يتمّ التداول بمقترح، يقضي بقيام الدول المعنيّة بالملف الرئاسيّ اللبنانيّ، وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأميركيّة، بإعطاء "حزب الله" موقع رئاسة الجمهوريّة، عبر دعم مرشّحه رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، في مقابل أنّ تُطبّق "المقاومة" القرار الدوليّ 1701، وينسحب مقاتلوها إلى شمال الليطاني، وفي الوقت عينه، العمل على إنهاء الإحتلال الإسرائيليّ للأراضي اللبنانيّة في الجنوب.
ورغم أنّ هذا الطرح يُعتبر مُغريّاً لـ"حزب الله" وحلفائه في لبنان، الذين لا يزالون بعد مرور أكثر من سنة على الشغور الرئاسيّ، يتمسّكون بفرنجيّة، إلّا أنّ هناك ملاحظات عديدة عليه. فتقول أوساط ممانعة في هذا الإطار، إنّه لا يُمكن القبول بتراجع "حزب الله" إلى ما وراء خطوط الإشتباك، إنّ استمرّ العدوّ الإسرائيليّ في حربه على حركة "حماس" في غزة، لذا، هناك حتّى الآن، رفضٌ لما يتمّ الترويج له في أروقة المفاوضات.
وفور دخول "حزب الله" الحرب، وفتحه جبهة الجنوب اللبنانيّ ضدّ إسرائيل، اتّهمت أوساط معارضة "الحزب"، بأنّه يُريد الحصول على مكاسب سياسيّة، إنّ فاز محور المقاومة على الجيش الإسرائيليّ. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ "الثنائيّ الشيعيّ" بنى كثيراً في المرحلة الأخيرة على صمود حلفائه في سوريا واليمن والعراق وفلسطين، وبعودة التقارب بين السعوديّة وإيران، وسعى من خلال ذلك، إلى تعزيز دوره في الحياة السياسيّة.
ومن شأن قبول "حزب الله" بصفقة الرئاسة في مقابل تطبيق الـ1701، أنّ يُحجّم دور "المقاومة" على أرض الجنوب، ويُبقي حركة "حماس" وحيدة في المعارك. وتُشير الأوساط الممانعة، إلى أنّها لن تدخل في أيّ نقاشٍ يتعلّق بإنهاء الحرب، إنّ لم تُوقف أوّلاً وأخيراً إسرائيل عدوانها على غزة. وتُتابع أنّه من الصعب أيضاً القبول بالمقايضة التي تُطرح، لأنّه من خلال تمسّكها بفرنجيّة، تُريد تعزيز دور "الحزب" وسلاحه، ووجوده في الخطوط الأماميّة، وإلّا لكانت قبلت بأحد المرشّحين الوسطيين.
وأبعد من "حزب الله" وفريق الثامن من آذار، تستعدّ المعارضة لهذا السيناريو، الذي ترى فيه أنّ الدول الغربيّة تعمل على تقويّة "حزب الله" في لبنان، بدلاً من تحجيم دوره، وتسأل: "ما الذي يدفع هذه البلدان إلى الثقة بـ"الحزب" الذي خرج عن أغلبيّة القرارات الداخليّة والدوليّة، وأبرزها الـ1701، وإعلان بعبدا؟".
وتُشدّد الأوساط المعارضة على أنّها لم تقبل بالأطر السياسيّة والدستوريّة بوصول مرشّح "حزب الله" إلى سدّة الرئاسة، وتُذكّر أنّها وقفت بقوّة بوجه المبادرة الفرنسيّة الأولى، حين كانت باريس تُريد إنهاء الملف الرئاسيّ بالمقايضة. وتُؤكّد أنّها لن تقبل بأيّ تسويّة دوليّة على حساب لبنان وسيادته. وتُضيف الأوساط أنّ الغرب يدّعي بهذه الطريقة أنّه يُعادي "الحزب"، بينما في الوقت عينه، يُساهم في نموّه محليّاً، على حساب الشعب اللبنانيّ، ومصالحه.
وبين الملاحظات التي تضعها المعارضة من جهّة، وفريق الممانعة من جهّة أخرى، تقول مصادر سياسيّة إنّه لا يُمكن تطبيق هذه المقايضة إنّ بَقِيت الحرب مشتعلة في غزة، فالقرار بعدم توسّع المعارك إلى الدول المُجاورة تتحمّل مسؤوليته تل أبيب بشكل مباشر، ومستقبل أيّ هدنة أو وقف إطلاق النار أو السلام، مرتبط بقرار الحكومة الإسرائيليّة بوقف الأعمال العسكريّة.
وتلفت هذه المصادر إلى أنّ العالم يتسابق نحو لبنان، لإبعاده عن الحرب، لأنّ هناك خشيّة حقيقيّة من ذهاب إسرائيل بعيداً في حربها على غزة، ورغبتها بالقضاء على "حماس"، لذا، وجدت أميركا أنّ هناك طرقاً أخرى لتحييد "حزب الله" عن المعارك، وأهمّها الإيعاز إلى الدول المعنيّة بلبنان بدعم فرنجيّة، والطلب من حلفائها النواب، أنّ يسيروا بهذا الطرح.
وتُتابع المصادر السياسيّة قولها، إنّ هناك كتلاً نيابيّة لا تزال تنتظر أيّ تسويّة خارجيّة، قد تعود إيجابيّاً على الملف الرئاسيّ، لتبني موقفها النهائيّ تجاه إنتخاب فرنجيّة أو عدمه، وفي مقدّمتها كتلة "اللقاء الديمقراطيّ"، إضافة إلى "الإعتدال الوطنيّ"، وبعض النواب المستقلّين.