Advertisement

لبنان

جو عيسى الخوري يقرأ في مداخلة فياض: الاشكالية تكمن في النظام وكيفية إدارة هذا الكيان

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
10-07-2024 | 03:00
A-
A+
Doc-P-1221077-638562005716649274.jpeg
Doc-P-1221077-638562005716649274.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا تزال الردود تتوالى على مداخلة النائب علي فياض عن موقع لبنان في النظام الإقليمي الجديد والتي ألقاها في مؤتمر "التجدد للوطن" الذي عقد في البيال قبل فترة، ما يسلط الضوء على الأهمية الفائقة لفتح الأبواب أمام حوار وطني بشأن القضايا الجوهرية التي تتصل بالاستقرار اللبناني وإعادة إنتاج تفاهمات وطنية.
Advertisement
الحلقة الخامسة: أمين عام جمعية "اتحاديون" ونائب رئيس الرابطة المارونية جو عيسى الخوري يناقش في مداخلة النائب علي فياض.
يقول عيسى الخوري: لا شك أن النائب فياض من الشخصيات التي يجب أن يتم الاستماع اليها ومناقشتها، فهو يمتلك مقاربة تهدف أولاً الى شرح خلفية موقف حزب الله وهواجس المجموعة الشيعية، وتهدف ثانياً الى الوصول لتوافق مع المجموعات اللبنانية الأخرى المكونة للبنان، والأهم أن فياض لا يمارس لغة التخوين، إنما يتفهم هواجس كل المجموعات، مع تأكيده أن المجموعة التي ينتمي إليها لديها هواجس على اللبنانيين الآخرين مقاربتها بجدّية.
المحاضرة التي ألقاها فياض في البيال تنقسم، وفق عيسى الخوري، إلى جزأين: جزء خارجي وجزء داخلي.
في الجزء الخارجي، اعتبر فياض أن البيئة الاقليمية تمر في مرحلة انتقالية لولادة نظام اقليمي قيد التشكل في ظل صعود جيواستراتيجي لـ"محور المقاومة" الذي يعاني في المقابل من ضعف جيواقتصادي، في حين أن الخريطة المجتمعية على المستوى الاقليمي "الجيو مجتمعي" تعاني من انقسامات خطيرة. ورأى أن المعالم الكبرى لهذا النظام الاقليمي تتلخص، بإسرائيل أكثر ضعفاً، والولايات المتحدة أقل قدرة على الإمساك بملفات المنطقة، وبمحور المقاومة أكثر فعالية.
لكن، بحسب عيسى الخوري ، هناك ملفات في الخارج لا يمتلك لبنان القدرة على التحكم بها او التأثير فيها، مع اعتباره أن اهمية المنطقة بالنسبة الى الولايات المتحدة كانت تتصل بمنابع النفط التي جعلت واشنطن تتمسك بإسرائيل كقاعدة عسكرية لكن منذ سبع سنوات تظهّرت استقلالية الولايات المتحدة في موضوع النفط بعد الاكتفاء الذاتي الذي أصبحت تتمتع به.
وفي المفهوم الجيو - استراتيجي العالمي هناك تنافس أميركي - صيني، علماً أن مقاربة إدارة الرئيس جو بايدن العسكرية تختلف عن مقاربة الرئيس السابق دونالد ترامب التجارية في العلاقات مع الدول التي على خصومة أو تنافس مع الولايات المتحدة. أما الطموح الروسي التاريخي فيبقى في الوصول الى المياه الدافئة وهذا يشكل العمق الاستراتيجي لموسكو أي أن طموح روسيا يبقى إقليميا وليس عالميا.
ويتابع عيسى الخوري قائلاً لن تتخلى الإدارة الاميركية عن وجودها في الشرق الاوسط لكن تعاطيها اليوم مع ايران مختلف عن المراحل السابقة، فواشنطن تتجنب أي مواجهة مباشرة مع طهران والعكس صحيح ايضاً، فالمباحثات بينهما مستمرة ولم تنقطع وتستضيفها عدة دول وهذا يعني أن ايران ستتمتع بدور في المنطقة، لكن ذلك لا يعني مطلقاً أفول الدور الأميركي، مع التأكيد أن البلوك الجيو- السياسي الذي يتقدم، وفق رؤية فياض، لا يمكن أن يستمر إذا لم يجد تفاهماً مع البلوك الاقتصادي القوي والذي يتمتع بقدرات والغني بالثروات. ولذلك لا بد من اتفاق ايران ودول الخليج المعنية بلبنان والعمل معا، إذ لا يمكن فصل الشقّين السياسي والاقتصادي عن بعضهما البعض.
في الجزء الداخلي: تضمنت مداخلة فياض الدعوة إلى التعاطي مع هواجس الطوائف: الهاجس الأساس عند الطائفة السنيّة هو حماية اتفاق الطائف الذي اعطى موقعاً متميزاً لرئيس الحكومة في البنية الدستورية، أما الهاجس الدرزي الاساسي، فهو حماية الدور في ظل التحولات والاضطرابات التي تخيم على لبنان والمنطقة. اما الهاجس المسيحي الأكبر فهو يتمثل بحماية الوجود واستعادة الدور والصلاحيات في ظل مشكلة التضاؤل الديموغرافي في حين أن الهاجس الشيعي هو حماية الوجود في مواجهة العدوانية الاسرائيلية، معتبراً أن الهاجسين السني والدرزي هما هاجسان سياسيان طبيعيان، أما الهاجسان المسيحي والشيعي فهما هاجسان وجوديان يستدعيان أدوات معالجة من خارج المنطق الطبيعي للدولة.
ويقول جو عيسى الخوري إن الجميع متفق على الكيان لكن الاشكالية تكمن في النظام وكيفية إدارة هذا الكيان. منذ العام 1943 حتى العام 1975 كانت القوى المسيحية هي التي تتحكم بالسلطة والقرار في البلد وأطلق على تلك المرحلة توصيف الحقبة المسيحية أو المارونية السياسية، في حين أن المجموعات اللبنانية الأخرى شعرت أنها مغبونة وعن حق. ومنذ العام 1990 حتى العام 2005 مر لبنان بحقبة السنية السياسية وشعرت المجموعات الأخرى أنها مغبونة وعن حق أيضا، ومنذ العام 2006 حتى اليوم يعيش لبنان حقبة الشيعية السياسية وهناك مجموعات لبنانية تشعر أنها مغبونة ومهمشة وعن حق أيضاً، وهذا كله يجعل الدولة ضعيفة لأن ملجأ اللبنانيين هو زعماؤهم واحزابهم الذين يدّعون حمايتهم من "اللبنانيين الآخرين".
 
في العام 1926 اسقط الفرنسيون علينا دستور الجمهورية الثالثة فاستوحى المعنيون منه يومذاك دستور لبنان، ولم يلتفت هؤلاء الى تركيبة هذا الوطن التعددية، وفي العام 1943 أضيفت تعديلات إلى الدستور لتلائم الطائفة السنية من دون الالتفات الى هواجس الشيعة والدروز، وفي العام 1990، استحوذ الشيعة على دور من خلال منحهم مواقع أساسية في الدولة لكن لم يعزز دور الدروز في النظام. المهم اليوم هو الاقتناع أن هناك أربع مجموعات تؤثر على هوية لبنان، وحسناً فعل فياض بكلامه عن أربعة هواجس درزية سنية مسيحية وشيعية، فدستور الطائف جرد الرئيس المسيحي من صلاحياته في السلطة التنفيذية لكنه لم يمنحها الى رئيس الحكومة إنما لمجلس الوزراء مجتمعاً فجرى تمييع السلطة التنفيذية، وهذا ما يفسّر مرور لبنان بأزمات دستورية متتالية. ومن جراء ذلك تعاظمت قوة سلطة مجلس النواب ولذلك يمكن القول ان دستور العام 1926 و دستور الطائف لا يناسبان بلداً متعدد الطوائف.
 
