لا يتأمل اللبنانيون الكثير من جلسة اللجان النيابية المشتركة التي تعقد اليوم بدعوة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري لدرس ثمانية اقتراحات أبرزها اقتراح القانون الرامي إلى فتح اعتماد في موازنة عام 2022 بقيمة 1500 مليار ليرة لتغطية نفقات إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية المقدم من النائب علي حسن خليل. فالقوى السياسية الاساسية ليست متحمسة لهذا الاستحقاق الذي يفترض ان يجري في ايار المقبل على مدى اربعة اسابيع، بعدما اعلن وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي في اذار الماضي الجهوزية التامة لدى الوزارة لإجراء الانتخابات محددا مواعيدها الرسمية، إذ تنطلق في السابع من ايار في محافظتي الشمال وعكار، وفي الـ 14 من الشهر ذاته في محافظة جبل لبنان، وفي الـ 21 في محافظتي بيروت والبقاع، وفي الـ 28 في الجنوب.
لن تتوصل اللجان المشتركة الى اتفاق حول اقتراح خليل، وسط رفض كتل الجمهورية القوية ولبنان القوي والكتائب عقد اي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية واعتبارها أن الاجوبة عن التمويل ليست في البرلمان انما في السراي ، علما ان المفارقة تكمن في ان التيار الوطني الحر لا يمانع التمديد للمجالس البلدية ومستعد للنزول إلى البرلمان وتأمين النصاب على عكس القوات والكتائب.
العميد في الجامعة الدولية للأعمال في Strasbourg الدكتور بول مرقص يقول لـ"لبنان24": تواجه الانتخابات البلدية المقبلة عقبات عدّة ، أوّلها العقبات المالية حيث لم يتم تأمين حتى الآن اعتمادات مالية لإجراء الانتخابات، مما يتطلّب الأمر أن تتقدّم الحكومة من مجلس النواب بطلب فتح الاعتمادات اللازمة والتي يجب عندها أن تصدر بموجب قانون. وهو الأمر الذي يتعارض مع أحكام الدستور في ظلّ الشغور الرئاسي، حيث أنه وفقاً للمادة /75/ من الدستور التي يجب أن تُقرأ في ضوء مجمل أحكام الدستور، وهذا ما يسمّى interprétation dans l’ensemble ولا تُقراً بذاتها فقط، لا يجوز لمجلس النواب الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية التشريع، بل عليه المواظبة حالاً لانتخاب الرئيس، وهذا ما لم يفعله، ولذلك فإنه يستعصي على المجلس النيابي التشريع في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية. إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يجد ربما تفسيراً مختلفاً، وهو كناية عن قراءة نصيّة لهذه المادة بعينها، ويعتبر أن المجلس ليس ملتئماً لانتخاب الرئيس راهناً وبالتالي يستعيد صلاحياته الأساسية من تشريع ورقابة وسواهما عملا بقاعدة أن القيود على سلطة المجلس تفسّر حصراً، ويستطيع بالتالي التشريع المالي أو التشريع لتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية على سبيل استثنائي طالما هو ليس ملتئماً. ويمكن اجراء الانتخابات البلدية ولو بغياب الرئيس وهناك سابقة في عام 2016 حين جرت هذه الانتخابات في ظلّ شغور رئاسي انذاك في عهد حكومة تمام سلام، فأجريت الانتخابات حسب الاصول وشكّلت مجالس بلدية واختيارية.
وقد أكّد وزير الداخلية في بيان له أن الاعتمادات للانتخابات مؤمنة من حقوق السحب الخاصة بلبنان أو من قبل تمويل خارجي من الـUNDP، وتجدر الإشارة، بحسب مرقص ،الموجود في واشنطن، إلى أن صلاحية قبول الهبات أيا كانت سواء أكانت أموالاً منقولة أو ثابتة أو نقدية أو سوى ذلك من الحقوق باسم الدولة تنحصر بمجلس الوزراء الذي يقرر بمرسوم قبول الهبات وإنفاقها وفق السياسة العامة التي يرسمها للدولة، عملاً بالمادة 52 من قانون المحاسبة العمومية. ويؤكد مرقص انه لا يجدر بالعائق المالي أن يشكل وحده عقبة أمام عدم إجراء الانتخابات في موعدها القانوني. ولوجيستيا، تحتاج العملية الانتخابية الى عدد كبير من الموظفين العامين فضلًا عن قضاة للجان القيد، وهو أمر من غير المضمون تأمينه في ظل الإضرابات المستمرة في القطاع العام نتيجة تدني قيمة رواتب وأجور الموظفين التي بالكاد تغطي كلفة التنقل إلى مراكز الاقتراع والفرز، يقول مرقص.
ربطا بكل ما تقدم ، الاكيد هو غياب الإرادة السياسية لبعض الأحزاب لإجراء الانتخاب قريباً، فحزب الله وكما تقول مصادره لـ"لبنان 24" يشكك في اجراء هذه الانتخابات، لقناعته ان الادارة المعنية غير جاهزة لإنجاز الانتخابات البلدية والاختياريّة وفق القواعد والضوابط الضامنة لنجاحها وسلامتها، علما انه على اتم الجهوزية لخوض هذا الاستحقاق، حيث بدأ مسؤولو العمل البلدي في الحزب اجتماعاتهم مع مسؤولي حركة امل استعدادا لذلك تحت عنوان الاستقرار الاجتماعي من دون اقصاء احد. وليس بعيدا فإن حركة امل تترقب ما ستؤول اليه جلسة اللجان النيابية اليوم والتي سوف تظهر حقيقة المواقف من الاستحقاق البلدي، معتبرة، وفق مصادرها لـ"لبنان24" ان من سيعطل اقرار اقتراح النائب خليل، يعني انه لا يريد اجراء هذه الانتخابات التي تشدد المصادر على ضرورة اخد مجمل الأوضاع الداخلية للمؤسسات والأجهزة المعنية وصعوبة ما تعانيه بعين الاعتبار ليبنى على الشيء مقتضاه
تساؤلات الثنائي حيال الجهوزية الادارية لاجراء الانتخابات البلدية يتقاطع معها التيار الوطني الحر الذي يطرح اسئلة ينتظر من وزير الداخلية الاجابة عنها اليوم وتتصل بالتمويل المطلوب وجهوزية القضاة والاساتذة في المشاركة بهذه العملية الانتخابية.
في المقابل، يستغرب رئيس حزب القوات سمير جعجع كيف ينبري البعض ويدعو الى وجوب تأمين التمويل للانتخابات البلدية من خلال اقتراح قانون أو ميزانية إضافية يقرها مجلس النواب في جلسة تشريعية ، الأمر الذي يؤكد أن هذا البعض لا يريد إجراء هذا الإستحقاق، ويعتبر ان الحكومة تستطيع بمرسوم عادي صرف بضعة ملايين من الدّولارات من حقوق السّحب الخاصّة لإجراء الانتخابات البلديّة،
امام كل ذلك، الامور اليوم شبه محسومة لناحية تطيير جلسة اللجان المشتركة او اسقاط اقتراح خليل، وهذا يعني ان لا انتخابات بلدية وان التمديد سيحصل لا محالة، الا ان ثمة من يعتبر ان ثمة مشكلة سوف تعترض طريق التمديد وتتمثل بمواقف المعارضة وقوى التغيير التي ليست على استعداد للمشاركة في اي جلسة تمديد للمجالس البلدية، ومع ذلك يمكن التفاهم على حل يقضي بالتمديد ثلاثة أشهر فقط.