعتبرونه "ملابس غير ملائمة" في سلسلة هجمات شهدتها تلك المدينة منذ العام ، ينكر المسؤولون الإيرانيون ذلك، وأي اقتراح بأن المهاجمين كانوا مدفوعين بالتطرف الديني، أو أنه تم استهداف الضحايا، لأنهن كنّ يرتدين الملابس التي يمكن اعتبارها غير ملائمة في نظر المتشدّدين.
وتروي "مرضية" التي كانت رابع ضحية تتعرض للهجوم بالأسيد، التفاصيل وتروي: "كنت قد سمعت عن تلك الهجمات في المدينة، ولكن كان لدي موعد مع الطبيب، وكنت أقف على ناصية الشارع بانتظار سيارة أجرة، وفي جزء من الثانية تبدلت حياتي بسبب الأسيد".
وفي أحد لقاءاتها الصحافية تصف مرضية الهجوم الذي تعرضت له قائلة: "الأسيد هو انتهاء الحياة".
وتروي مرضية إبراهيمي أنها اعتزلت الحياة بعد الحادث، وتوارت عن الأنظار تماماً، لكن بمساعدة خطيبها حينها حاولت الخروج رويداً رويداً.
وتصف أولى لحظات خروجها قائلة: "كنا فى عيد النيروز (الربيع) عندما قررت أن أغادر المنزل مع أسرتي، وكنت أضع الضمادات الطبية، ولم أترك أي شخص إلا وأخبرته أنني تعرضت لهجوم بالأسيد".
وبعد أن بدأت مرضية في التعافي، عرضت عليها المصورة "نيجار مسعودي" أن توثّق تلك الفترة من حياتها بالصور. وتقول مسعودي: "قررت أن أرافق مرضية لبعض الوقت وألتقط صوراً لحياتها، كنت أرغب في أن أوثق كل لحظة مرت بها مرضية بعد الحادث".
وتضيف مسعودي قائلة: "أردت أن أخبر المجتمع بأن من تعرضت لهذا العنف لا بد أن تستكمل حياتها كأي امرأة أخرى، وألا تترك فرصة للمهاجمين في أن ينجحوا في مخططاتهم".
من جهة أخرى، تقول إحدى ضحايا الأسيد فى إيران بهناز أحمدي: "طالما أن القضاء والشرطة إلى الآن لم يتمكنا من حماية النساء من تلك الهجمات، فلا بد من منع الأسيد تماماً في إيران، ويجب اتخاذ قرارات سريعة في هذا الأمر".
وتضيف بهناز أنها قابلت عدداً من المسؤولين الكبار هي ومرضية إبراهيمي لحثهم على ضرورة اتخاذ هذا القرار، لكن الأمر ما زال في مرحلة الوعود.
وتقول عضو مجلس جمعية مساعدة ضحايا الأسيد معصومة عطائي إن "الجمعية أعلنت بدء نشاطها في منتصف عام 2017، ولكن للحصول على ترخيص استغرق الأمر عامين في الدوائر الحكومية".
وتضيف: "معرفة الجاني سهلة للغاية، ولكن هناك من لا يريد لنا الوصول له".
ومنذ أيام قليلة، أُعلن في أصفهان أنه تم حفظ التحقيقات في جرائم الأسيد، حيث شهدت المدينة أكبر عدد من تلك الهجمات، وخر المئات للتظاهر، ومن بينهم الضحايا أيضاً.
(عربي بوست)