أظهرت دراسة دنماركية، أن الأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية أو يفتقرون إلى الدعم الاجتماعي يواجهون خطر الإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض.
وحللت الدراسة، التي نشرت في مجلة "علم الأوبئة والعلوم النفسية"، بيانات لنحو 163 ألف مشارك، من خلال استبيانات أجريت في عامي 2013 و2017، في 4 مناطق دنماركية.
ووجدت أن الأشخاص الذين يعانون انقطاعا اجتماعيا، كانوا أكثر عرضة للإصابة بجميع الفئات الطبية الـ11، التي تم تتبعها في الدراسة، التي كان متوسط أعمار المشاركين فيها 48 عامًا، وكانت النسبة الأكبر منهم من النساء.
وبحسب الدراسة، كان لدى الأفراد الذين يعانون انقطاعا اجتماعيا خطر أكبر بمرتين ونصف تقريبًا من الإصابة باضطراب نفسي مقارنة بالأشخاص الذين يمتلكون روابط اجتماعية قوية، مبينة وجود مخاطر مرتفعة في حالات صحية أخرى، رغم تفاوت درجاتها.
وقادت الدراسة ليزبث مولغارد لاوستسن وفريقها، الذين سعوا لتوضيح التأثيرات الصحية الأوسع للعزلة الاجتماعية باستخدام بيانات من المسح الوطني الصحي الدنماركي.
وجرى قياس الانقطاع الاجتماعي باستخدام 3 مؤشرات، أحدها مقياس للعزلة الاجتماعية مؤلف من 3 بنود، وآخر من 4 بنود، إلى جانب تقييم فردي للدعم العاطفي، عبر طرح سؤال مفاده: "هل لديك شخص تتحدث إليه إذا واجهت مشاكل أو احتجت إلى الدعم؟".
وقام الباحثون بإنشاء مؤشر مركب لقياس مستوى العزلة الاجتماعية بشكل عام، حيثُ تم ربط الإجابات بسجلات الصحة الوطنية، التي تتبع التشخيصات في المستشفيات، العيادات الخارجية، وأقسام الطوارئ.
وركز التحليل على 11 فئة من الحالات الطبية، شملت: الاضطرابات النفسية، والخرف، وأمراض
القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الغدد الصماء، والحالات الرئوية، وأمراض الجهاز الهضمي، والحالات البولية، والأمراض العضلية الهيكلية، والأمراض الدموية، والاضطرابات العصبية، والسرطان.
وأظهر المشاركون الذين أبلغوا عن مستويات عالية من العزلة الاجتماعية احتمالًا أكبر للإصابة بجميع الفئات الـ 11 من الحالات الطبية، وكان أكبر خطر تم ملاحظته في الاضطرابات النفسية، بينما كانت أقل علاقة تظهر مع السرطان، حيث كانت النتائج مختلطة وأحيانًا تشير إلى انخفاض طفيف في الخطر.
وبيّنت الدراسة أنه عندما تم فحص العزلة الاجتماعية بمفردها، كانت النتائج أقل اتساقًا، وكان الأفراد المعزولون لا يزالون في خطر
مرتفع للإصابة بالاضطرابات النفسية، لكنهم لم يظهروا
زيادة في خطر بعض الحالات، مثل الأمراض العضلية الهيكلية أو الدموية، وكان لديهم خطر أقل قليلاً من الإصابة بالحالات العصبية.
وأكدت الدراسة أن الدعم الاجتماعي يلعب دورًا مهمًا في التعامل مع الأمراض، إلا أن الانقطاع الاجتماعي نفسه قد يكون عاملًا مساهماً في بداية المرض، وليس مجرد نتيجة له.
وقال المؤلفون: "توسع نتائجنا الأدلة الحالية التي تربط الانقطاع الاجتماعي بزيادة مخاطر الإصابة بالاضطرابات النفسية والخرف وأمراض
القلب والأوعية الدموية والأمراض العضلية الهيكلية".
وأضافوا: "تشير نتائجنا إلى أن العزلة الاجتماعية هي عامل أقوى في تحديد الحالات الطبية اللاحقة مقارنة بالعزلة الاجتماعية ونقص الدعم الاجتماعي".
وأشار المؤلفون إلى أن الطبيعة الملاحظة للدراسة لا تسمح بتحديد ما إذا كان الانقطاع الاجتماعي يؤدي إلى الأمراض أو إذا كانت الحالات الصحية تساهم في الانسحاب الاجتماعي، محذرين من "استنتاجات سببية".