رغم تصنيفها بين أخطر الوجهات في العالم، لا تزال
ليبيا تستقطب أعدادًا متزايدة من السياح المغامرين، متحدّين التحذيرات الدولية والظروف الأمنية المعقدة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عقد.
فمنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 إثر تدخل عسكري قادته قوات
الناتو، غرقت ليبيا في دوامة من النزاعات بين سلطات متنافسة في الشرق والغرب، ما دفع العديد من الدول إلى إصدار تحذيرات صارمة بشأن
السفر إلى هناك. فقد صنّفت
الولايات المتحدة ليبيا ضمن المستوى
الرابع، وهو الأعلى في سلّم تحذيرات السفر، محذرة من تهديدات تشمل الجريمة والإرهاب والألغام والاختطاف والاضطرابات المسلحة. كما شدّدت
المملكة المتحدة على ضرورة تجنّب السفر إلى ليبيا "تحت أي ظرف".
ورغم هذه الصورة القاتمة، يشير تقرير نشرته مجلة Travel and Tour World، إلى أن ليبيا تستقبل قرابة 100 ألف سائح دولي سنويًا، معظمهم من محبي المغامرات والوجهات غير المألوفة. ويصف هؤلاء الزوار أنفسهم بـ"سياح الخطر"، إذ يبحثون عن تجارب نادرة، وإن كانت محفوفة بالمخاطر.
ومن بين هؤلاء، هدسون وإيميلي، وهما زوجان من صنّاع المحتوى زارا ليبيا في عام 2024. وقد أشارا إلى شعورهما بالأمان النسبي خلال الرحلة، رغم مرافقتهما من قبل
حارس شخصي شديد الحذر "حتى داخل الحمامات"، على حد قولهما. واستمتعا باكتشاف مدينة
طرابلس، والمواقع الأثرية الشهيرة مثل لبتيس ماغنا المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وعبّرا عن إعجابهما بكرم
الليبيين ودفء استقبالهم.
لكن ليبيا لا تزال وجهة محفوفة بالمخاطر. فقد تعرّض السائح
البريطاني دانيال بينتو، البالغ من العمر 26 عامًا، للاحتجاز تحت تهديد السلاح من قبل قوات عسكرية عند إحدى نقاط
التفتيش في أيار 2024، حيث احتُجز لمدة سبع ساعات خلال جولته التي استمرت 21 يومًا. ورغم الحادثة، لم يُظهر دانيال تراجعًا عن أسلوب سفره، مؤكّدًا أنه يهوى زيارة المناطق "الغامضة"، وقد سبق له السفر إلى
إيران والعراق وسوريا.
ويشير خبراء السياحة إلى أن ما يُعرف بـ"سياحة الخطر" أو "السياحة السوداء" باتت تحظى باهتمام متزايد، حيث يسعى البعض لاستكشاف مواقع ارتبطت بكوارث أو مآسي إنسانية، في ظاهرة تعكس فضولًا ثقافيًا وسعيًا وراء تجارب
استثنائية.
وهكذا، تبقى ليبيا، رغم التحديات، وجهة ذات جاذبية خاصة لدى فئة معينة من السياح… ممن لا تردعهم التحذيرات، بل تستفزهم المغامرة. (روسيا اليوم)