كتبت روزانا بو منصف في" النهار": على رغم أن فرنسا مهتمة بلبنان ويزورها رئيس الجمهورية جوزف عون الأسبوع تعرب مصادر غربية عن اعتقادها أن باريس لن تستطيع أن تقوم باستثناءات من أجل تقديم الدعم الذي يريده
لبنان كما فعلت في 2002 و 2003 حين كان الرئيس رفيق الحريري رئيسا للحكومة. المؤتمر الدولي الذي دعت إليه باريس في تشرين الأول الماضي لم يؤد إلى نتائج فعلية ولم يحصل التجاوب المطلوب حتى لو كان الأمر سابقا لانتخاب رئيس للجمهورية وقيام حكومة جديدة في
لبنان.
لا يزال
لبنان يسمع راهنا أنه لن يمكنه الحصول على الدعم الذي يحتاج إليه للإقلاع جديا ما لم يقم بواجباته في الداخل، كما لا يستطيع طلب فترة سماح لأشهر مثلا أو أكثر، لأن لا نية لدى أحد لمنحه ذلك على رغم أن
رئيسي الجمهورية والحكومة يحتاجان إلى
الكثير للتمكن من الإقلاع والبدء بتصحيح الأمور، في الوقت الذي يدير العهد مرحلة صعبة لا تزال الانقسامات فيها كبيرة جدا، وكذلك الخلافات السياسية. وتاليا، فإن تحميله أكثر مما يستطيع أمر غير منصف، لكنه متوقع، والجميع يدركون ذلك الاشتباكات الحدودية الأخيرة مع سوريا أثارت المخاوف من أن استمرار واقع الاحتلال
الإسرائيلي في الجنوب ليس وحده ما يمكن أن يشد بالعهد إلى الوراء، بل ما يصفه
البعض بانكفاء «حزب الله» إلى الداخل كذلك كرد فعل على
تظهير عدم إضعافه.
تزامنا، يشكل الملف الأمني تحديا كبيرا في مرحلة لم يعرفها
لبنان والمنطقة من قبل. إذ لم ير أحد سابقا
الولايات المتحدة أو إسرائيل في ذروة القوة كاليوم، ومنتصرين من دون خصوم يتصدون لهما. فلا أحد يريد مواجهتهما، لا الفلسطينيون، باعتبار أن «حماس» تتأنى في إبداء رد فعل يمكن أن يُطلق حربا جديدة كبيرة تقوم بها إسرائيل ضدهم، ولا الدول العربية أو الإقليمية، بما في ذلك إيران التي تبحث عن إخراج ملائم من دون تنازلات كبيرة وواقع أن
الولايات المتحدة وإسرائيل تتفوقان من دون خصوم وبقوة هائلة متزامنة مع اختلاف كبير في توازن القوى بات يشكل متغيرا متعاظماً، أقله في هذه المرحلة حيث يبرز ذلك في ذروة من القوة والضغط على المستوى العالمي، مترافقا مع حال من الذهول بدأت لدى الشركاء والحلفاء للولايات المتحدة، وصولا إلى دول العالم بأسره. والخلاصة أن اسرائيل تبدو كقوة لا تقهر على الأقل من دون استبعاد تغير الأمور لاحقا. للذهاب إلى مفاوضات ثنائية مع
الولايات المتحدة.
وليس خافيا أن الملف الأمني يطغى من الجنوب إلى البقاع وصولا إلى عكار، مع مزيد من النازحين السوريين الذين حددت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أعدادهم الأخيرة بـ 15,789، وهم من الطائفة العلوية، مع ما يرتبه ذلك على
لبنان، في وقت لا يملك اللبنانيون ترف إتاحة مهلة طويلة للحكومة.
الإشكالية أمام الحكومة وفق جوجلة ديبلوماسية وسياسية تتصل بعدم اتضاح رؤية كاملة متكاملة معروضة مع وجهة سير يمكن القول من خلالها إن
لبنان يعرف إلى أين يتجه وما هي الصعوبات، وكان يأمل
البعض مثلا الذهاب إلى رؤية جديدة تستغني عن بعض الوزارات أو بعض الإدارات، بمعالجة جذرية مبررة في إعادة تأسیس البلد بعد كل ما عاشه. فالتغيير الذي حصل في
لبنان تاريخي، وليس مؤكدا أنه حصل تفكير على نحو كاف في مدى هذا التغيير وحجمه وكيفية الاستفادة منه في حين يعتبر كثر أن الفرصة المتاحة راهنا لم تتح حتى لرفيق الحريري حين أتى بعد الحرب وكانت هناك وصاية سورية خانقة على
لبنان.
الأمور لا تزال ضبابية أمام اللبنانيين، ما يجعل الحذر كبيرا ولو أن
لبنان يفترض أن يكون في موقع أفضل بكثير من جواره في السنوات القليلة المقبلة، على رغم مشاكله. ولكن العمل الجاد للحكومة يحتاج إلى شرح وتسويق من أجل المواكبة والدعم.