هل تعرف شخصاً لا يمرض؟ يبدو الأمر مستحيلاً، لكن العلم يؤكد أن قوة الأفكار والعقل تلعب دوراً كبيراً في تجنّب الأمراض ومحاربة أعراضها.
في دراسة أميركية، تطوع أكثر من ألف شخص للإصابة بفيروس الانفلونزا، حتى يراقب الباحثون أعراضهم خلال أول خمسة أيام من المرض، حيث كشفت النتائج بشكل قاطع أن الأشخاص ذوو النظرة الإيجابية في الحياة أقل عرضة للإصابة بأعراض البرد بمقدار ثلاث مرات من ذوي النظرة السلبية والمتشائمين.
وخلصت دراسات أميركية إلى فعالية قوة العقل الإيجابي كوسيلة لتقليل الشعور بالألم، بحيث يتحمّل البعض الخضوع لعمليات الأسنان من دون تخدير.
في دراسة بريطانية تتبّع علماء النفس حياة موظفين منذ عمر 20 - 30 عاماً، للكشف عن شخصياتهم وتأثيرها في صحتهم، ليجدوا أن الإيجابيين والسعداء يعيشون من 7 إلى 10 سنوات أطول من الأكثر سلبية والمتشائمين.
وفي دراسة أجرتها البروفسيورة د. لورا كوبزانسكي مديرة مركز الصحة والسعادة في كلية هارفارد الطبية، تضمنت أكثر من 70 ألف ممرضة، تبيّن أن الأكثر تفاؤلاً تطور أعمارهم بنسبة 15 % تقريباً عن الأقل تفاؤلاً. وعلقت على هذه الظاهرة، قائلة: "قد يرجع ذلك جزئياً إلى أن الإيجابيين يميلون إلى ممارسة الرياضة وتفادي التدخين، كما أنهم أفضل في التعامل مع التوتر، ما يقلل لديهم العمليات الكيماوية التي ترتبط بالتوتر والإجهاد النفسي كارتفاع هرمونات التوتر ومواد الأكسدة والعمليات الالتهابية".
السلبية تعطل الذكريات
وأشارت دراسة إلى أن الإجهاد النفسي والتوتر المستمر لفترة طويلة يسببان آثاراً سلبية متعددة وضارة جداً للجسم، حيث يستمر إفراز هرمونات وكيماويات التوتر ومضادات الأكسدة مع شيخوخة الخلايا إضافة إلى شد العضلات وإجهاد الأعضاء الداخلية، بل والتآكل العام.
كما بينت دراسة أن تراكم هرمونات التوتر، خاصة الكورتيزول، يقلل كفاءة الحفظ ويعطل تخزين الذكريات أثناء النوم. وربطت دراسات بين الاكتئاب واختلال بيئة ميكروبات الأمعاء (الميكروبيوم) باتجاه يزيد فرصة الإصابة باضطرابات هضمية وأيضية، خاصة السمنة.
اضحك من أجل صحتك
إن لم تكن ضحوكاً، فابدأ بذلك، للمحافظة على صحتك، ففي إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من أربعة آلاف بريطاني، وجد أن الذين يظهرون درجات أكبر من الضحك لديهم تيلوميرات أقصر.
وفي المقابل، فحصت إليزابيث تيلوميرات أمهات يعتنين بأطفال مصابين بأمراض خطرة، ووجدت أنه كلما طالت مدة الضغط النفسي على الأمهات وزاد تشاؤمهن كانت تيلوميراتهن أقصر، مضيفة: "التعرض للضغط النفسي والإرهاق يسبب ارتفاعاً في مستوى هرمون الكورتيزول الذي له تأثير مثبط لإنزيم تيلوميراز. لكن الخبر السار أنه يمكن تعزيز مستوى التيلوميراز، ففي إحدى الدراسات، قضى 30 متطوعاً ثلاثة أشهر خلوة في كولورادو، يتأملون 6 ساعات يومياً. وتبين بأن ذلك ساهم في تضاعف مستوى إنزيم تيلوميراز بمقدار الثلث، مقارنة بمستواه قبل الخلوة. لذا، فالإحساس بالاسترخاء والرفاهية وأي شيء يزيد الشعور بالراحة من المرجح أن يكون له التأثير نفسه".
تأثير الدواء الوهمي
أكبر إثبات على تأثير عقولنا على أجسادنا ما وثقته دراسات قيّمت فعالية أدوية وهمية لتكتشف فعاليتها في علاج أمراض، مثل الصداع ونزلات البرد والآلام، وحتى السرطان، فقد اعتقد المرضى بأنهم خضعوا لعملية جراحية كاملة بينما هم في الواقع خضعوا لشق في الجلد فقط أو إجراء بسيط، وأشار معظهم إلى تحسنه كثيراً بعد العملية، وكأن الجراحة الوهمية كانت فعالة مثل الجراحة الحقيقية. ووجد الباحثون أن الدواء الوهمي له دور علاجي.