ها هو العالم ينتظر ليرى ما سيحدث في أوكرانيا بعد أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات الروسية بالانتقال إلى المناطق الانفصالية في الجزء الشرقي من البلاد.
وبحسب شبكة "سي أن بي سي" الأميركية، "في غضون ساعات قليلة مثيرة من مساء يوم الإثنين، قال بوتين إن روسيا ستعترف بجمهوريتين في شرق أوكرانيا أعلنتا استقلالهما وتأييدهما لروسيا ، ثم أضاف إنه سيرسل قوات روسية إلى المنطقة في مهمة "حفظ سلام". يخشى العديد من أن إرسال القوات إلى ما يسمى بجمهورية دونيتسك الشعبية ولوهانسك الشعبية - مناطق في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا كانت مدعومة من روسيا - هو مقدمة لغزو واسع النطاق لأوكرانيا".
وتابعت الشبكة، "من غير المؤكد ما إذا كانت القوات العسكرية تتحرك بالفعل أم لا. في المرسومين الرسميين اللذين وقعاهما بوتين بالاعتراف بالجمهوريات الانفصالية، لم يذكر أية تفاصيل أو تاريخ محدد لموعد بدء نشر القوات الروسية، بل فقط أنهما "يدخلان حيز التنفيذ من اليوم الذي تم توقيعهما فيه"، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة "موسكو تايمز". وصرح ساجيد جافيد، وزير في الحكومة البريطانية، لشبكة سكاي نيوز يوم الثلاثاء، بأننا "نستيقظ على يوم مظلم للغاية في أوروبا" وقال إن الدبابات والقوات الروسية قد تم إرسالها بالفعل إلى شرق أوكرانيا، مضيفًا أنه "يمكنك أن تستنتج أن غزو أوكرانيا قد بدأ". لكن المتحدث الصحافي باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، قال للصحفيين يوم الثلاثاء إنه ليس لديه معلومات عما إذا كانت القوات الروسية قد دخلت بالفعل منطقة دونباس أم لا، حسبما ذكرت وكالة رويترز".
أضافت، "ندد الغرب بخطوة بوتين الأخيرة على أوكرانيا حيث من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عن عقوبات جديدة على روسيا. سارعت الولايات المتحدة إلى إعلان عقوبات أولية تتعلق بالمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا، وحظرت المواطنين الأميركيين من الاستثمار أو التجارة أو التمويل هناك. في مكان آخر، أدان قادة الاتحاد الأوروبي إعلان بوتين ووصفوه بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي" وتعهدوا بفرض عقوبات جديدة على روسيا، كما فعل رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون. ونمت الأزمة الروسية الأوكرانية إلى حد كبير بسبب تمحور أوكرانيا تجاه الغرب في السنوات الأخيرة ورغبة روسيا في إبقاء أراضيها السوفيتية السابقة تحت نفوذها. وطالبت روسيا مؤخرًا بألا يُسمح لأوكرانيا، الدولة التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بأن تصبح عضوًا في التحالف العسكري وأرادت أن يتراجع الناتو عن انتشاره في أوروبا الشرقية. وتم رفض هذه المطالب، على الرغم من استمرار المحادثات الدبلوماسية لمحاولة تجنب تفاقم الأزمة. ولقد أشاد بوتين منذ فترة طويلة بالعلاقات التاريخية بين روسيا وأوكرانيا وقام بالأمر عينه مرة أخرى يوم الاثنين عندما أعلن اعتراف موسكو بـ"الجمهوريات" المنشقة، حيث صرح في خطاب متلفز أن "أوكرانيا الحديثة أنشأتها روسيا بالكامل"."
