ما زالَ المشهدُ الانتخابي في دائرة الشوف - عاليه يتّسم بـ"ضبابية" مُطلقة، لا سيما أنّ اللوائح ما زالت تتشكّل من دون أي "حسم"، كما أن عددها ما زال غير محسوم حتى الساعة وذلك بانتظار تبلور الأسماء المختلفة.
فعلياً، فإنّ ازدياد أعداد اللوائح سيساهم في "شرذمة" الأصوات بشكل كبير ضمن معركةٍ تأخذ منحى تصاعدياً على مختلف الاتّجاهات. واليوم، فإنّ ما يتبين هو أن مختلف الأطراف السياسية تدرسُ وضعها الانتخابي بحذر إذ أن المعطيات بالأرقام تكشف عن واقعٍ مغاير للتوقعات، في حين أن الخروقات بلوائح الأحزاب التقليدية كبيرة، خصوصاً في المقاعد المارونية والسنية والدرزية.
على جبهة رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب، فإن المعركة التي يخوضها كبيرةٌ بكل المقاييس وتحمل أبعاداً أعمق وأقوى من العام 2018، خصوصاً أنه يسعى لانتزاع المقعد الدرزي الثاني في الشوف، ليكرّس لنفسه وجوداً نيابياً إلى جانبِ النائب تيمور جنبلاط.
في الوقت الراهن، يدرس وهاب مختلف الخيارات المرتبطة بأسماء المرشحين، إلا أن التوجه الحالي على صعيد التحالفات يأتي في سياق أساسي هدفه زيادة الحواصل الانتخابية للجبهة المضادة مباشرة للائحة تحالف الحزب "التقدمي الإشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية".
ما تكشفه الاتصالات حالياً هو أن وهاب سيكون في جبهة واحدة مع النائب طلال أرسلان و "التيار الوطني الحر" بتحالف سياسي واحد، على أن تشكل هذه الأقطاب مجتمعة لائحتين مع حلفاء مثل الحزب "السوري القومي الاجتماعي" والوزير السابق ناجي البستاني. وبحسب التوقعات الانتخابية، فإن هاتين اللائحتين تستطيعان اكتساب أكثر من 5 حواصل انتخابية بين الشوف وعاليه، على أن يكون اسم كتلة وهاب "كتلة جبل لبنان الجنوبي". أما الاتفاق الأبرز فهو أنه بعد نجاح نواب هذا الحلف؛ سيكون وهاب في كتلة منفردة عن تكتل "لبنان القوي" الذي يقوده "الوطني الحر"؛ أي أنه لن يحضر اجتماعاته وسيكون لنوابه حيثية خاصة.
على صعيد "التيار البرتقالي"، فإن تركيزه في الشوف على المقعد الكاثوليكي. أما في عاليه، فإن "الوطني الحر" يراهن على الفوز بالمقعد الماروني، وذلك في "نزالٍ" سيخوضه ضدّ الحزب "التقدمي الإشتراكي" و "القوات اللبنانية".
بالنسبة لزعيم "الإشتراكي" وليد جنبلاط، فقد كان موقفه واضحاً من المعركة الانتخابية التي يرى فيها "حرب إلغاء ضدّه من أجل تحجيمه سياسياً". الأمرُ هذا توقّف عنده وهاب بشكل أساسي وكبير، ما دفعه لإطلاق موقفٍ "مفاجئ" وسط المعركة القائمة باتجاه جنبلاط. ففي حديث عبر
"لبنان24"، حسم وهاب القرار بالقول: "ما من أحد يرضى بضرب المختارة وإلغاء دورها، وهذا خط أحمر لا نسمح بتخطيه"، وأضاف: "نحنُ سنقاوم كل من يسعى لتحجيم المختارة كائناً من كان، وما من أحدٍ يريد إلغاء جنبلاط".
وأكمل وهاب: "المعركةُ الانتخابية تنافسية وما من أحد يقبل بإلغاء غيره، لكن على الأطراف الأخرى إدراك أمر أساسي وهو أن هناك قوى سياسيّة موجودة ولديها تمثيل شعبي ولا يمكن لأي أحد أن يعمل على نسف كيانها وإزالتها ومصادرة قرارها مهما كانت الحسابات".
