الأغاني الهابطة في مستوى الكلام والآداء في عصرنا الحالي ليست وليدة الصدفة، فقد ساهم في نشوئها مطربون كبار توقّف بعضهم عنها وآخرون أكملوا المسيرة.
في مرحلة الثلاثينات حتى منتصف السبيعنات، لاقت أغانٍ عن الجنس والمخدّرات والقمار طريقها في العالم العربي وقد نُصدَم بمطربين كبار مثل "أم كلثوم"، قدّموا هذا المستوى ضمن ما يُسمّى بـ"الطقطوقة".
سلطانة الطرب منيرة المهدية...الجنس والكوكايين!
لٌقّبت بـ"سلطانة الطرب" لصوتها الشجي الرخيم، وكانت أوّل إمرأة عربيّة تقوم بالغناء على المسارح وأوّل من سجّل أسطوانات في العام 1915. إنّها منيرة المهدية الفنانة المصرية التي ذاع صيتها في العالم العربي في تلك الحقبة ولا يزال إسمها رنّاناً في عالم الموسيقى. وكانت جرأة منيرة في تقديم أغاني عن الجنس والمخدّرات في بداية حياتها الفنيّة، لا مثيل لها.
"اشمعنى يا نخ الكوكايين كخ"... من ألحان سيد درويش وكلمات بديع خيري... هي أغنية لمنيرة تتغزّل فيها صراحةً بالكوكايين حيث يقول مطلعها:
"إشمعنى يا نخ الكوكايين كخ..ده أكل المخ.. هلكنا اعمله على غيرنا جاي لي تطخ.. وجاي تبخ ..شطب..هو انت شريكنا حتى في مناخيرنا".
ثمّ عادت وقدّمت "بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة" حيث في هذه الأغنية، دعت منيرة الشعب لممارسة الجنس ومعاقرة الخمر في ليالي السهر وقد إعتُبرت الأغنية مناهضةً للقيم الإسلاميّة والعربيّة بحسب المؤرّخين الموسيقيّين.
"أم كلثوم" مذهبها الخلاعة؟
ربّما عدد محدود جدّاً من الجمهور العربي يدرك أنّ بدايات "أم كلثوم" كانت بأغاني هابطة مثل "أنا الخلاعة والدلاعة مذهبي".
ويقول مطلعها: "الخلاعة والدلاعة مذهبي من زمان أهوى صفاها والنبي.. لما يخطر حبي عندي بمشيته.. تلقى قلبي له يميل من فرحته." في مقال له في العام 1990، قال الصحافي الكبير الراحل إدوارد سعيد إنّ "أم كلثوم" كانت لديها ميول جنسيّة مثليّة! وذكر في المقال" "عند النظر لكلمات أم كلثوم نلاحظ أنها مزيج بين لغة المذكر والمؤنث"، في إشارةٍ قويّة لكونها امرأه خارج إطار الجنس بمفهومه الواضح وقتها. فالتفكيك اللفظي لأغانيها وآدائها، ربّما يلمّح بشكلٍ أو بآخر لميولها الجنسيّة التي تداولها البعض على استحياء.
حبيبة مسيكة...مطربة تونس الأولى والسرير!
تعتبر حبيبة مسيكة وهي يهودية تونسيّة، من أهمّ مطربات المغرب العربي في حقبة الثلاثينات. قدّمت حبيبة الكثير من الأغاني المهمّة، لكن في الوقت ذاته أدّت مجموعةً من أغاني الجنس الهابطة مثل "على سرير النوم دلعني" وهي الأغنية الوحيدة بين أغانيها الجنسيّة المتوفّرة على "يوتيوب".
لحّن لها هذه الأغنية شيخ الملحّنين زكريا أحمد الذي لحّن لـأسمهان و"أم كلثوم" أيضاً. وتقول في هذه الأغنية: "وجننتيني يابنت يا بيضة وجننتيني.. شوفوا المحاسن شوف..جبتي النبيذ الاحمر وسكرتيني .. جبتي النبيذ الأبيض وسكرتيني.. يا بنت يا بيضة وجننتيني ..طالعة من الحمام شبيه الخوخة.. والمصة في الشفة دوا للدوخة."
أنطوانيت نحاس ورندا ومهى عبدالوهاب... مطربات "السكس"
في مرحلة الستينات، برز بقوّةٍ إسم المطربات اللبنانيّات أنطوانيت نحاس ورندا، إلى جانب مهى عبدالوهاب (سوريّة الأصل) الملقّبة بمطربة "السكس".
عملت نحاس لـ10 سنوات في الغناء قبل إحتجابها بشكلٍ مفاجئ، قدّمت في تلك الفترة كل أنواع الأغاني الخلاعيّة الهابطة، من بينها "وعلقنا بالأسانسور ( أي المصعد) ثم "اه.. نار بشروالي".
المفارقة هي أنّ الملحّن العريق إلياس الرحباني هو من لحّن لها الأغنية وأغانٍ أخرى!
أمّا رندا، فكانت فائقة الجمال والجاذبيّة وعملت في السينما أيضاً وقد تبنّاها الرحباني أيضاً.
كانت تتصدّر الصحف اللبنانيّة بصدرٍ شبه عارٍ وأغانيها الإباحيّة تنتشر على أسطوانات في شوارع لبنان وسوريا.
صور الغلافات دفعت بالرئيس المصري جمال عبدالناصر إلى التدخّل شخصيّاً لدى صاحب مؤسّسة "دار الصياد" اللبنانية سعيد فريحة لتوقيفها، خصوصاً النسخ التي تدخل مصر.
بالنسبة إلى مهى عبدالوهاب، فكان الوضع مختلفاً كونها لم تظهر سوى في الأسطوانات الإباحيّة فقط، وأضحت مطلوبةً من قِبل الشرطة اللبنانيّة التي لاحقت وسحبت أعمالها من السوق بطلبٍ من وزير الداخليّة آنذاك كمال جنبلاط.
عُرفت بمطربة السكس ولها أغنية من فئة "البورنو" عنوانها وحده كفيل لإثارة الغرائز لا يمكن ذكره.
محمد عبدالوهاب يغني للـ "كوتشينة"!
"موسيقار الأجيال" محمد عبد الوهاب، لم يسلم أيضاً من الغناء الهابط رغم مئات الأغاني والألحان الخالدة التي قدّمها.
في منتصف الأربعينات، قدّم أغنية "فيك عشرة كوتشينة" يتغزّل فيها بلعبة الميسر التي إعتبر أنّها تزيل الهم والكرب وتدعو للحماس والفرح!
(يلافيد - ربيع دمج)