بشكل متزايد وكبير، تتصاعد حدّة المعركة الانتخابية في دائرة الشوف - عاليه وسط اتجاه الأنظار إلى دور تيار "المستقبل" وكيفية مشاركته في استحقاق 15 أيار المقبل.
قبل يومين، كان أمين عام التيار أحمد الحريري حاسماً بعدم وجودِ لوائح ومرشحين باسم "المستقبل"، وهو الأمر الذي مضى عليه الوقت وأصبح مرحلة سابقة بحد ذاته، وتحديداً بعد إقفال باب الترشيحات وانتهاء تسجيل اللوائح.
ما لم يكشف عنه الحريري في مقابلته التلفزيونية الأخيرة إنما يرتبطُ بكيفية مشاركة التيار وجمهوره خلال الانتخابات المقبلة بعد أقل من شهر، فضلاً عن الخطة التي يعمل على أساسها مع حلفائه ضمن مختلف الدوائر الانتخابية وبشكل خاص دائرة الشوف - عاليه التي تحتضنُ عدداً من الحلفاء والخصوم مثل الحزب "التقدمي الإشتراكي" و "القوات اللبنانية".
آخر المعلومات على صعيد "المستقبل" وحراكه تشيرُ إلى أنّه سيبادر إلى الدخول بقوّة على الساحة الانتخابية في دائرة الشوف - عاليه. ووفقاً لمصادر "لبنان24"، فقد بدأت الاجتماعات المكثفة لتحضير أرضية "المستقبل" ورسم توجهاتها الانتخابيّة، على أن تصدر "التعليمة" والإشارة بشكل أكيدٍ وحاسم قبل موعد الانتخابات بقليل، وعلى الأرجح بعد عيد الفطر مطلع أيار المقبل.
مصادر سياسية رفيعة المستوى قالت لـ"لبنان24" إنّ تواصلاً حصل طيلة الفترة بين رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري، وكان هناك خلاله طلبٌ بمشاركة فعلية لجمهور التيار باتجاه لائحة "الشراكة والإرادة" التي يرأسها النائب تيمور جنبلاط، والتي تضمّ "القوات اللبنانية"، حزب "الوطنيين الأحرار" و سعد الدين الخطيب، أمين سر نقابة المحامين في بيروت.
كذلك، قالت المصادر نفسها أنّ ترتيب مشاركة التيّار بالانتخابات لدعم لائحة جنبلاط كانت مقرونة بموافقة من مرجعيات سياسية ودبلوماسية عربية، باعتبار أن الأمور متجهة نحو التهدئة.
وأوضحت المصادر أنّ ما يبدو هو أن الحريري اتخذ الانعطافة باتجاه جنبلاط باعتبار أنّ اللائحة التي يدعمها الأخير في الشوف - عاليه هي الأقرب لجمهور "المستقبل" من غيرها. وعليه، فإنّ ما حصل مؤخراً يكشف عن حديث ضمني بين "الإشتراكي" و "المستقبل" ينصّ على تجيير الأخير لنسبة تصل إلى 10 آلاف صوت للائحة "الشراكة والإرادة". وبشكل أساسي، فإنّ الأصوات التي سيقدمها "المستقبل" لتلك اللائحة ستصبّ باتجاه مرشحين أساسيين، هما مروان حماده (المرشح عن المقعد الدرزي الثاني) وسعد الدين الخطيب (المقعد السني الثاني).
أصداء هذا الحديث وصلت فعلاً إلى مرجعيات سياسية وازنة في الشوف، باعتبار أن مشاركة "المستقبل" ستخلط الأوراق كثيراً وستقلب الأمور رأساً على عقب لصالح جنبلاط ولائحته. وبحسب الأرقام، فإنّ حماده قد يحصل على 5 آلاف صوت مقابل 5 آلاف لصالح الخطيب، ما يعني أنّ لائحة "الشراكة والإرادة" سترفع من حاصلها الانتخابي، وستضمنُ أولاً المقعد الدرزي لصالح حماده الذي يخوض المعركة بوجه رئيس حزب "التوحيد" الوزير السابق وئام وهاب. أما الهدف الثاني من هذا الاتفاق فهو أنّ المقعد السني سيصبح مضموناً لصالح اللائحة، الأمر الذي يعني فوز الخطيب به، واعتبار الأخير من حصة الرئيس سعد الحريري النيابية للمرحلة المقبلة.
وعن هذه المشهديّة، تقول مرجعية سياسية وازنة لـ"لبنان24" إنّ "الكلام بشأن اتفاق حول دعم المستقبل لمروان حماده قائم وبدأ السعي باتجاهه بقوة"، مشيرة إلى أنّ "المعركة بدأت تشتدّ بشكل كبير بين مختلف الأطراف واللوائح"، وتضيف: "بحال تحقق سيناريو الدعم، فإنّ لائحة الشراكة والإرادة ستدخل مجلس النواب بـ8 حواصل انتخابية من أصل 13 في الشوف - عاليه".
في المقابل، فإن السؤال الذي يُطرح: في حال جرى دعم حماده بأصوات "المستقبل"، هل سيتم تجيير أصوات من تيمور جنبلاط باتجاهه؟ هل سيجازف الأخير بأصوات تفضيلية من أجل ضمان حماده في الوقت الذي سيصبح فيه هو قيد التهديد، وتحديداً إذا تفوق عليه وئام وهاب بالأصوات التفضيلية؟
في الواقع، فإن الصورة هنا تبدو واقعية، ومن الممكن أن يتقدّم وهاب على تيمور جنبلاط بالأصوات التفضيلية إن تنازل الأخير من أصوات لصالح حماده بشكل غير مدروس.
ووسط كل ذلك، فإنه في حال دخلت لائحة "الشراكة والإرادة" إلى المجلس النيابي بـ8 نواب من ضمنهم حماده وجنبلاط، فإنّ اللائحة الثانية، أي لائحة "الجبل" ستنالُ 4 أو 5 حواصل انتخابيّة، والسيناريو الذي يرجحه المراقبون هو تحقيق 4 حواصل مع بقاء حاصل واحدٍ لصالح لائحة "توحدنا للتغيير" على أن يكون لصالح المرشح الماروني الأقوى ضمنها.
تغريدٌ خارج السرب
مع هذا، فقد طرأ أمر لم يكن محسوباً وهو أنّ أحد مسؤولي "المستقبل" في جبل لبنان، عقد اجتماعاً في منزله لمرشح لائحة "الجبل" أحمد نجم الدين. ووفقاً لمعلومات "لبنان24"، فإنّ الأخير طلب مساعدة "المستقبل" لتخطّي منافسه ضمن اللائحة أسامة المعوش.
وعن هذا الأمر، تقول المصادر أنه في حال كان هناك دعمٌ بالأصوات لنجم الدين المحسوب على "جمعية المشاريع" (الأحباش)، فإنّ الأخير قد يظفر بالمقعد السني بحال كان من حصة لائحته وتحديداً إذا تخطّى زميله أسامة المعوش الذي يحظى أصلاً بثقل شعبي في بلدته برجا وإقليم الخروب.
وهنا، تقول المصادر السياسية إنّ هذا الأمر سيعزّز أزمة مناطقية بحال وصل نجم الدين وبلال عبدالله إلى مجلس النواب، باعتبارهما من بلدة واحدة وهي شحيم. وبذلك، فإنّ هذا الأمر سيُقصي مُجدداً بلدة وازنة مثل برجا من السباق الانتخابي مثلما حصل في العام 2018، وذلك في حال عدم التصويت للمرشحين منها، أسامة المعوش أو لسعد الدين الخطيب.
أما في ما خصّ الجماعة الإسلامية، فإنّ أصواتها ستتجه نحو مرشحها محمد عمار الشمعة، علماً أن هناك أجواء في أوساط الجماعة تعترف بأن اللائحة التي ينتمي إليها الشمعة لن تحقق حاصلاً انتخابياً. وفي هذا الإطار، تقول المصادر إنّ "الجماعة الإسلامية تسعى من خلال هذه الانتخابات إلى إظهار حجمها الشعبي وذلك من أجل التمسك به كورقة تفاوض للانتخابات المقبلة".
مع هذا، فإن أوساطاً سياسية مراقبة تشيرُ إلى أنّ خوض الجماعة الإسلاميّة لمعركتها بمرشحٍ ضمن لائحة ضعيفة، إنّما ساهم بتقديم خدمة للوائح أخرى، مثل لائحة "الجبل"، وتضيف: "في حال صبّت الجماعة تركيزها على دعم مرشح ضمن لائحة توحدنا للتغيير، مثل عماد سيف الدين، فإنها كانت ستساهم في قلب المعادلة رأساً على عقب، وكان بإمكان تلك اللائحة أن تظفر بحاصلين، ماروني وسني".