كتبت كوثر ياسين في "الأخبار": ولّت الأيام التي كان فيها الباحثون عن الخردة يجوبون الأحياء ويفتشون في الحاويات ليلاً لجمعها سرّاً بعيداً عن الأعين. الأزمة المالية من جهة، وارتفاع أسعار الحديد والنحاس والبلاستيك من جهة ثانية، حوّلا الأنظار نحو جمع الخردة، أو "تجارة الذهب"، كما بات يطلق عليها الشبان الذين اكتشفوا هذه "المهنة" حديثاً.
تشهد منطقة البقاع، ولا سيما مناطق قضاء زحلة، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد بوَر الخردة. وبعدما كان عددها سابقاً لا يتجاوز أصابع اليد، باتت أعدادها اليوم تُراوح بين 50 إلى نحو 85 بورة تتوزّع بين رياق، دير زنون، الفيضة، برالياس، قب الياس، تعنايل وغيرها. في هذه البور يتم جمع الخردة، فرزها، كبسها، ثم بيعها إلى تجار يصدّرونها إلى الخارج.
فقد وصل سعر الطن الواحد من الكرتون إلى 100 دولار، والبلاستيك إلى 350 دولاراً، والحديد إلى 400 دولار، فيما بلغ سعر طن النحاس 8000 دولار مع تفاوت يومي في الأسعار حسب ارتفاع البورصة وانخفاضها. وتشير تقديرات بعض من يعملون في هذا القطاع إلى أن لبنان يصدّر نحو 300 ألف طن سنوياً من الخردة، بعدما يتمّ تجميع الخردة وفرزها حسب النوع في باحات مستودعات الخردة تمهيداً لتصديرها بحراً، وعلى وجه الخصوص إلى تركيا حيث يُعاد تدويرها وتصنيعها، فتساهم بذلك في تشغيل عشرات الآلاف من العائلات وأغلبها في منطقة الشمال الفقيرة وأخيراً في البقاع.
فوضى وسرقة
يوافق أبو علي سماحة، صاحب إحدى البور في منطقة رياق البقاعية، على أن تجارة الخردة "لم تعد تلك المهنة التي تدرّ ذهباً كما في السابق"، مؤكداً أن "قيمة الأرباح فيها تراجعت بنسبة 30%". أكثر من سبب يقف خلف هذا التراجع التقلّب المستمر في سعر الصرف والذي يتسبّب بفقدان جزء من قيمة البضاعة عند بيعها أحياناً، ازدياد عدد البور وعدد المشغّلين الجدد الذين دخلوا الكار بعد الأزمة، إضافة إلى الارتفاع في إيجار البور والنقل وأجرة العمّال وتفاقم التكاليف المعيشية الأخرى".