نشر "معهد الشرق الأوسط" تقريراً للمحللة التركية غونول تول تحدّثت فيه عن تبدل السياسة التركية إزاء سوريا بعدما كانت أولويتها "إسقاط نظام الأسد"، مسلطةً الضوء على قمة أنقرة التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني.
وفي تحليلها، رأت تول أنّ أولويات تركيا التي دعمت المعارضة، تبدّلت مع اصطدام جهود أردوغان الرامية إلى تعزيز نفوذه في بلاده بالحائط، موضحةً أنّ صعود حزب "الشعوب الديمقراطي" الموالي للأكراد حرم "العدالة والتنمية" من الفوز بأغلبية المقاعد في انتخابات العام 2015، "ما دفع أردوغان إلى تغيير مساره". وتابعت بأنّ وقف إطلاق النار المبرم بين الحكومة التركية وحزب "العمال الكردستاني" انهار بعد الانتخابات أيضاً، مشيرةً إلى أنّ أردوغان عمد عندها إلى التحالف مع القوميين والتحرك ضد الأكراد.
وأضافت تول أنّ التغيرات التي ألحقها أردوغان بالسياسة الكردية محلياً، غيّرت حساباته في سوريا أيضاً، مبينةً أنّ "نظام الأسد" لم يعد "العدو رقم واحد، حيث حلّت "وحدات حماية الشعب الكردية" المدعومة أميركياً محله.
توزاياً، رأت تول أن الاستدارة الأخيرة في سياسة أردوغان جاءت نتيجة الاستياء المتنامي من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3.6 مليون الذين تستضيفهم تركيا، لافتةً إلى أنّ هذا التطور يتزامن مع تفاقم المشاكل الاقتصادية. وفي هذا السياق، تحدّثت تول عن خسارة "العدالة والتنمية" أغلبية المدن الكبرى في الانتخابات البلدية، وعلى رأسها اسطنبول، معتبرةً أنّ مشكلة اللاجئين لعبت دوراً كبيراً، إلى جانب الانكماش الاقتصادي. وقالت تول: "وعليه، تبدّلت أولويات أردوغان في سوريا، فباتت إعادة النازحين على رأس أولوياته"، مذكرةً بحديثه في قمة أنقرة عن الحاجة إلى إقامة منطقة آمنة من شأنها أن تستضيف ما يزيد عن 3 ملايين نازح.
إلى ذلك، كشفت تول أنّ أردوغان يرزح تحت ضغوط تمارسها عليه المعارضة وشخصيات في "العدالة والتنمية" لتطبيع العلاقات مع نظيره السوري بشار الأسد، قائلةً: "يعتقدون أنّه (التطبيع) سيحل مشاكل تركيا. وروسيا وإيران والأسد متفقون على ذلك، إذ يتخذون تدابير لتسهيل عودة العلاقات إلى طبيعتها بين الطرفين من جهة، والحؤول دون حصول تقارب تركي- أميركي في شمال شرقي سوريا من جهة ثانية".
وفي هذا الإطار،
ذكّرت تول بدعوة روحاني إلى إعادة العمل باتفاقية أضنة المبرمة بين دمشق وأنقرة في العام 1998، وهي فكرة سبق لبوتين أن طرحها في كانون الثاني الفائت، موضحةً أنّ مقترح روحاني هذا يوفر بديلاً للجهود التركية القاضية بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا بالتعاون مع واشنطن، وتشير إلى الأسد باعتباره الجهة التي ينبغي قصدها لحل مشاكل أنقرة.
في ما يتعلق بدمشق، كشفت تول أنّها تبعث إشارات إلى أنقرة تفيد بأنّها يمكن أن تكون شريكة في قتال "وحدات حماية الشعب": "ففي خطوة مفاجئة، وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم "قوات سوريا الديمقراطية" بـ"الميليشيا الإرهابية الانفصالية" في رسالة رفعتها إلى أمين عام الأمم المتحدة قبل يوم من عقد قمة أنقرة". إلاّ أنّ تول استدركت قائلةً: "على الرغم من هذه البادرة، ما زال خوف تركيا الأول- المتمثل بالحاجة إلى إعادة النازحين- من دون حل".
في الختام، حذّرت تول من فشل واشنطن وأنقرة في التوصل إلى اتفاق بشأن المنطقة الآمنة، مؤكدةً أنّ اتجاه أردوغان إلى التحرك بمفرده كما هدد، لن يحل مشاكل تركيا وسيتسبب بولادة أخرى جديدة.
المصدر:
ترجمة "لبنان 24" - MEI