تحدّث باحثون إسرائيليون عن وجود مخاطر "طبيعية" تحيط بإسرائيل، ومنها جائحة "كورونا" ووضع المناخ واللاجئون وأزمة الغذاء، وهي تضاف إلى "المخاطر الأمنية" المحيطة بإسرائيل، على حدّ قولهم.
ونقل موقع "عربي 21" عن الباحثين الإسرائيليين قولهم في ورقة بحثية إنّ "الحقبة الحالية تسلط الضوء على أبرز المخاطر المحيطة بإسرائيل من الناحية الأمنية، رغم أنّ ذلك لا ينفي فرضية وجود مخاطر أخرى، مثل جائحة "كورونا"، وأحوال المناخ، واللاجئون، وأزمة الغذاء".
وأضاف الباحثون في الورقة البحثية التي نشرها "معهد أبحاث الأمن القومي" في "جامعة تل أبيب"، أنّ "تغير المناخ يعتبر قضية حيوية بالنسبة لإسرائيل، بسبب العديد من المخاطر التي ينطوي عليها مثل عمليات التصحر، القابلية للاحتراق، الفيضانات، الأضرار التي تلحق بالتنوع البيئي، الهجرة، والتغير في توزيع السكان، خاصة في ضوء عدم تمكين إسرائيل من الاندماج في الأجندة العالمية للمناطق المدنية".
وأوضح معدو الدراسة وهم شموئيل إيفن، ومائير ألران، تومار فيدلون وكارميت فدان، أنّ "إسرائيل تعتمد بشكل كبير ومتعدد الأبعاد على الدول الأخرى، حيث تمثل صادراتها 29% من الناتج المحلي الإجمالي، لذلك فإن نموه وما يرتبط به من مسائل مرهون إلى حد كبير بالطلب الخارجي".
وأشاروا إلى أن "الاتصال بالعالم الخارجي يتيح لإسرائيل التعرف مسبقاً إلى اتجاهات وباء "كورونا"، والتغيرات المتكررة في الفيروسات، وطرق الدفاع ضدها، ومساعدة السكان المتضررين، والاستفادة من اللقاحات التي تطورها، وتسوقها الشركات الأجنبية، ومع ذلك، يمكن أن تتضرر إسرائيل اقتصاديًا واجتماعيًا بشدة إذا استمر الوباء في الانتشار حول العالم، حتى لو تم كبحه في إسرائيل".
وكشفوا أنّ "أزمة كورونا كثفت عملية الرقمنة التي تحمل معها فرصاً ومخاطر، فمن حيث المخاطر، حصلت زيادة حادة في اعتماد البلدان، ومنها إسرائيل، على البنية التحتية الرقمية، التي ستستمر في النمو حتى بعد أزمة كورونا، ويؤدي هذا الاعتماد لتكثيف المخاطر الكامنة في الإنترنت، والمخاطر من العناصر المعادية، مثل إيران، والفشل في أنظمة البنية التحتية الحيوية".
وأوضحوا أنّ "إسرائيل التي تعتبر قوة إلكترونية، لكن التغييرات السريعة في هذا المجال تتطلب تقدمًا مستمرًا ومتسارعًا، رغم أنها تعرضت للاختراق الإلكتروني عدة مرات، آخرها لشركة التأمين "شيربيت" في كانون الثاني 2020، ومن المتوقع أن تُبذل جهود متزايدة في العالم لتنظيم الأنشطة الدولية فيه، مما يتطلب من إسرائيل زيادة تعاونها مع الدول الأجنبية لتحسين قدراتها الدفاعية في هذا المجال خشية تعرضها لمزيد من الاختراقات".
وأضافوا أنه "يُنظر لزيادة عدم المساواة، والتآكل المقلق في التماسك الاجتماعي بأنهما خطر متزايد على استقرار إسرائيل، وهي تحظى باهتمام متزايد بسبب "كورونا"، لأن الأزمة أصابت بشكل رئيسي البلدان المتقدمة، والطبقة الوسطى، والفئات المحرومة، بينما عانت الفئات العشرية العليا أقل بكثير، وربما ازدهرت، وتعمل هذه الظاهرة على تعميق الفجوات، وعدم المساواة الاجتماعية، وتخلق مخاطر على الاستقرار الداخلي لإسرائيل".
وزعم الباحثون أنّ "إسرائيل تحتل مرتبة متقدمة في التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في قائمة الدول المتقدمة، وتعاني من شلل سياسي مطول يؤدي إلى تفاقم الانقسام داخلها، ولا يشكل تحديًا اقتصاديًا واجتماعيًا فحسب، بل يشكل أيضًا تحديًا إداريًا يقوض إدارة الدولة".
وأضافوا أنّ "إسرائيل ليست مستعدة بما يكفي لمواجهة مخاطر الطبيعة الحادة، ويلاحظ هذا بشكل خاص في التأهب المحدود للغاية للأنظمة المدنية للزلازل وتغير المناخ، ويمكن أن تكون أضرارها واسعة النطاق وشديدة، ويتجلى ذلك في غياب آلية حكومية إسرائيلية شاملة مهمة للتعامل مع الكوارث الجماعية، وعدم وجود سلسلة من المسؤوليات والسلطات بين مختلف الأنظمة المدنية والعسكرية، لإدارة ومعالجة هذه الكوارث".
وأكدوا أنّ "الهيئة الوطنية للطوارئ التي تأسست عام 2007 إثر حرب لبنان الثانية، بشكل أساسي على مواجهة المخاطر الأمنية على الجبهة المدنية الإسرائيلية، لكن تورط الدولة في أزمة "كورونا"، وكأحد الدروس المستفادة منها، فلابد من إقامة نظام حكومي متكامل يعزز قدرته على التعامل مع الكوارث بأنواعها، وفق مفهوم "جميع المخاطر".
وختموا بالقول إن "إسرائيل مدعوة لتركيز الانتباه على الاستعداد المنظم للمخاطر الطبيعية، لأنها تخلق أمامها دوائر واسعة من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية، وتتطلب في إسرائيل ليس فقط تفكيرًا جديدًا وخلاقًا، بل تنظيمًا منهجيًا واستثمارات كبيرة، وذلك بعد انحسار الأزمة الصحية، لكن ذلك سيترك آثاره الكبيرة على ميزانية إسرائيل، مما يتطلب دراسة متأنية للأولويات الوطنية، في مواجهة المخاطر المتوقعة: المدنية والأمنية".