أرسل "حزب الله" امس عدة رسائل الى إسرائيل، بعضها رسائل سياسية تحذيرية وبعضها الآخر ميدانية مرتبطة بمسار المعركة الحاصلة جنوب لبنان. يريد الحزب بشكل واضح تحقيق أهدافه من دون الاضطرار للذهاب الى حرب مفتوحة، لذلك لا يزال يظهر، يوما بعد آخر، وبشكل متزايد، جديته في التصعيد اذا ما لزم الأمر، حتى لو تدحرجت الامور الى حرب شاملة او الى اي سيناريو مهما كان كبيراً.
سرّب "حزب الله" صباح امس، رسالة الامين العالم للحزب السيد حسن نصرالله الى "الجهات الاعلامية داخل الحزب" بضرورة إعتماد عبارة "على طريق القدس" عند الحديث عن الشهداء الذين يسقطون في المعركة الحاصلة جنوب لبنان. توصية نصرالله كان ممكن أن يكون لها هدف دعائي في اطار الحرب النفسية التي يتقن الحزب استخدامها، لو انها بقيت سرية، أي لو تم تطبيقها من دون الاعلان عنها، اذ ان الاعلان عن التوجه بصفته قرارا تنظيمياً، يفقد "العبارة" وظيفتها التأثيرية على الرأي العام او المتلقي.
هذا كله لا يغيب عن صانع القرار داخل الحزب، والذي لم يتردد ابداً في تسريب الرسالة في اليوم الذي كتبت فيه، لا بل بعد ساعات قليلة جدا من كتابتها، وهذا يعني انها كتبت لتسرّب، للقول أن ما يحصل جنوباً له ارتباط عضوي بمعركة التحرير المفترضة، وأن الحزب جدي في تحضير الرأي العام للانخراط في حرب كبرى عنوانها الدخول الى الاراضي المحتلة، لذلك فإن تل ابيب يجب ان تقرأ جيدا ما أراد الحزب ايصاله.
الرسالة الثانية كانت بالصورة التي نشرت عن لقاء نصرالله بكل من الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد نخالة، ونائب رئيس حركة حماس صالح العروري، اذ ان اهمية اللقاء هو الاعلان عنه، على اعتبار ان طبيعة المعركة الحاصلة ووجود غرفة عمليات مشتركة تفرض ان يكون هذا الاجتماع ليس الاول من نوعه، ما يعني ان تقصد تظهيره اعلاميا يهدف الى الإيحاء بتنسيق جديد من أجل خطوة جديدة، خصوصا ان البيان المرفق بالصورة، اكد ان الاطراف ناقشوا التطورات عند الحدود الجنوبية ايضا.
اما الرسالة الميدانية فكانت إطلاق "حزب الله" صاروخ دفاع جوي من الاراضي اللبنانية لاحق طائرة اسرائيلية فوق بحيرة طبريا، اذ اعلن جيش العدو انه استطاع اسقاط الصاروخ، وأهمية هذه الخطوة، بعيدا عن تفاصيلها التكتيكية، انها إشارة الى ان الحزب يسعى الى ايجاد حلول سريعة لتفوق تل ابيب الجوي عند الحدود وهو امر، له سياقاته الميدانية التي لا مجال لذكرها الآن.
وبحسب مصادر مطلعة فإن تخفيف تحرك الطائرات المسيّرة الاسرائيلية، وهو أمر ممكن بحسب ما ظهر من امكانيات للحزب في السنوات الماضية، سيزيد الضغط على الجيش الاسرائيلي في جبهته الشمالية اضعاف ما تعرض له في الايام الماضية، وسيوصل رسالة واضحة تقول بأن الحزب سيتستمر في حربه عند الخط الحدودي بالرغم من الخسائر التي سيضع لها حداً بالقريب العاجل...