بالنسبة لرئيس حزب "التوحيد"، فإنّ منطقة الشوف - عاليه ستشهدُ على معركةٍ غير مألوفة بين مختلف اللوائح، لكن ما يتمناه في المقابل هو غير ذلك، وقال عبر
"لبنان24": "فلنُجنّب المنطقة معركة انتخابية نستطيع الاستغناء عنها وإراحة الناس قليلاً. الأموال التي سندفعها للانتخابات يمكننا استخدامها في مشاريع انمائية يحتاجُ المواطنون إليها في الجبل والإقليم. هذا طرحٌ للجميع، وليؤخذ هذا الأمرُ على محمل الجد".
وتابع: "الدروز يمكنهم استيعاب الجميع.. لا منطق للإلغاء لدينا ونستطيع احتضان الجميع. رغم الانتخابات، فإنّ المصالحة قائمة بين الأقطاب الدرزية، ونحنُ مع التنافس الشريف، ووجودنا معروف وهناك أناسٌ وراءنا تمثلنا ونمثلهم. أما الأمر الأهم فهو أنه لدينا مشروعٌ واضح، ولا مجال أبداً لبقاء عقلية الهيمنة والإلغاء في منطقة تشهدُ توازنات كبيرة مثل الجبل".
كذلك، يعتبرُ وهاب أيضاً أن الطائفة السنية لا يمكن أن تكون بعيدة عن الإستحقاق الانتخابي، مشيراً إلى أنّ "هذا الأمر يؤثر على مختلف الأطراف"، وقال: "السنة كانوا دائماً صمام أمان وجميعنا ارتكزنا على المبادئ التي أرساها زعماءٌ سُنّة وعبرهم تعلّمنا مفهوم العروبة والوطنيّة ولم نكن إلا مع الاعتدال الذي يتميز به السنة في لبنان بشكل خاص".
ويختم: "حتماً سنكونُ مع الناس في الجبل، ويجب على كل الأطراف أن تتقبّل فكرة أساسية وهي أننا مُقبلون على عقدٍ سياسيّ جديد.. هذا الأمرُ لا مهرب منه، ولا حرب إلغاء ضدّ أحد والارتكاز دائماً إلى خيارات الناس، فهم الذين يحدّدون ما يريدون بعدما وجدوا المآسي من السلطة الحالية القائمة".
ما جديد اللوائح الأخرى والمُرّشحين في الشوف - عاليه؟
حتى الآن، فإنّ الاتصالات مستمرّة مع مختلف الأطراف والشخصيات للانضمام إلى لوائح عديدة. فعلى صعيد "تيار المستقبل"، كان هناك قرارٌ حاسم من القيادة في جبل لبنان الجنوبي بأنه لا دعم ولا ترشيح لأي شخصية. إلا أنه وبحسب معلومات
"لبنان24"، فإنه بات شبه محسومٍ انضمام أمين سر نقابة المحامين سعد الدين وسيم الخطيب إلى اللائحة التي يدعمها جنبلاط بتزكية من قيادات في تيار "المستقبل" وليس من "القوات اللبنانية" كما أشيع.
ووفقاً للمصادر، فإنّ القرار النهائي لتوجّهات "المستقبل" الانتخابية سيتم حسمها خلال اليومين المقبلين، إذ علم "لبنان24" أن المسؤول في التيار أحمد هاشميّة سيعقد اجتماعاً مع الرئيس سعد الحريري خلال الساعات المقبلة لمناقشة آخر التفاصيل المرتبطة بوضع التيار والاستحقاق الانتخابي ميدانياً بمختلف المناطق.
مع هذا، فإنّ الحزب "الإشتراكي" يتّجه اليوم لحسمِ خيار ترشيح حبّوبة عون في الدامور، في حين أنّ المجتمع المدني يستعدّ اليوم لإطلاق ائتلاف انتخابي - سياسي بمشاركة مختلف قوى الثورة في الشوف - عاليه، وسيتضمن هذا الحدث طرح ورقةٍ سياسيّة شاملة.