اقترح وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن، الاثنين في 22 آذار الجاري، في عرض شمل مسائل عالقة عديدة أراد الحوثيون حلّها، بما في ذلك رفع القيود البرية والبحرية والسماح بدخول واردات الوقود والغذاء عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم. وبعد فترة وجيزة على الإعلان السعودي، رفض الحوثيون المبادرة.
تقول الخبيرة في الشأن اليمني، فاطمة أبو الأسرار، إنّ الحوثيين يفتقرون راهناً لحافز يدفعهم إلى القبول بأي اقتراح للسلام، إذ يتعارض التوصل إلى حل للحرب اليمنية مع استراتيجتهم السياسية والعسكرية، في الوقت الحالي على الأقل؛ فبعد تقدّمهم الملحوظ على صعيد تعزيز مصالحهم السياسية والعسكرية، يبدي الحوثيون اهتماماً أكبر في الحفاظ على الوضع الراهن مقارنةً مع حل النزاع.
وتوضح الخبيرة في
قراءة نشرها "معهد الشرق الأوسط" أنّ الحوثيين اكتسبوا نفوذاً وقوة أكبر نتيجة عدة عوامل، فاستفادوا من تغيير الإدارة الأميركية التي شطبت اسم الجماعة عن قائمة الإرهاب، كما أنّهم يواصلون المشاركة في مسارات الأمم المتحدة التي تعترف بوجودهم وتحترمه بصفتهم "لاعباً غير حكومي". وتضيف أبو الأسرار: "ستنتهي أغلبية الامتيازات السياسية التي يتمتع بها الحوثيون اليوم ما لم يكونوا في السلطة".
على المستوى العسكري، تبيّن الخبيرة أنّ الحوثيين ضيّقوا الخناق على المناطق الخاضعة لسيطرتهم ويواصلون التوغل في مناطق حساسة تابعة للحكومة اليمنية، معيدةً الرغبة في التوسع إلى اتفاقية ستوكهولم في كانون الأول من العام 2018. وإذ تربط أبو الأسرار بين فشل محادثات السلام السابقة وتعزيز الحوثيين سيطرتهم، تقول إنّ حرب الاستنزاف التي يخوضونها تعزز بروزهم، موضحةً أنّ انتصاراتهم العسكرية ارتبطت بقدرتهم على إعاثة الفوضى. وتوضح الخبيرة: "تمثّلت استراتيجيتهم بفتح جبهات حرب استنزاف مختلفة استنفدت موارد الحكومة واختبرَت الدفاعات الأرضية والجوية السعودية. واستطاعوا التوسع محلياً في ظل اهتمام دولي قليل بمستويات العنف الذي مارسوه على السكان المحليين أو تداعيات الدمار الذي تسببوا به".
وهنا، تحذّر الخبيرة من أنّ وتيرة التوسع الحالية تفيد الحوثيين، فتقول: "إذا سيطروا على مأرب، سيكونون مستعدين للتوسع أكثر نحو قلب الجنوب باتجاه خليج عدن للسيطرة على مضيق باب المندب"، متوقعةً اقتناص الحوثيين لكل الفرص التي من شأنها أن تمنحهم نفوذاً في مواجهة حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والسعودية.
كذلك، تلفت الخبيرة إلى عدم رغبة الحوثيين في مشاركة أي طرف آخر في السلطة، مذكرةً برفضهم المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني اليمني، ورفضهم التوقيع على اتفاق السلام برعاية الأمم المتحدة في الكويت بعد شهور من المحادثات. وتتابع أبو الأسرار بالقول إنّ الحوثيين ارتكبوا أخطاء جسيمة في أوساط القبائل المحلية، وأظهروا أنّ أغلبية تحالفاتهم قصيرة الأمد، مثل تحالفهم مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وتقول: "أدركوا (الحوثيون) أنّ رفض المبادرات وطلب المزيد بصرف النظر عن الظروف يمثّل استثماراً يدر أرباحاً ضخمة"، متوقعةً مواصلتهم السير على النهج نفسه "حتى اضطرارهم إلى القيام بخلاف ذلك".
وعليه، تؤكّد الخبيرة أنّ أفضل خطوة يقدم عليها الحوثيون راهناً تنطوي على الحفاظ على الوضع الراهن عبر رفع سقف مطالبهم والإصرار على أن السعودية تلعب دوراً في النزاع ومواصلة التوسع والعنف في اليمن من أجل التفاوض من موقع قوي، بحسب تحليلها. ونظراً إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعطي أولوية للسلام وإلى تولي شخصية جديدة منصب المبعوث الأممي إلى اليمن، يدرك الحوثيون أنّ إمكانية تحقيق أهدافهم طويلة الأمد أكبر من أي وقت مضى، وفقاً لأبو الأسرار.