لم تدخل قمة بغداد 2 في عمق الأزمة اللبنانية ولم تقدّم مقاربة عملية وواضحة لحل الأزمة السياسية والرئاسية باستثناء تطرّق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون باقتضاب في كلمته الى ملف لبنان، ما يؤشر الى أن الظروف الإقليمية والدولية لم تنضج بعد لإنتاج تسوية رئاسية، وبالتالي هناك ملفات واستحقاقات وأزمات عدة تتقدم على الملف اللبناني.
وكتبت" نداء الوطن":بينما لفت تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في القمة الأردنية حول الوضع العراقي أنّ "أزمات العراق وسوريا ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادقة بين الدول المعنية"، برزت في الوقت عينه على هامش انعقاد القمة دعوة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، القادة السياسيين اللبنانيين إلى "تحمّل مسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشدة".وفي بيروت، استرعت الانتباه الزيارة التي قام بها السفير السعودي وليد البخاري أمس إلى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي وتطرق معه إلى المستجدات اللبنانية. وبحسب المعلومات المتواترة عن اللقاء، فإنّ الموقف السعودي الذي نقله البخاري بدا منسجماً مع الموقف الفرنسي حيال الوضع في لبنان، إذ نقلت مصادر بكركي أنّ البخاري أكد أمام الراعي على موقف بلاده الداعي إلى ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت والشروع في تشكيل حكومة منسجمة مع رئيس الجمهورية الجديد للنهوض بالبلد، معلناً استعداد المملكة العربية السعودية لبذل أي جهد يصبّ في خانة مساعدة لبنان، مع الإشارة في هذا السياق إلى أنّ التنسيق السعودي مستمر مع الجانب الفرنسي حيال الملف اللبناني.
وكتبت " النهار": اوضحت مصادر بكركي ان بخاري أكد ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد وان المملكة العربية السعودية لن تتردد في القيام بأي جهد يطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات وان التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر. واشارت المصادر الى ان بخاري قال في بكركي إن المطلوب اليوم رئيس مقبول من الجميع وأن يكون على علاقة جيدة بمختلف الدول وان البطريرك الراعي فهم من كلام بخاري أن المملكة تحبّذ رئيساً لا ينتمي إلى أي محور سياسيّ. ولفتت الى ان بخاري أثنى على عظات البطريرك الراعي لا سيما في ما يتعلّق بالحياد وبضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.
وكتبت" البناء": لبنان الذي كان بعض السياسيين والإعلاميين فيه يتمنون ويتوقعون أن يكون حاضراً على طاولة القمة سجل غياباً حتى في كلمات الوفود، لدرجة أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماركون لم يأت على ذكر لبنان في كلمته الا بصورة رمزية خلال إشارته إلى أن حل أزمات العراق ولبنان وسورية يحتاج الى التعاون الإقليمي. ولم يُذكر الاستحقاق الرئاسي وحال الشغور التي يعيشها المنصب الرئاسي إلا بصورة رمزية أيضاً في كلمة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا بعد نهاية القمة، وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزيري خارجيتي الأردن والعراق، بقولها إن على القادة اللبنانيين «الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشدة».
وتوقعت أوساط سياسية عبر «البناء» أن يطول أمد الشغور الرئاسي بسبب التعقيدات التي تشهدها المنطقة والعالم، مشيرة الى أنه لو كان هناك نية وإرادة وإقليمية ودولية لمساعدة لبنان على حل أزمته المتعددة الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكان ظهر ذلك في قمة بغداد التي تشكل فرصة لتبادل وجهات النظر والحوار والخروج بحد مقبول من التفاهم على خريطة طريق للخروج من الأزمة، طالما أن المجلس النيابي لم يستطع فتح ثغرة في جدار الأزمة عبر انتخاب الرئيس وإنهاء الشغور. ولاحظت الأوساط أن حضور القمة كان على مستوى وزراء خارجية وليس رؤساء دول، كما لم ترصد عدسات الكاميرا أي لقاء ثنائي بين وزيري خارجية السعودية وإيران.
وكتبت" اللواء": بدا إفلاس الرهان على الحراك الفرنسي - الاقليمي من مضمون البيان الختامي لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية (وهو مؤتمر سنوي) استضافته الاردن في منطقة البحر الميت، لدعم العراق لتحقيق التنمية الشاملة، والعمل على بناء التكامل الاقتصادي والتعاون في قطاعات تشمل الطاقة والمياه والربط الكهربائي والامن الغذائي والصحي والنقل ومشاريع البنية التحتية وحماية المناخ، الذي لم يأتِ، حتى على ذكر لبنان، لا من قريب او بعيد.
والاغرب في الموضوع، ان فرنسا التي ترعى الحراك من اجل التوصل الى تفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، رمت الطابة مجدداً الى ملعب ما اسمته «القادة السياسيين اللبنانيين»، فقد دعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا هؤلاء الى «الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الاصلاحات التي يحتاج اليها لبنان بشدة».
ومع هذه النتيجة، بغياب ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، واختصار التمثيل لدى السعودية وعمان والبحرين وقطر وايران على وزراء الخارجية، لم يكن من الممكن ان يكتب للرهانات على تقارب، او تفاهم سعودي - ايراني اي تحقق، مما يعني وفقاً لمصادر دبلوماسية لبنانية، ان ملف لبنان ما يزال على الرّف، فضلاً عن ان ملف الاتفاق النووي ليس من اولويات الإدارة الاميركية حالياً..
واعتبرت المصادر ان التطرق الى الازمة اللبنانية وسبل مساعدة لبنان، بين الرئيس الفرنسي وعدد من القادة والمسؤولين العرب المشاركين بالمؤتمر، مؤشر مهم، يعكس مدى الاهتمام الفرنسي والعربي والدولي بلبنان، ويترجم الوعود الى حقيقة، الا انها ابدت خشيتها، من عرقلة ايران لهذا الاهتمام، واحجامها عن المساهمة في الجهود المبذولة لتسريع حل الازمة، على خلفية تردي العلاقات الفرنسية والعربية مع ايران.
ورصدت المصادر الديبلوماسية مواقف ومؤشرات مقلقة خلال انعقاد مؤتمر بغداد ٢ في الاردن، اطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزيرة الخارجية، تبدي استياءها من التدخلات في شؤون الدول المجاورة للعراق، ومن بينها لبنان وتحملها مسؤولية تدهور الاوضاع فيها، باشارة غير مباشرة على التدخل الايراني في شؤون هذه الدول، بينما طالبت وزيرة خارجية فرنسا نظيرها الايراني المشارك بالمؤتمر اطلاق سراح الرهائن الفرنسيين المحتجزين بايران، ما يعكس تردي العلاقات بين البلدين، ويؤدي الى تعثر تسويق التحركات والجهود المبذولة للتفاهم بين الدول المؤثرة ومن بينها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وايران وقطر، لمساعدة لبنان ليتمكن من حل ازمته الحالية المستعصية وينجح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن.