عادت المسألة الكردية الى واجهة الاحداث السورية من باب المفاوضات التي تجريها "قوات سوريا الديمقراطية" مع النظام في العاصمة السورية دمشق، رمزية الاجتماع ومكانه يهدفان الى الاعتراض الضمني من الطرفين على مجموعة تفاهمات جارية بين القوى الاقليمية لإعادة ترتيب الوضع الميداني قبيل المباشرة في العملية السياسية المنتظرة.
في هذا السياق كشف مسؤول بارز في المعارضة السورية لـ "لبنان 24" النقاب على ان توجه الاكراد مع حلفائهم صوب الرئيس بشار الاسد يهدف لقطع الطريق على الطموحات التركية وضع الشمال تحت سيطرتها المباشرة وإعلان حلب عاصمة للجيش السوري الحر، وقد تعمدت انقرة إجراء سلسلة تفاهمات مع إيران ومع الولايات المتحدة الاميركية تهدف الى تصفية التنظيمات المتطرفة مقابل كسر الاكراد والاشراف المباشر على تشكيلات "السوري الحر".
صحيح بأن روسيا ليست بعيدة عن خيارات تركيا لجهة إشراكها في الحلول الآيلة إنهاء المعارك العسكرية والانصراف الى الحل السياسي بما فيها عودة نحو 8 ملايين نازح سوري سيمر معظمهم عبر الاراضي التركية، بما يتناقض كليا مع مخطط اردوغان منذ بداية اندلاع الاحداث السورية في العام 2011 حيث راهن على زعامة اقليمية لبلاده إنطلاقا من سوريا مبنية على الاحلام العثمانية التي تتظهر شيئا فشيئا في عقله السياسي، واليوم ينحو صوب الواقعية بما في ذلك الاعتراف بالرئيس الاسد ولو في مرحلة لاحقة.
وصحيح أيضا، بأن واشنطن وعلى غرار منهاجها الدائم تقديم مصالحها على تحالفاتها، توجهت صوب تركيا وأوكلت مهمة تصفية "الوحش المتطرف" كما الحفاظ على مكتسبات اقتصادية عبر نشر قوات عربية في حقول النفط والغاز، لذلك لم تتردد ادارة ترامب من رمي الورقة الكردية جانبا والحصول على ضمانات من روسيا بخصوص منافعها الاقتصادية.
لكن لا يمكن التقليل من حجم التقارب الحاصل بين النظام وبعض المكونات المعارضة في سوريا وفي مقدمتها الأكراد، فوفق المسؤول المعارض لا يمانع الرئيس الاسد شخصيا من الاعتراف بحقوق الاكراد ونيلهم نوعا من حكم ذاتي وهو قد ارسل رسائل مباشرة عبر وزير خارجيته وليد المعلم.
بالمقابل، لا يمانع الاكراد من الاتفاق مع النظام السوري على شكل الحكومة الانتقالية المنتظرة والتي ستضم مختلف الشرائح السورية وعلى رأسها شخصية محايدة أو ليس محسوبة على الاسد بالحد الادنى، وهي التي ستفتح الطريق تكوين جديد للسلطة في سوريا انطلاقا من الانتخابات البرلمانية الشاملة في صيف 2021 والتي تليها انتخابات رئاسية تحدد مصير الرئيس الحالي بشار الاسد.