زحمة تطورات إقليمية ودولية لم ترخ بظلالها بعد على المشهد اللبناني، فالغموض يكتنف مدى تبعات المستجدات الخارجية على إيجاد الحلول للأزمات السياسية والاقتصادية وإنجاز الاستحقاقات الدستورية. لذلك بات بحكم المؤجل موعد جلسة 15 حزيران الانتخابية. فرئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس في وارد الدعوة إلى أي جلسة طالما أن لا مستجد جديدا يفرض نفسه على المشهد السياسي، ولذلك فهو لن يحدد أي موعد لجلسة ستكون كسابقاتها لا سيما وان التنافس الحقيقي لن يكون حاضراً.
وتقول مصادر في حركة امل لـ"لبنان24" إن بري من دعاة العمل على توفير مناخات التوافق وإزالة العوائق امام انتخاب رئيس يوحد اللبنانيين ويلتزم تنفيذ ما لم يطبق من اتفاق الطائف وقادر على استعادة الثقة العربية والدولية بلبنان، ويستطيع تسخير علاقته مع سوريا لمصلحة لبنان وبناء حوار لحل مسألة النازحين. ويعتبر ان هذه المواصفات تنطبق على رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي يبدو ان حزب الله اسوة بالرئيس بري يزداد تمسكاً به لا سيما بعد ذهاب الفريق الاخر إلى التداول باسم الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية.
إذن يرفض حزب الله مرشح مناورة مهمته مواجهة ترشيح من دعمه وإسقاطه. وفي هذا السياق اتت تغريدة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم التي جاء فيها "يحاول المتعارضون على البرامج والسياسات الاتفاق لمواجهة فرنجية، وبالكاد يجتمعون على واحد من لائحة فيها ستة عشر مرشحاً". واضاف معيار الرئيس المسيحي الوطني الجامع أفضل للبنان من رئيسٍ للمواجهة بخلفية طائفية، قائلاً :منذ البداية انطلق ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه من عدد وازن وهو إلى زيادة.
ما تقدم يؤكد أن حزب الله ليس في وارد الدخول في تسوية مع الفريق الاخر، وأن محاولات البعض الذهاب إلى رفع السقوف لاستدراج عروض خارج اسم فرنجية ليست الا مضيعة للوقت، وفق ما تقول مصادر مقربة من حزب الله لـ"لبنان24"، مشيرة إلى أن الحزب قال كلمته ودعا الافرقاء للحوار انطلاقاً من دعم ترشيح فرنجية، وهو لا يزال ينتظر أن لا يذهب حليفه إلى تبني خيار مواجهة، لافتة إلى ان لا لقاء قريب بين الحزب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وملمحة إلى ان الاخير حاول أمس طمأنة الحزب بأنه لا يتبنى أزعور، إلا ان الامور تبقى في خواتيمها. ورجحت المصادر ان لا تحصل اي جلسة لانتخاب الرئيس قبل ضمان حصول فرنجية على أكثرية الأصوات.
في هذا الوقت، فإن المعارضة تحاول الضغط على باسيل لإعلان موقف رسمي من تبني ترشيح أزعور، الا أن رئيس التيار الوطني الحر لا يزال بحسب مصادر مقربة منه لـ"لبنان24" يتريث لا سيما وانه لا يريد الذهاب إلى خيار تحدي حزب الله، وتشير المصادر إلى أن الاتصالات مع قوى المعارضة مستمرة والأمور تحتاج إلى مزيد من التشاور والنقاش في ما خص آلية الانتخاب وتوفير العدد الكافي من الأصوات له والبرنامج السياسي.
وعلم "لبنان 24" ان نقاشات حادة شهدها ميرنا الشالوحي امس، لم يحد منها حضور الرئيس السابق ميشال عون، فالمعارضون لمقاربة باسيل لملف رئاسة الجمهورية جاهروا برفضهم الذهاب إلى ترشيح أزعور واصروا على ضرورة ترشيح نائب من لبنان القوي، إلا أن الأمور لم تصل إلى نتيجة.
وبناء على ما تقدم، لا تبشر المعطيات المتوافرة من قوى المعارضة والتغييريين والتيار الوطني الحر، باقتراب موعد ترشيح أزعور والذي كان يفترض أن يعلن أمس قبل لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الاليزية، وهذا يؤشر إلى أن التباين لا يزال سيد الموقف، هذا فضلا عن ان قوى التغيير لن تعلن اي موقف قبل أن يعلن حزبا القوات والكتائب والتيار الوطني الحر رسميا ما توصلوا اليه على مستوى ترشيح أزعور أو غيره لرئاسة الجمهورية، وهذا يعني أن احتمال ذهاب أزعور إلى سحب اسمه من التداول في الساعات المقبلة ليس مستبعداً، لا سيما وأنه لا يحبذ المماحكات السياسية مع الإشارة إلى أن بري كان دعاه خلال خلال "كزدورة" حديقة عين التينة الاسبوع الماضي ليروح يشوف طريقه، بحسب مصادر عين التينة.
وعليه، فإن البطريرك الراعي لم يحمل معه إلى باريس والفاتيكان أي تبني مسيحي لترشيح أزعور، فاسم الأخير هو ضمن سلة أسماء حملها الراعي معه إلى الاليزية التي لا تزال متمسكة بدعم فرنجية لرئاسة الجمهورية وتدعو إلى توافق داخلي حوله، كحال الفاتيكان التي لا تحبذ أي تفاهم مسيحي في وجه المكونات الأخرى إنما تدعو إلى توافق وطني على انتخاب الرئيس. وعليه فإن ماكرون بحسب مصادر فرنسية لـ"لبنان" لم يقدم أي التزام للبطريرك الماروني في ما خص الأسماء التي طرحها أو تجاه انتخاب رئيس يحظى بدعم الأكثرية المسيحية علما أنه كان مستمعا وصاغيا لما قاله الراعي.