عاد الترقب من جديد ليخيم على المشهد السياسي اللبناني، فبيان السفارة السعودية الذي طلب ليل السبت من الرعايا السعوديين مغادرة لبنان والذي أتى بالتزامن مع احداث عين الحلوة، استتبع ببيان كويتي في اليوم نفسه فبحريني وقطري مساء امس، وكل ذلك يؤشر الى أن الأمور مرتبطة بالمشهد في المنطقة الذي لا بد أن ينعكس على لبنان.
وفق المعلومات، لم يكن أحد من القوى السياسية يتوقع الموقف السعودي الأخير خصوصاً وأنّ رهانات القوى السياسية كانت كلها منصبة على اتفاق بكين الذي سيخلق أجواء إيجابية في البلد، الا ان المستجدات التي تظهرت في الأسابيع الماضية أكدت أنَّ الخلاف الخليجي - الإيراني بشأن حقل الدرة الكويتي لم ينته ولم تنجح المساعي في حله خاصة بعد الموقف السعودي - الكويتي الموحّد بأن لا حصة لإيران فيه، علما أن هناك من يشير في الاوساط الدبلوماسية إلى أن حل الملف اليمني لا يزال متعثراً، وأن تسوية الخلافات الإقليمية التي وردت في اتفاق بكين لم تسلك طريقها والمسار السياسي للشروع في الحل اليمني ينتظر بلورة إيران والسعودية تسوية في هذا الشأن، هذا فضلا عن ان الوضع في الشمال السوري ليس بأفضل حال.
ما تقدم يؤشر إلى عودة التشدد الخليجي في لبنان انعكاسا للمشهد الاقليمي، وهذا يعني أن الفراغ الرئاسي الذي يفترض، كما يظن البعض، ان ينتهي في أيلول مع عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، بات مفعوله طويلا ربطا باستمرار الكباش الاقليمي وبالموقف الأميركي المتشدد من لبنان ومرورا ببيان اللجنة الخماسية، وكل ذلك ينذر بأن الأزمة ستطول وان التهديد لن يسرّع في انتخاب رئيس انما سيفاقم حدة المشكلة.
في رأي مصدر سياسي، فإنَّ البيانات الخليجية ليست الا استباقاً لحدث أمني قد يحصل في لبنان، وقد يكون بمثابة الكوة التي ستفتح لانتخاب رئيس تسوية بعيدا عن مرشح "الثنائي الشيعي"أو "مرشح المعارضة"، وهذا يقود، بحسب المصدر إلى احتمال أن يتقدم مجدداً اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون مجدداً إلى الواجهة وان ترتفع أسهمه أكثر.
وعليه، يدعو المصدر إلى ترقب كيفية تعاطي حزب الله في الساعات المقبلة لا سيما وأن الأخير اعاد فتح نوافذ الحوار مع التيار الوطني وفق مقايضة تقوم على انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية ، في مقابل تسليف النائب جبران باسيل إقرار قانون اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني.
ولذلك ليس جلياً بعد مآل الأمور في لبنان، خاصة وأن أي تدهور في العلاقات الاقليمية، بالتوازي مع تعثر التفاوض الأميركي-الايراني، يعني أن لبنان لن يخرج من دوامة عدم الاستقرار الاسياسي، الا اذا نجحت قطر في ترتيب الأوضاع مع الحزب وإيران في سبيل الوصول الى تسوية توصل العماد عون إلى بعبدا، لكن الأمور لا تزال غير واضحة، خاصة وان الحزب، وفق مصادره، يؤكد أن الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة، مع تشديده في الوقت نفسه على تمسكه بترشيح فرنجية.
وتشير أوساط سياسية إلى اتصالات سيجريها المعنيون في لبنان مع عدد من السفراء لتبيان حقيقة المواقف الخليجية ليبنى على الشيء مقتضاه.
وبالانتظار، فإن ملف مخيم عين الحلوة بتشعباته لا يزال محل اهتمام محلي خوفا من عودة التوتر، مع الاشارة الى أنّ عضو اللجنة التنفيذية في حركة فتح عزام الاحمد سوف يصل اليوم إلى بيروت حيث سيلتقي رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين للإطلاع على ما يحصل في المخيم والتأكيد على أن حركة فتح لن تسمح بخروج الأمور عن السيطرة وتهديد استقرار لبنان.