أين سيتوقف بوتين؟
وبحسب الشبكة، "الآن، يتساءل مراقبو بوتين المقربون عما يمكن أن يحدث بعد ذلك. وقال أندرو وود، الزميل المشارك في برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتام هاوس والسفير البريطاني السابق لدى روسيا، لقناة "سي أن بي سي" يوم الثلاثاء إن الخطوة الأخيرة لبوتين تظهر أنه "غير جدير بالثقة على الإطلاق". وأضاف: "لا أحد يعرف أين سيتوقف ولكن المنطق يقول أنه سيتوقف عندما يكون لديه سيطرة كاملة على السياسة، على الأقل، في أوكرانيا وهذا يعني أنه نصب نظامه الخاص في أوكرانيا لمحاولة حكم البلاد، لفعل الشيء نفسه الذي كان يفعله مع بيلاروسيا، لاستيعاب كلا البلدين الخاضعين لسيطرته. كان هذا دائما هدفه على أي حال". ويأتي التصعيد الدراماتيكي للأزمة هذا الأسبوع بعد أن تخمرت المشاكل منذ شهور، ويمكن القول، لسنوات. وضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا ودعمت الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا منذ ذلك الحين، مما أدى إلى قتال على مستوى أقل بين القوات الأوكرانية والانفصاليين، وبالتالي إلى مقتل حوالي 13 ألف شخص في المنطقة. كانت هناك محاولات من قبل ألمانيا وفرنسا للتوسط في اتفاقات السلام، المعروفة باسم اتفاقيات "مينسك"، بين روسيا وأوكرانيا على الرغم من فشلها إلى حد كبير مع اتهام الجانبين للطرف الآخر بانتهاك الاتفاقات. وقال السفير السابق وود برنامج "Squawk Box Europe" على قناة "سي أن بي سي" يوم الثلاثاء أنه لا "يرى أي ميزة لروسيا" في خطوة بوتين الأخيرة، لكن التطور يظهر أن "اتفاقية مينسك ألغيت الآن، لذلك نحن في حالة من الفوضى". وأضاف وود أنه من خلال نشر المزيد من القوات الروسية في شرق أوكرانيا، فإن الضغط العسكري سيتزايد الآن داخل أوكرانيا وليس على طول حدودها".
ورأت الشبكة أن "التوترات تصاعدت في الأشهر الأخيرة بعد أن نشر بوتين ما يزيد عن 100 ألف جندي على طول حدود روسيا مع أوكرانيا، وأجرى في وقت سابق من هذا الشهر تدريبات عسكرية مكثفة مع حليفته بيلاروسيا، التي تقع على حدود أوكرانيا وتخضع لنفوذ موسكو. كيف يمكن للغرب أن يتصرف لاحتواء روسيا، إذا كان هناك غزو لأوكرانيا، هو أمر علينا الإنتظار لرؤية النتيجة. عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا نادرا مساء الاثنين في نيويورك لمناقشة أحدث انتشار عسكري روسي في أوكرانيا مع السفيرة الأميركية ليندا توماس جرينفيلد قائلة إن إعلان بوتين يشكل تهديدا مباشرا ليس فقط لأوكرانيا، ولكن لكل دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة وذات سيادة. في غضون ذلك، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب متلفز في وقت مبكر من صباح الثلاثاء بالتوقيت المحلي إن حكومته لن ترد على الاستفزاز الروسي، لكنه أضاف "لن نعطي أي شيء لأي شخص"."
وبحسب الشبكة، "اهتزت الأسواق المالية العالمية بسبب التطورات الأخيرة في الأزمة الأوكرانية الروسية، حيث تراجعت الأسهم الأوروبية في فترة الإفتتاح. قال هولجر شميدنج، كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبرج، إن التأثير على الأسواق على المدى القصير والمتوسط والطويل يعتمد على ما سيفعله بوتين بعد ذلك. وقال شميدنج في مذكرة يوم الثلاثاء "تبقى الشكوك الكبيرة قائمة: بوتين وحده هو الذي يعرف ما إذا كان سيتوقف هنا - أو ما إذا كان نقل القوات الروسية علانية إلى دونباس خطوة أخرى نحو غزو أوكرانيا الحرة". وأشار إلى أن "الحرب الروسية ضد أوكرانيا ستكون مأساة إنسانية ويمكن القول إنها أسوأ تهديد أمني عالمي منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962". وأضاف: "إذا توقف عند هذا الحد، فإن العقوبات ستضعف الاقتصاد الروسي بمرور الوقت مع تأثير محدود للغاية على العالم المتقدم". وقال إن الأسواق ستعود إلى طبيعتها بعد فترة، لكنه أضاف أن هذه التوقعات كانت مبنية على أساس أن "روسيا لا تواصل مهاجمة أحد أعضاء الناتو، وهو ما لم يفعله حتى السوفييت"."