من دون شكّ، شكّلت عمليّة إغتيال القائد البارز في "حزب الله" وسام الطويل، ضربة قويّة لـ"المقاومة الإسلاميّة" في لبنان، نظراً لخبراته الكبيرة في الميدان، وفي المعارك مع العدوّ الإسرائيليّ، وخصوصاً بعدما حُكِيَ أنّه كان العقل المُدبّر للهجوم على قاعدة "ميرون" الإسرائيليّة، التي فاجأت تل أبيب، وأتى تنفيذها إنتقاماً لمقتل صالح العاروري، المسؤول في حركة "حماس"، في الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت.
وبعد استشهاد الطويل، بدأ الحديث عن تأثير هذا الأمر على المعارك في جنوب لبنان، وعلى معنويات عناصر "حزب الله". ويقول محللون عسكريّون في هذا الصدد، إنّ "المقاومة" تمكنت يوم أمس، من إستهداف مقر قيادة المنطقة الشمالية التابع للجيش الإسرائيليّ، في مدينة صفد المحتلة، ردّاً على اغتيال العاروري والطويل، باستعمال المسيّرات الإنقضاضيّة، أيّ أنّ العمليّة كانت أكثر دقّة، واستُخدمت فيها وسائل متطوّرة لتنفيذ الهجوم، بينما خلال عمليّة "ميرون"، اكتفى "الحزب" بقصف القاعدة بالصواريخ.
ويعتبر المحللون العسكريّون، أنّ عمليّة "صفد" شكّلت إستمراراً لنهج "حزب الله"، بالردّ على الإعتداءات الإسرائيليّة، ولم يتأثّر الإعداد والتخطيط والتنفيذ للعمليّات ضدّ مواقع العدوّ، بغياب الطويل. ويُشير المحللون إلى أنّ خبرة عناصر "المقاومة" وقادتها كبيرة، وسبق وأنّ شاركوا في حربٍ طويلة عام 2006، مع إسرائيل، وكبّدوا العدوّ خسائر، ومنعوه من التوغّل داخل العمق اللبنانيّ. كذلك، يُضيفون أنّ "الحزب" دفع بمقاتليه إلى الميدان في سوريا، وعلى الحدود البقاعيّة، حيث خاضوا معارك ضدّ جبهة النصرة و"داعش"، إضافة إلى مشاركتهم في حرب اليمن، عن طريق تقديم الإستشارة للحوثيين.
ويقول المحللون العسكريّون في هذا الإطار، إنّ لعناصر "المقاومة" خبرات كبيرة، تتخطّى الجنوب وإسرائيل، وهناك قادة آخرون، غير الطويل، باستطاعتهم الإعداد والتخطيط لعمليّات كبيرة ضدّ الإسرائيليين. ويُتابعون أنّ إستهدافات "حزب الله" للمواقع الإسرائيليّة لم تتغيّر كمّاً ونوعاً، ولا يزال يستخدم الأسلحة عينها، من مدفعيّة وصواريخ ومسيّرات، وغيرها من الأسلحة المتوسّطة، في دلالة على أنّه يملك خبرات سمحت له بالمبادرة في الهجوم، وليس بالدفاع فقط.
ويلفت المحللون العسكريّون إلى أنّ "حزب الله" يستطيع مجاراة إسرائيل مهما طال عدوانها على غزة، إذ لديه الكادر البشريّ المطلوب، كما أنّ لديه مخزوناً كبيراً من الأسلحة، وخصوصاً الصواريخ البعيدة المدى، والتي تصل إلى العمق الإسرائيليّ.
ولا يبدو وفق المحللين أنّ "حزب الله" سيُصعّد بعد اغتيال الطويل، فسبق لأمينه العامّ السيّد حسن نصرالله أن أعلن، أنّ الردّ على استشهاد القيادات، أكانت من "المقاومة" في لبنان أو في فلسطين، سيكون في الميدان، عبر العمليّات المدروسة، التي تُكبدّ العدوّ الإسرائيليّ إصابات في صفوف جنوده، والعديد من القتلى.
ويقول المحللون العسكريّون في هذا السياق، إنّ "الحزب" بفضل قوّته وخبرة عناصره على الأرض، كذلك، عبر تعزيز ترسانته بأسلحة حديثة، مثل المسيّرات والصواريخ الدقيقة، فرض "قواعد إشتباك" على الجيش الإسرائيليّ، والأخير لا يستطيع الخروج عنها، لأنّه لا يستطيع فتح جبهة مع لبنان، وهو في الوقت عينه، لم يُحقّق أهدافه في غزة، توازيّاً، مع الضغوطات الغربيّة على الحكومة الإسرائيليّة، بوقف إطلاق النار وإنهاء ملف الأسرى والرهائن، وعدم المساهمة في توسّع رقعة الحرب إلى الدول المُجاورة.
وبحسب المحللين العسكريين، قد يعتقد الجيش الإسرائيليّ أنّه باغتياله الطويل أو العاروري، وجّه ضربة مُؤلمة لـ"حزب الله" و"حماس"، لكنّها غير كافية، إذ أنّ الإثنين لم يتوقفا عن إطلاق الصواريخ وصدّ قوّات العدوّ، واستهداف مواقعه، بينما الحكومة الإسرائيليّة تبدو مأزومة، لأنّها تُمارس وحشيّة غير مسبوقة في قصفها، وتتعرّض لانتقادات حادة من المنظمات المعنيّة بحقوق الإنسان، بينما لم تحدّ لا من قدرات الفصائل الفلسطينيّة في غزة، ولا من عزيمة "المقاومة الإسلاميّة" في لبنان.