وبناء على ما جاء في مداخلة فياض، لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن عمق المجموعة السنية هو العالم العربي السني والدروز أيضاً يبحثون عن دور يؤمنه لهم الدستور أو النظام ولذلك هاجسهما سياسي، في حين أن هاجس المسيحيين عندما تم إنشاء لبنان الكبير الذي نتمسك به، كان بناء بلد يحميهم سياسياً وكان لديهم أيضاً هواجس اقتصادية وامنية لذلك ذهبوا الى وضع نظام سياسي رئاسي وهذا أول خطأ ارتكب في دستور العام 1926، حيث كان من المفترض أن يكون لدى اللبنانيين دستور لا مركزي لبلد تعددي. كل ذلك يؤكد أن هاجس المسيحيين هو وجودي لأنهم اقلية في المنطقة وعددهم في لبنان اليوم لا يتجاوز ال 31 في المئة ولذلك يركزون على اهمية المناصفة بعيدا عن العد فعامل الديموغرافيا اسوة بدورهم يقلق راحتهم في هذا البلد. ويبقى أن الهاجس الشيعي ليس مرتبطاً فقط بإسرائيل إنما أيضاً بالتنافس التاريخي السني – الشيعي، فالشيعة كانوا يصنفون أقلية من قبل السنة، ولذلك تعتبر المجموعة الشيعية أن السلاح يشكل ضمانة سياسية لها أمام المجموعة السنية للمحافظة على دورها في النظام ويشكل ضمانة عسكرية لها في وجه إسرائيل لأنه يشكل رادعاً لها.
 
 
والأكيد أن المجموعات الأربعة يجب أن تتحاوز وتتناقش بعيداً عن الثنائيات وإن كان التشنج الكبير اليوم هو بين المسيحيين والشيعة ،فيجب الدفع قدماً نحو إنهاء هذا التوتر والاستفادة من المشهد الاقليمي ومقاربة دول المنطقة لمصالحها رغم كل التصادم الذي يسود علاقاتها. فمن أجل النجاح في وضع نظام يحافظ على خصوصيات المجموعات المكونة للبلد واحترامها يجب أن تتحاور هذه المجموعات، فدساتير 1926 ،1943 ،1990 استوردت مسوداتها من الخارج في حين أن الدستور يجب أن يكون مرآة لواقع البلد ومكوناته. ولذلك من المهم أن تجلس شخصيات منفتحة على الحوار ومتخاصمة مع بعضها البعض في الوقت نفسه للنقاش والتشاور. فالنظام السيئ جعل المجموعات السياسية مرتهنة للخارج وهذا ما جعل المسيحيين يشعرون باليتم في الوقت الراهن، فالدول الغربية لديها مصالحها ولا تهتم اليوم بالمسيحيين ووجودهم.
 
رأى فياض في مداخلته أن "الصيغة اللبنانية هشة جداً بحيث أنها تنتج بطرفة عين أزمة حكم ومؤسسات، وقوية جداً بحيث لا يستطيع أي من المكونات إحداث تغييرات فيها. وما ينص عليه مدخل المادة 95 بأن ما دون مرحلة الاصلاحات الجذرية هي مرحلة انتقالية، وما لم تطبق هذه الإصلاحات، فإن الدولة أيضاً هي دولة انتقالية".
يوافق جو عيسى الخوري على ما ذكر، ويأتي على مواقف أطلقها الوزير السابق الدكتور غسان سلامة، حيال الطائف والبلد والذي قال "بادئ ذي بدء أنه لم يخطر ببالنا أبداً، لا اللجنة العربية ولا موفدها السيد الأخضر الإبراهيمي ولا مستشارها غسان سلامة يوماً، أننا نعمل للتوصل إلى النموذج الدستوري المثالي والأفضل للبنان. كنا نسعى للخروج من الحرب، لوضع حد للقصف العنيف والقتل والدمار. باختصار، كنا نبحث عن صيغة انتقالية تسمح بوقف الحرب من خلال تهدئة الميليشيات المتقاتلة ". من هنا، يؤكد عيسى الخوري ما قاله سلامة "أن التمسك اللاهوتي باتفاق الطائف في غير مكانه. في الطائف، كنا نأمل، بعد وقف الحرب، أن يدخل لبنان في مرحلة سلم واستقرار وبحبوحة تسمح لأبنائه بأن يفكروا بما هو النظام الأمثل الذي يصبون إليه. هذا التصحيح ضروري، لأن هناك من حوّل اتفاق الطائف إلى كتاب مقدس. هو ليس كتاباً مقدساً، هو مفيد وكان مفيداً في حينه".
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

هتاف دهام - Hitaf Daham