Advertisement

إقتصاد

لهذا السبب تزيد الضغوط على أسعار الغذاء

Lebanon 24
11-09-2021 | 11:00
A-
A+
Doc-P-862650-637669516815251973.jpg
Doc-P-862650-637669516815251973.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في جميع أنحاء العالم، تسبَّبت ندرة العمالة في اضطراب سلاسل التوريدالغذائية.

ففي فيتنام، اضطر الجيش للمساعدة في حصاد الأرز، في حين أنَّ المزارعين في المملكة المتحدة يتخلَّصون من إنتاج الحليب، نظراً لعدم وجود سائقي الشاحنات لنقله. كما استغرقت حبوب بن "روبوستا" البرازيلية 120 يوماً حتى يتم حصادها هذا العام، بدلاً من الـ90 يوماً المعتادة، وفي الولايات المتحدة تحاول شركات اللحوم، إغراء الموظفين الجدد بساعات "أبل"، في حين ترفع سلاسل الوجبات السريعة أسعار شطائر الـ"برغر"، والـ"بوريتو".
Advertisement

وسواء كان الأمر يتعلَِّق بجامعي الثمار، أو بعمال المسالخ، أو سائقي الشاحنات، أو مشغِّلي المستودعات، أو الطهاة، أو الندل؛ فإنَّ النظام البيئي العالمي للأغذية يتعرَّض للاضطرابات بسبب نقص الموظفين، وينتج عن ذلك تضرر في الإمدادات، ويضطر بعض أرباب العمل إلى مضاعفة الأجور التي يقدِّمونها، وهو ما يهدد بدفع أسعار المواد الغذائية، التي وصلت بالفعل إلى مستويات قياسية بفضل ارتفاع أسعار السلع والشحن.

في أغسطس، ارتفعت الأسعار بنسبة 33% مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، بحسب مؤشر جمعته منظمة الأغذية والزراعة التابعة لـلأمم المتحدة.

ارتفاع التكاليف
تسبَّب الوباء في حدوث نقص العمالة في أجزاء كثيرة من الاقتصاد، لكنَّ تأثير هذا النقص كان حاداً بشكل خاص في قطاعي الأغذية والزراعة، وهما من أقل الصناعات اعتماداً على الآلية في العالم. ومن المؤكَّد أنَّ الأمن الغذائي مسألة حساسة في أجزاء كثيرة من العالم، والهوامش الضئيلة في الربح، تعني أنَّ ارتفاع التكاليف سيمرر بشكل عام إلى المشترين، بحسب "مجموعة بوسطن" الاستشارية.

يقول ديكر والكر، خبير الأعمال الزراعية لدى"مجموعة بوسطن" الاستشارية في شيكاغو: "فكرة وجود اضطراب تكاد تكون أمراً مؤكَّداً". وأوضح أنَّ التأثير يتفاوت بين المواقع والمنتجات المختلفة، لكن "يبدو أنَّ الموضوع عموماً يتلخَّص في أنَّ الوظائف ذات ظروف العمل الأقل قبولاً، هي في الواقع التي نعاني نقصاً لشغلها".

نقص الأغذية
تشير المعطيات إلى أنَّ نقص العمالة يكبح الإمدادات، فقد أبلغ موزِّعو الجملة في الولايات المتحدة، مثل "سيسكو كورب"، و"يونايتد ناتشورال فودز" عن تأخيرات وبطء في إنتاج أصناف تتراوح من لحم الخنزير المقدَّد والجبن، إلى ماء جوز الهند والتوابل. وفي المملكة المتحدة، تنفِّذ السلع الاستهلاكية الأساسية مثل الخبز والدجاج من بعض المتاجر، في حين نفد الحليب المخفوق من "ماكدونالدز" في أغسطس الماضي.

تعليقاً على الأمر، قال باتريك كريتسر، الرئيس التنفيذي لجمعية "تيلاموك كاونتي كريمري": "لدينا وظائف جيدة شاغرة، بأجور عائلية جيدة، ومع ذلك؛ فإنَّ عملية التوظيف تجري بصعوبة بالغة، ونواجه مشاكل في شغل هذه الوظائف".

وكانت الجمعية التعاونية المخصصة لمنتجات الألبان، التي تتخذ من أوريغون مقرَّاً لها، تواجه نقصاً شديداً في أعداد العاملين لدرجة أنَّ أحد أعضاء مجلس الإدارة اضطر لترك أحد الاجتماعات التشغيلية للمساعدة في الحقول.

يؤثِّر نقص العمالة على المزارع، ومصانع المعالجة والمطاعم على حد سواء، فقد فقدت ماليزيا، المُنتج الثاني لزيت النخيل في العالم، حوالي 30% من الإنتاج المحتمل لهذا الزيت المستخدم في كل شيء من الشوكولاتة إلى السمن النباتي. وانخفض إنتاج الروبيان في جنوب فيتنام، وهي أحد أكبر المصدرين له في العالم، بنسبة تتراوح بين 60% إلى 70% عمَّا كان عليه قبل الوباء. كما انخفض إنتاج الطماطم في جنوب إيطاليا بمقدار الخُمس هذا العام بسبب الحرارة الشديدة، ووسائل النقل المعطَّلة، وفقاً للاتحاد الإيطالي للمزارعين (CIA).

يقول ميشيل فيراندينو، مزارع في مدينة فوجيا الإيطالية: "أعمل في هذا المجال منذ ثمانينيات القرن الماضي، لكنني لم أر قط وضعاً كهذا". وأضاف: "الطماطم سلع قابلة للتلف بشكل كبير، ومع ذلك؛ لم تكن هناك شاحنات تكفي لنقل المحصول إلى أماكن المعالجة خلال الأيام الحاسمة للحصاد".

كذلك، أجبرت عمليات التسليم الملغاة أو المتأخرة مزارعي الألبان البريطانيين، مثل مايك كينغ في جنوب غلوسترشير بإنجلترا على التخلص من الحليب، الذي كان بالمقابل، ينفذ من المتاجر. وتشير تقديرات كينغ إلى أنَّه فقد حوالي 20 ألف لتر (5283 غالوناً) من الحليب، كما يقول، إنَّ بعض المزارعين لجأوا إلى حلب ماشيتهم بوتيرة أقل بسبب نقص الموظفين.

طلب متزايد وعوائق كثيرة
عللى الرغم من إعادة فتح المطاعم والشركات الأخرى في الولايات المتحدة، وأجزاء من أوروبا، والتي تسبَّبت في زيادة الطلب على سلع مثل اللحوم والمشروبات؛ فإنَّ انتشار سلالة "دلتا" في أماكن مثل جنوب شرق آسيا، يكبح الإنتاج الأولي.

كذلك، ما تزال التأثيرات الوبائية الأخرى التي طال أمدها تسبب المشاكل أيضاً، إذ يستمر الوباء في التفشي في مصانع معالجة اللحوم والأسماك، وبالتالي؛ تُفرض عمليات إغلاق مؤقتة عليها، فضلاً عن أنَّ القيود الحدودية في البلدان من المملكة المتحدة إلى تايلاند تحدُّ من إمدادات العمال المهاجرين.

وفي بعض الأماكن، يتفاقم الصراع على الموظفين بسبب قضايا محلية، مثل ظروف الأعمال الزراعية الصعبة والخطيرة الناجمة عن موجة الحر القياسية في الولايات المتحدة، أو الاضطرابات المتعلِّقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وظائف صعبة
نتيجة لذلك؛ فإنَّ أرباب العمل يواجهون عقبة أخرى، تتمثَّل في توافر الكثير من الخيارات أمام العمال.

يقول والكر، من "مجموعة بوسطن" الاستشارية، إنَّ الاقتصاد الحالي يخلق "خياراً ربما لم يكن موجوداً في الماضي". وأشار إلى أنَّه عندما "يعاني العالم بأسره من نقص في عدد الموظفين"، يصبح شغل الوظائف الأقل جاذبية أكثر صعوبة.

