حسمَ الحزب "التقدمي الإشتراكي" أمره تجاه الإنتخابات البلدية، واتخذ قراراً بـ"تهدئة الجبهات" لاسيما في مناطقه المركزية كالشوف وعاليه والبقاع.
"
التوافق البلديّ" هو أبرز خطوة قررها "الإشتراكي" حالياً، وينبع ذلك من نية لدى الرئيس السابق لـ"الإشتراكي"
وليد جنبلاط بعدم "زرع متاريس" داخل
البلدات التي يرى أنها قد تشهد على معاركة ضارية بين أقطابها، وفق ما تقولُ مصادر مقربة من "الإشتراكي" لـ"لبنان24".
بشكلٍ أو بآخر، جعل جنبلاط مسرح البلديات "أكثر مرونة"، ما يعكسُ انخراطاً أكبر في مجال تعزيز الأوضاع البلدية لاحقاً على قاعدة التعاون التي يُشدّد جنبلاط عليها. لكن في الوقت نفسه، يبدو أن "بيك المختارة" لا يريد فقط الذهاب بعيداً بالتوافقات السياسية مع الآخرين، بل أيضاً بفتح أبواب التواصل مع خصوم قلّما التقى معهم، وبالتالي تعبيد الطريق أمام تفاهماتٍ جديدة قد تكون "مرحلية" لتمرير إستحقاق بلديّ ينتظرُ الكثير من التبدلات على الصعيدين الإنمائي والمالي.
ماذا حصل مؤخراً؟
آخر دليلٍ يعكس توجهات جنبلاط هو ما تبين في سياق الحراك البلدي ضمن إقليم الخروب، حيث قرر "
وليد بيك" إرتكاز "الإشتراكي" على توافقاتٍ تُبعد التناحر في المعارك البلدية. ففي بلدة شحيم، كبرى بلدات الإقليم، تجنحُ الأمور نحو "تهدئة" يخوضها "الإشتراكي" منعاً لحصول "احتقانٍ" كبير، علماً أن التنافس يطغى بين المرشحين، لكنّ الأحزاب تسعى لتكريس التفاهمات بين بعضها البعض بهدف تجنيب البلدة معارك ضارية لاسيما بين العائلات.
وإلى الآن، لم تكتمل الترشيحات، لكنَّ كل طرف سياسي في البلدة يقوم بعمله ضمن الأطر العائلية لتكوين تفاهمات معينة، بينما هناك أطراف وقفت على الحياد وتحديداً
وزير الداخلية أحمد الحجار.
أما في برجا، وهي ثاني أكبر بلدة في الإقليم، فما بدا هو أنَّ القرار الجنبلاطي قد اتُّخذ لخوض الإستحقاق بناء على "تفاهمٍ مُتكامل" أبدى فيه "الإشتراكي" ليونة كبيرة هدفت إلى تسييل كافة المحاولات للتوافق.
الخطوة الجنبلاطية تعززت أكثر بعدما برزت أجواءٌ بلدية جديّة تكشفُ عن صعود كبيرٍ لأسهم مرشح لرئاسة البلدية ينتمي رسمياً إلى "الإشتراكي" وهو المهندس ماجد ترو، شقيق النائب السابق علاء الدين ترو.
تقول معلومات "لبنان24" إنَّ جنبلاط يتابع الحراك البلدي في الإقليم والشوف وأبدى اهتماماً بـ"توافقات الأحزاب" لاسيما في برجا، مشيرة إلى أنَّ الحظوظ المرتفعة لترو في برجا كونه من الحزبيين القدامى، تساهم إلى حدّ كبير في اكتساحه نسبة كبيرة من أصوات الناخبين خصوصاً أنَّ الأجواء توحي باتجاه التوافق عليه بين كافة الأحزاب، حتى تلك التي كانت على خصومة معه كونه لا مُنافس له.
وفق المصادر، فإن الأجواء التي رُسمت على هذا الصعيد تكلّلت بـ"متابعة جنبلاطية حثيثة"، موضحة أنَّ "الإشتراكي"
يراهن اليوم على مرحلة جديدة في بلديات الإقليم لاسيما في برجا وشحيم، فيما يرنو أيضاً باتجاه الوصول إلى رئاسة إتحاد البلديات والتي قد ينالها ترو بتزكية ودعمٍ من جنبلاط، وبتفاهمٍ ضمني مع طرفين أساسيين هما
تيار "
المستقبل" والجماعة الإسلامية.
الأمر اللافت على صعيد الإستحقاق في برجا، هو أنَّ "الإشتراكي" فتح باب تواصلٍ مباشر مع مدير عام قوى الأمن الداخلي السابق اللواء
علي الحاج الذي استقبل مسؤول "الإشتراكي" في برجا فادي شبو على لقاء شعبي عام، ما كشف عن وجود "بوادر تلاقٍ" في الإستحقاق البلدي، وهي خطوة ما كانت لتحصل لولا الإشارة الجنبلاطية.
ما يتبين هنا، هو أن التوافق على اسم ترو فتح
الباب أمام "تشبيك" غير معهود منذ سنوات طويلة، وبالتالي ذهاب البلدة إلى تفاهمات يريدها جنبلاط ويؤيده فيها "المستقبل" الذي بدوره فتح قنوات مباشرة مع الحاج، وتحديداً عبر
الأمين العام لـ"
التيار" أحمد
الحريري الذي أكد وجوب حصول توافقٍ سياسيّ في برجا على الإنتخابات البلدية وانفتاح
الأطراف على بعضها، في خطوة لافتة سياسياً.
كل ذلك يأتي وسط إعلان الرئيس
سعد الحريري، أمس الأربعاء، عدم مشاركة "التيار" بالإنتخابات البلدية في كل
لبنان، لكن مصادر "المستقبل" قالت لـ"لبنان24" إنَّ كل التفاهمات وتوجهات التوافق ما زالت مستمرة، وبالتالي ما تم الإتفاق عليه سابقاً، أي قبل بيان الحريري، سيكون قائماً لأنه يؤدي إلى توافق لا إلى تناحر، وهو الأمر الذي أكدته روحية بيان الحريري، أمس.
في خلاصة
القول، ما يتبين في الوقت الراهن هو أنَّ القرار الجنبلاطيّ لإرساء التفاهمات قال كلمتهُ، بينما الإختبار الأبرز بلدياً يتمحور في ما ستؤول إليه تركيبة اللوائح وعما إذا كانت "كوتا الأعضاء" التي سينالها كل طرفٍ في التشكيلة ستحظى بموافقة الأحزاب قاطبة.. فهل سيُكمل التوافق طريقهُ حتى النهاية أم أن "صراع الحصص" سيفعل فعله ويبدل الأحوال في اللحظات الأخيرة ليقلب التوافق إلى
معركة ضمن اللائحة الواحدة؟