شهدت الإنتخابات النيابية الألمانية هذا الأسبوع نمو "الحزب الإشتراكي الديمقراطي"ليصبح أكبر حزب في البرلمان. وازدادت قوة كل من "الحزب الديمقراطي الحر النيو ليبرالي" و"حزب الخضر"، وفي الوقت نفسه، انخفضت شعبية كل من "الحزب الديمقراطي المسيحي" واليسار واليمين المتطرف.
ومع ذلك، وبالنظر إلى مركزية العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل في السياسة الألمانية، إلى جانب التغطية المكثفة للأخبار الإسرائيلية من قبل وسائل الإعلام الألمانية وتصريحات السياسيين الألمان، فمن المدهش أنه حتى الآن لم يعلق أحد تقريبًا على مسألة اساسية تتعلق بكيفية مساهمة موقف الرأي العام من قضية إسرائيل وفلسطين بالتأثير على نتائج الانتخابات.
فبحسب موقع "ميدل إيست أي" البريطاني، فإن الأحزاب الألمانية كلها تتخذ ظاهرياً الموقف عينه من إسرائيل. وقالت دوريس غنام من" حركة مقاطعة إسرائيل" (BDS) في برلين للموقع: "تؤكد جميع الأطراف الممثلة في البرلمان الألماني المستقبلي بلا كلل تضامنها الثابت مع إسرائيل".
وأضافت: "يبدو أنهم يتغاضون النظر عندما يتعلق الأمر بالواقع على الأرض، على سبيل المثال لا الحصر: كانتهاكات القانون الدولي مثل الاحتلال العسكري، والجدار العازل، والفصل العنصري. لم يظهر أي طرف تأييده للتحقيقات الجارية من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المزعومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا يعطي انطباعاً أن فلسطين لن تكون موجودة حتى بالنسبة للطبقة السياسية الرئيسية في ألمانيا".
قبل الانتخابات، أرسلت مجموعة التنسيق الألمانية لفلسطين وإسرائيل قائمة أسئلة إلى المرشحين من جميع الأحزاب، باستثناء "حزب البديل" من أجل ألمانيا اليميني المتطرف (AFD). قدم معظمهم إجابات متوقعة مؤيدة لإسرائيل، لكن بعض السياسيين أقروا بضرورة احترام القانون الدولي في ما يتعلق بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنهاء الحصار المفروض على غزة، ووسم المنتجات الآتية من المستوطنات الإسرائيلية الغير قانونية.
لكن الأمر المثير للدهشة هو أن العديد من السياسيين أشاروا إلى أن الناخبين الألمان لا يهتمون كثيرًا بالسياسة الخارجية، ولا يعتقدون أن فلسطين ستكون قضية انتخابية حاسمة.
ومن جهته، قال جورج رشماوي، ممثل منظمة الجالية الفلسطينية في ألمانيا، للموقع عينه إنه وخلال الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على غزة والمسجد الأقصى، "تظاهر آلاف الأشخاص، خاصة من الفئة الشابة والمهاجرين من كل المدن الألمانية الكبرى تقريباً، من أجل الحرية الفلسطينية".
وتابع قائلاً: "تظاهروا رافعين شعارات الحرية لفلسطين ومطالبين بوقف العدوان الإسرائيلي عليها. فوجئنا كفلسطينيين بهذا التضامن الواسع. يتحدث الناس لغة مختلفة عن لغة الأحزاب القائمة على اليمين واليسار".
ربما يكون "حزب البديل من أجل ألمانيا" هو الحزب الأكثر تطرفاً وتأييداً لإسرائيل في البلاد، وتبنى الحزب هذا الخط لحماية نفسه من الإتهامات بمعاداة السامية.
في المقابل، تعرض "دي لينك"، الحزب الوحيد المؤيد إلى حد ما للحقوق الفلسطينية، لانتقادات داخلية شديدة بعد أن أدلت قيادة الحزب بتصريحات مؤيدة لإسرائيل.
وقال فيل بوتلاند، المتحدث باسم مجموعة العمل الدولية "دي لينك" في برلين، للموقع عينه: "هذه المرة، فشلت المجموعة في الفوز ببعض الأصوات التي كان من المفترض أن تكون من حصتها، مثل أصوات المهاجرين وأنصارهم".
وتابع قائلاً: "من جهة، كان هذا بمثابة رد فعل على بعض التعليقات العنصرية التي أدلى بها عضو قيادي في الحزب في بداية الحملة، ومن جهة ثانية، بسبب ظهور المرشح البارز ديتمار بارتش جنبًا إلى جنب مع قادة الأحزاب الأخرى في مؤتمر مؤيد لإسرائيل."
تعتبر خيبة الأمل من الموقف الحازم المؤيد لإسرائيل من قبل جميع الأحزاب الألمانية في البرلمان واحدة من التفسيرات لنتائج الانتخابات.
لكن هذا الموقف المشترك يمكن أن يساعد في تفسير قرارات الآلاف بعدم التصويت على الإطلاق بسبب شعورهم بأن حزبهم لا يأخذ آراءهم بشأن إسرائيل وفلسطين على محمل الجد.