بالتأكيد، يمكن أن يكون التوظيف في سلسلة التوريد الغذائية صعباً، وسواء كان الأمر يتعلَّق بحصاد الفراولة، أو العمل غير الآمن في المسالخ، أو في بيئة مطابخ الطعام سريعة الإيقاع وعالية الضغط؛ فإنَّ العديد من هذه الوظائف لديها جوانب سلبية سواء كانت ضغوطات جسدية، أو كونها وظائف قصيرة الأجل، أو منخفضة الأجر، أو حتى يجمع بعضها مزيجاً من العناصر الثلاثة.

ومع توافر المزيد من الوظائف؛ فإنَّ العمال الأستراليين الذين ربما استقروا سابقاً في وظائف مصانع معالجة اللحوم في المناطق منخفضة الكثافة السكانية، بات بإمكانهم الآن العمل في المدن الأكثر ازدحاماً. ويمكن للعديد من مواطني الاتحاد الأوروبي، الذين كانوا يسافرون عادةً إلى المملكة المتحدة للعمل في المزارع، أو في عمليات النقل أو تقديم القهوة، اختيار البقاء في بلدانهم الأصلية أو في القارة، كما يمكن للعمال الأمريكيين الذين عانوا من ارتفاع درجات الحرارة في الحقول، اختيار العمل في المتاجر ذات التصاميم الداخلية الرائعة بدلاً من ذلك.


وأوضح: "هي وظيفة تتطلَّب مجهوداً بدنياً. أنت تجمع الفاكهة وتحملها إلى أعلى وأسفل السلالم، لذلك؛ إذا كان البديل المتاح أمامك هو الضغط على أزرار ماكينة صندوق المحاسبة؛ فإنَّ هذا قد يبدو أكثر جاذبية".

أجور أعلى
من شأن الأجور والامتيازات المرتفعة أن تؤدي إلى تحسين الصفقة بالنسبة للعمّال، فقد رفعت شركة "شيبوتل مكسيكيان غريل" مؤخراً أسعار قوائم الطعام في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 4%، بعد زيادة متوسط الأجور فيها إلى 15 دولاراً في الساعة، في حين تقدِّم الشركة مكافأة تحويل مكان العمل، لمساعدتها على إتمام عمليات التوظيف في كندا.

وقال مسؤول بشركة "شيبوتل مكسيكيان"، إنَّ العاملين في معالجة لحوم الخنزير لدى شركة "سميثفيلد فودز" في ساوث داكوتا يحصلون على هدايا مجانية، مثل: ساعات "أبل"، أو أجهزة "أيباد" بمجرد إكمالهم أول الأيام الستين في العمل.

في الوقت نفسه، قال دانييلي دي مارتينو، الرئيس التنفيذي لسلسلة مطاعم البيتزا "روسوبومودورو" العاملة في أوروبا، إنَّ شركته اضطرت إلى زيادة الأجور الأساسية للعمال بنسبة 50% في لندن.

ومع ذلك؛ فإنَّ المال قد لا يكون كافياً في كثير من الأحيان، فالعمال يطالبون على نحو متزايد بحماية أكبر من الوباء، فضلاً عن زيادة في الأجور، بحسب صني فيرغيز، الرئيس التنفيذي لعملاق التجارة الزراعية "أولام إنترناشونال".

وبالرغم من التقدُّم الكبير الذي أحرزته شركات تعبئة اللحوم في مجال السلامة منذ العام الماضي؛ فإنَّهم يواجهون الآن متغير "دلتا"، وهو الأمر الذي أدى إلى تباطؤ نقل الماشية عبر مسالخ عملاق اللحوم "تايسون فودز".

وفي مكالمة مع المستثمرين الشهر الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة "تايسون فودز"، دوني كينغ: "كنَّا نسلك مساراً جيداً، ثم ظهر متغير "دلتا" الذي قادنا لاتخاذ خطوة إلى الوراء. بشكل أساسي، يستغرق الأمر ستة أيام لتسجيل خمسة أيام من العمل المثمر".

