أصبح الدولار في لبنان يتحكم بكل مفاصل حياة المواطنين، وباتت العملة الخضراء الأساس في التعاملات لتسديد قيمة السلع وبدل الخدمات المختلفة، وذلك مع الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه اللبنانيون منذ تشرين 2019.
قطاعات عدة أصبحت تعتمد على "الفريش" دولار ومنها شركات التأمين الخاصة التي لم تعد تقبل الشيكات المصرفية أو الدفع على سعر منصة "صيرفة" أو حتى على سعر صرف السوق الموازية بل أصبحت تتلقى الدفعات بالدولار النقدي حصراً لقاء خدماتها.
رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان إيلي نسناس أكد في حديث لـ "لبنان 24" ان "تسعيرة شركات التأمين باتت كلّها بالدولار "الفريش" منذ شهر تشرين الأول الماضي وبالتالي المواطن يستفيد من التغطية على هذا الأساس"، مشيراً إلى وجود وعي لدى اللبنانيين بهذا الخصوص.
ولفت إلى انه "يمكن للمواطن أن يختار بوليصة الاستشفاء بين التغطية الكاملة التي تشمل مختلف المستشفيات، فيسدد ثمنها على هذا الأساس، والتغطية الجزئية ويمكن أن تشمل مستشفيات معينة وتكون تكلفتها أقل، ومهما كان اختياره، فهو يعلم مسبقاً نسبة التغطية ويختار على هذا الأساس".
وأكد نسناس ان "شركات التأمين قدّمت منتجات جديدة لتكون بمتناول الجميع، وأصبح هناك بوالص بكلفةٍ أقلّ وتغطيةٍ أقلّ وعدد مستشفياتٍ أقلّ".
وقال ان "من كان يدخل المستشفى بدرجة A يمكنه اختيار الدرجة B أو C مثلاً بسعر أرخص"، لافتا إلى أن "المواطن يمكن أن يسدد سعر البوليصة بالتقسيط، وهو اختيار متوافر في مختلف شركات التأمين إجمالاً".
أمّا بالنسبة إلى التأمين على السيّارات، فشرح نسناس أنّ "الأقساط أصبحت بالدولار أيضا في ظلّ التضخم الحاصل، حيث زادت الكلفة خصوصًا على قطع غيار السيارات"، مضيفا أنّ "الالتزامات تؤخذ على شركات التأمين لمدة سنة فيجب أنّ نأخذ احتياطاتنا لمواجهة التضخم، ولذلك يجب ان تكون الأقساط بالدولار الـ"فريش".
وأشار إلى ان "عددا كبيرا من المواطنين استبدلوا التغطية الشاملة على السيارة بتغطية الحوادث ضد الغير فقط."
وأكد نسناس ان "قطاع التأمين يعاني أيضا جرّاء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، وهو ، كما كل القطاعات، يواجه عدة مشاكل أبرزها عدم إمكانية تحويل الأموال"، وأضاف: "نحن نجبر أن نحوّل أقساط إعادة التأمين التي لا يمكننا العمل من دونها، فنضطرّ إلى التوجّه للسوق الموازية كي نستطيع تحويلها"، ولفت إلى مطالبة شركات التأمين بأن تُستثنى من "الكابيتال كونترول".
وعن انخفاض عدد الزبائن بسبب انخفاض قدرتهم الشرائية بشكل كبير في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، أوضح نسناس ان من تخلوا عن التأمين تصل نسبتهم حالياً إلى أقل من 20 بالمئة.
ولا بد من الإشارة إلى الاتفاق بين معظم المستشفيات وأغلبية شركات التأمين الذي ينص على أن المريض يدفع ما نسبته 15 في المئة من الفاتورة الاستشفائية في حال كانت بوليصة التأمين لم تدفع بالدولار النقدي وسارية المفعول، أما المدفوعة بالدولار فتغطي الفاتورة الاستشفائية كاملة ما عدا الأمور التي لا تدخل ضمن تغطية شركات التأمين أو في حال كانت البوليصة تغطي الفاتورة لغاية سقف معين.
أسعار بوالص التأمين
إليكم عينة عن أسعار بوالص التأمين التي أصبحت تُعتمد في الشركات الخاصة:
على سبيل المثال سعر بوليصة الإلزامي للسيارات في الشركات كافة حُدد بـ400 ألف ليرة لبنانية وهي تغطّي 3 مليارات ليرة للأضرار الجسدية في حال صدم شخص.
بوليصة التأمين "ضدّ الغير" تتراوح ما بين الـ50 والـ60 دولاراً.
أما أسعار بوالص تأمين السيارات على المخاطر كافّة tous risques ، فالأسعار تتنوع وذلك وفق عدد أحصنة السيارة وسنة تصنيعها ونوعها، وتتراوح ما بين 500 و1000 دولار وما فوق.
بوالص الاستشفاء تتنوع أيضا وذلك بحسب الدرجة والعمر، فبوليصة تأمين درجة ثانية على سبيل المثال قد تكلف ما بين 700 و800 دولار.
إذن استطاع عدد من اللبنانيين ان يتجاوزوا مشكلة الدفع بالدولار الا انه لا يُمكن تجاهل ان قسما كبيرا منهم لا زال راتبه بالليرة وهو بالتالي غير قادر أن يدفع تكلفة الطبابة وفاتورة الاستشفاء التي بلغت أرقاماً خيالية، كما ان الاعتماد على الجهات الضامنة ليس حلا يمكن أن يعوّل عليه في المرحلة الحالية مع كل المشاكل التي يعاني منها خصوصا الضمان الاجتماعي واضطرار المضمون ان يدفع الفروقات الاستشفائية من جيبه الخاص.