"إثيوبيا لن تستسلم لأي نوع من العدوان" هكذا كررت أمس إثيوبيا موقفها من التلويح بضرب سد النهضة، الذي تعتبره مشروعها الحيوي الأبرز. وشنت وكالة الأنباء الرسمية حملة حادة ضد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أعلن فيها قبل أيام أن مصر قد تنسف السد في حال مضت السلطات الإثيوبية في خطواتها الأحادية في هذا الملف الشائك الذي طالت المفاوضات بشأنه دون حل بين الدول الثلاث إثيوبيا ومصر والسودان.
وعلى الرغم من استبعاد فرضية القصف من قبل مصر، إلا أن تحذيرات ترمب أعادت إلى الأذهان مجدداً المخاوف من انهيار السد أو تفجيره، وماذا يمكن أن يحدث لو تم ذلك؟.
للإجابة على هذه الفرضية أو الاحتمال، قال مسؤولان مصريان إن انهيار السد احتمال قائم ولو بنسبة واحد في المئة أو حتى واحد في المليون، وقد يمثل خطورة كبيرة، إذ يمكنه إغراق السودان بالكامل بعد انهيار سدوده المائية.
وبتفاصيل علمية وجيولوجية أكثر كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا وخبير الموارد المائية بمعهد البحوث الإفريقية أنّ تفجير السد أو انهياره بالفعل سيسبب كارثة مدمرة للمنطقة. وتابع: على ضوء تلك الفرضية علينا توقع 3 سيناريوهات الأول انهياره أو تفجيره الآن، والثاني انهياره بعد عام، والثالث والأخير انهياره بعد اكتمال عمليات الملء وتخزين 74 مليار متر مكعب من المياه أمامه.
كما أوضح قائلاً: يعتبر السيناريو الأول الأخف ضرراً، ألا وهو انهيار السد الآن وأمامه 5 مليارات متر مكعب من المياه تم تخزينها بالفعل، ففي هذه الحالة سيتدفق مليار متر مكعب يوميا من المياه نحو السودان لمدة 5 أيام، لكن تلك الكميات ستصطدم بالسدود السودانية في طريقها، وهو ما يماثل الفيضان الطبيعي الذي تعرضت له البلاد قبل أسابيع حين تعرضت لتدفقات من المياه قدرها 950 مليون متر مكعب يوميا، ما أدى لانهيار المنازل والزراعات".
تسونامي مدمر
وأضاف "أما في حال انهار السد ا خلال مواسم الفيضان فهنا المشكلة ستكون وخيمة، حيث سيتدفق مليار متر من الأمطار الطبيعية التي تهبط على بحيرة السد مع مليار متر من المياه المخزنة لتصبح 2 مليار، وبعد 15 كيلومتراً من السد تبدأ بحيرة الروصيرص السودانية التي تغذي سد الروصيرص والذي يبعد عن سد النهضة بنحو 90 كيلو متراً، وطول البحيرة 90 كيلومتراً ، مشيرا إلى أن سد الروصيرص يمتلئ بما يتراوح بين 3 إلى 7 مليارات متر مكعب من المياه، وفي حالة تدفق مليار متر من السد الإثيوبي مع مليار متر من الأمطار خلال موسم الفيضان سينهار وتتدفق معه المياه المخزنة أمامه، وقدرها في الوقت الحالي 7 مليارات ، وكل هذه الكمية المتدفقة ستتجه نحو سد سوداني آخر في طريقها يسمى سد سنار أمامه نحو مليار متر، وبالتالي سينهار لا محالة".
إلى ذلك، لفت إلى أن كمية المياه المتدفقة بعد انهيار تلك السدود ستكون من 7 إلى 10 مليارات متر كلها تصب في السودان ما يعني تسونامي مدمر، خاصة إذا واصلت المياه طريقها ودمرت سد بوط بولاية النيل الأزرق وطوله حوالي 2 كيلومتر، ويخزن حوالي 5 ملايين متر مكعب على مساحة 4 كيلومترات مربعة، بمتوسط عمق حوالي 125 مترا، مؤكداً أن كل هذه الكميات من المياه ستغرق السودان بالكامل.
ضرر خفيف على مصر
أما في مصر، بحسب ما أوضح الخبير المائي فإن السد العالي سيحتجز نحو 140 مليار متر مكعب من المياه وفي حالة تدفق المياه القادمة من التسونامي المدمر ستقوم الحكومة المصرية بفتح مفيض توشكى لاستيعاب المياه الزائدة، كما ستفتح قناطر فارسكور في دمياط لتصريف المياه نحو المتوسط، لذلك سيكون الضرر خفيفا وقد يسفر عن خسائر بسيطة وغرق أراضي طرح النهر".
أشبه بطوفان نوح
كما تابع متحدثا عن السيناريو الثاني والثالث قائلاً "في حال انهيار السد أو تفجره العام القادم وبعد أن تقوم إثيوبيا بتخزين نحو 18 مليار متر مكعب أو اكتمال بنائه وتخزين 74 مليار متر مكعب ففي هذه الحالة سيكون هناك طوفان أشبه بطوفان نوح، ولن تستطيع إثيوبيا تحمل واستيعاب تلك الآثار المدمرة التي قد تنجم عن تدفق نحو أكثر من 80 مليار متر مكعب من المياه بعد انهيار السدود السودانية، ووقتها ستختفي مدن وقرى بأكملها في السودان وإثيوبي، بينما سيكون لمصر الوقت المناسب لفتح مفيض توشكى أو قناطر فارسكور للتخلص واستيعاب المياه الفائضة.
وختم موضحاً أن المسافة بين سد النهضة والسد العالي نحو 2000 كيلو متر ووصول المياه من السد الإثيوبي حتى جنوب مصر قد يستغرق 6 أيام، وهي فترة كافية لوزارة الموارد المائية للتصرف ومواجهة الأزمة سواء بفتح مفيض توشكى أو جميع القناطر في البلاد.