التوزيع الجغرافي
وعادةً، لا يحدث نقص العمالة في كل مكان، كما أنَّ آثاره لا تكون موزعة بالتساوي، فمعظم مناطق قارة أوروبا لم تشعر بالنقص الحاد نفسه الذي عانت منه المملكة المتحدة، فقد أدى خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي إلى تقييد تدفُّق عمال الاتحاد الأوروبي. ولم تتأثر الصين إلى حدٍّ كبير، وكذلك الهند أيضاً، فبالرغم من أنَّ التضخم

ما يزال يشكَّل مصدر قلق، إلا أنَّ العمالة وفيرة، ولم تتأثر الزراعة هناك بالقيود الوبائية المفروضة غالباً.

في أماكن أخرى، لا يشكِّل نقص العمال سوى مشكلة من عدَّة مشكلات تواجه النظام البيئي الغذائي في العالم، فقد أثَّر الطقس المتطرِّف من البرازيل إلى فرنسا على المحاصيل. كذلك، تسبَّب ارتفاع أسعار المحاصيل في ارتفاع أسعار تغذية الماشية، وبالتالي؛ ارتفاع أسعار اللحوم.

في الوقت نفسه، ارتفعت تكاليف النقل بشكل كبير بسبب ارتفاع الطلب، ونقص الحاويات، واكتظاظ الموانئ، ولم يكن الإغلاق الجزئي المؤقت في ميناء نينغبو-تشوشان الصيني، ثالث أكثر موانئ الشحن ازدحاماً في العالم، عاملاً مساعداً في التخلُّص من هذه الاضطرابات.

ومع ذلك؛ فإنَّ نقص العمالة يهدد بزيادة التكاليف، سواء من خلال زيادة الأجور أو نقص المعروض.

ومن المؤكَّد أنَّ هذه المشكلة لن تختفي عند انتهاء الوباء، فقد ظلت نسبة العمّال في قطاع الزراعة تتراجع لعقود من الزمن، بالتزامن مع التحول إلى المدن والقطاعات الخدمية الأخرى، وكان التوظيف في بعض الوظائف الشاغرة، يعدُّ عملية صعبة حتى قبل "كوفيد" بوقت طويل. وهذه التغييرات الدائمة في سوق العمل تتطلَّب حلولاً تكنولوجية، مع العلم أنَّ الاستثمار في التشغيل الآلي والروبوتات قد تسارع خلال الوباء.
ز
التشغيل الآلي
في الولايات المتحدة، تحلُّ الآلات مثل الجرارات الزراعية الآلية، وأجهزة حلب الماشية، وآلات زراعة الجزر، محلَّ العمالة البشرية. وفي الوقت نفسه، يقوم مزارعو المملكة المتحدة بتجربة الروبوتات في حصاد الفراولة، أو الخس، أو البروكلي.

كذلك، ساعدت أدوات الحصاد مزارعي البن البرازيلي "روبوستا" على الحدِّ من الاعتماد على العمالة اليدوية إلى خُمس العدد المطلوب، مقارنةً مع بضعة أعوام قبل ذلك فقط، بحسب إديميلسون كاليغاري، المدير العام في الشركة التعاونية "كوابريل"، ومقرُّها إسبيريتو سانتو. فبرغم أنَّ نقص العمالة في البلاد أطال فترة الحصاد، إلا أنَّ التكنولوجيا خفَّضت تأثير هذا النقص، بحسب ما أوضح كاليغاري.

ومع ذلك؛ فإنَّ الأمر سيستغرق أعواماً قبل أن يتجه المزارعون حقاً إلى الروبوتات، بحسب ما قالت سيندي فان رايسويك، كبيرة المحللين في "رابوبانك" في أوتريخت والمتخصصة في مجال البستنة.

ختاماً، أوضحت فان رايسويك: "في النهاية، يجب أن ترتفع أسعار المواد الغذائية لتعويض العمال بطريقة أفضل، ولإيجاد الحلول"، وتابعت: "هم يكلفون الأموال فقط، ونحن بحاجة إلى أن نكون على استعداد لدفع ذلك".
 
(بلومبيرغ)
المصدر: 24 - بلومبيرغ
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك