تحدّث مُحللون إسرائيليّون في تقارير وتصريحات جديدة، عن واقع الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" وتحديداً بعد الهجوم الذي نفذه الأخير، الأحد الماضي، ضدّ إسرائيل.
وفي تصريح له عبر إذاعة "FM103" الإسرائيلية وترجمهُ "لبنان24"، انتقد إيهود يعاري، أحد أبرز المعلقين في القناة الـ"12" الإسرائيلية، الطريقة التي مُنح بها "حزب الله" فرصة لتعزيز قوته على مر السنين في لبنان، كما تحدّث عن وجهة نظره المتعلقة بإمكانية وصول إسرائيل إلى تسوية مع "الحزب".
وقال يعاري إن "لدى إسرائيل عددا لا بأس من الساذجين الذين يعتقدون أنهُ بمُجرد وقف النار في الشمال، فإن ذلك سيفتح الباب أمام إمكانية حصول تسوية مع حزب الله".
وأكمل: "أقول إنه لا تُوجد تسوية مع الحزب، والشيء الوحيد الذي يمكن فعله هو الإستمرار في ردع التنظيم كما تفعل قيادة الشمال حتى الآن. المشكلة الأساس أيضاً هو أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، سمحت لحزب الله بالحصول على كميات كبيرة من الأسلحة من إيران عبر سوريا من دون أي عوائق. كذلك، سمحت حكومات إسرائيل للحزب بالانتشار على السياج الحدودي، كما سمحت له ببناء نظامٍ كامل من التحصينات تحت الأرض في كل أنحاء جنوب لبنان، بينما تل أبيب لم تفعل شيئاً لوقف ذلك، ولم تُصدر حتى أي تحذير".
في المقابل، يقول المحلل رون بن يشاي في تقريرٍ له عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنّ "أمين عام حزب الله حسن نصرالله خطط بدقة للردّ على تصفية شكر، من خلال السعي لتدمير أهداف عسكرية إسرائيلية في الشمال مع لبنان ومنشآت 8200 في غليلوت وعين شيمر".
وذكر بن يشاي في تقريره الذي ترجمهُ "لبنان24" إن جناح الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي وكبار القادة في مؤسسة الدفاع، كانوا يعرفون مُسبقاً بوقتٍ كافٍ، التاريخ المُخطط له للضربة الانتقامية التي صاغها حزب الله انتقاماً لاغتيال شُكر في بيروت.
واعتبر بن يشاي أنه من الآن وصاعداً، يجب تثبيت معادلة مفادها أن أيّ هجوم إسرائيليّ على بيروت سيُقابل بالنار في تل أبيب، وأردف: "مع ذلك، كان من الوضع من خطة العمل أن نصرالله والإيرانيين يريدون تجنب تصعيد كبير. ففي طهران، يُدرك المرشد الإيراني علي خامنئي ما يمكن أن يحدذ باقتصاد بلاده ومنشآتها النووية واستقرار نظامه إذا اندلعت مثل هذه الحرب. إن إيران ترى خريطة الانتشار الحالي للقوات البحرية والجوية الأميركية وحلفائها في المنطقة، كما رأوا في نيسان من هذا العام، ما يجدث الصواريخ المتفجرة وطائراتهم من دون طيار نتيجة للتعاون بين الجيش الإسرائيلي والقيادة المركزية للولايات المتحدة".
وأردف: "لذلك، طالما أن الولايات المتحدة موجودة بهذه القوة في المنطقة، فإن طهران لن تسمح لحزب الله أو أي عامل آخر بجرها إلى حرب إقليمية".
وأردف: "إن المعلومات المتعلقة بالرد المخطط لحزب الله، والتي أصبحت تدريجياً أكثر تفصيلاً ودقة وموثوقية، سمحت للجيش الإسرائيلي ليس فقط بالاستعداد للدفاع، بل أيضاً بإعداد عدة خطط للعمليات الهجومية من نوعين. النوع الأول هو عمليات إحباط وتعطيل مخططات حزب الله ما يعرف في اللغة المهنية بـ "الهجوم الوقائي"، وهو في الواقع هجوم يتم تنفيذه عندما يكون العدو قد أكمل استعداداته بالفعل وعلى وشك الهجوم. أما النوع الثاني هو الرد الإسرائيلي والهجمات الانتقامية أثناء أو بعد هجوم حزب الله".
وتابع: "منذ البداية، كان واضحاً لصناع القرار في الجهاز الأمني وعلى المستوى السياسي أن إسرائيل لن تنتظر في أي حال من الأحوال أن يقوم عناصر حزب الله بإطلاق وابل الهجمات الانتقامية، بل ستستخدم المعلومات الاستخبارية العالية الجودة المتوفرة لديها لتنفيذ ضربة استباقية من شأنها أن تعطل خطط الحزب، وتمنع الخسائر والدمار في المستوطنات الشمالية، ولا تسمح بضرب أهداف نوعية في وسط البلاد ومنطقة تل أبيب. والرد إذا لزم الأمر سيتم تحديده لاحقا حسب الظروف، لكن المعلومات الاستخبارية ذات الجودة العالية عرضت صناع القرار لإغراء القيام بخطوة استراتيجية من شأنها إحداث تغيير جذري في الواقع الأمني على الجبهة الشمالية".
وأكمل: "عدد غير قليل من كبار الشخصيات والأشخاص الجيدين في المنظومة الدفاعية زعموا (وما زالوا يعتقدون) أن "عملية يوم الأربعين" كانت فرصة ذهبية لتحقيق هدف استراتيجي لحزب الله. من المستحيل تفصيل مسار العمل الذي يقترحه هؤلاء المسؤولون الكبار، لأنه من الممكن أن يظل الجيش الإسرائيلي مطالباً بتنفيذه في المستقبل، لكن يمكننا أن نتخيل سيناريو يتم فيه تنفيذ الهجوم الانتقامي لحزب الله بعد أو حتى أثناءه يشن الجيش الإسرائيلي ضربات جوية وبحرية وبرية على كل تشكيلات حزب الله وبنيته التحتية في كل أنحاء الأراضي اللبنانية، وفي الوقت نفسه يدخل في مناورة برية في جنوب لبنان؛ وهي ذات المناورة التي يطلبها سكان الشمال والتي تنتظر قيادة الشمال فقط الأمر بتنفيذها".
ووفقاً لهذا السيناريو، الذي يعتبر حالياً نظرياً بالكامل، فإن "هجوم حزب الله يمنح إسرائيل الشرعية لحملة لن تقلل فقط لسنوات من التهديد الذي يشكله حزب الله على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتحرم إيران من ذراعها الطويلة الأكثر فعالية، ولكنها ستؤدي أيضاً إلى التباعد الجسدي بين مقاتلي التنظيم وأسلحته الثقيلة لمسافة آمنة لا تقل عن عشرة كيلومترات من مستوطنات الجليل والجولان".