بعد مرور أكثر من ستة أشهر على بدء الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين بقطاع غزة، تبدو سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط على المحك. فالمفاوضات حول وقف لإطلاق النار في غزة وصلت إلى مرحلة حرجة. وهجمات جماعة الحوثيين اليمنية تعرقل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وترهق القوات البحرية الأمريكية التي تحاول التصدي لها.
وفي تحليل نشرته وكالة "بلومبرغ" للأنباء أشار إلى أنّ الأمور في الشرق الأوسط يمكن أن تصبح أشد تعقيداً وقبحاً، ومن المحتمل أن يحدث هذا بالفعل، فتصبح الحرب في غزة مجرد مقدمة لأزمتين جديدتين ويمكن أن تكونا أشد تدميراً.
الأزمة المحتملة الأولى تتعلق باحتمالات تطور الحرب بين إسرائيل و"حزب الله". فعندما نشبت الحرب بينهما في 2006 تم تدمير الجنوب اللبناني.
ومنذ ذلك الوقت ينظر المسؤولون الإسرائيليون بقلق لتكديس "حزب الله" للأسلحة الأكثر تطوراً، بما فيها حوالي 150 ألف صاروخ. ويعتبر "حزب الله" قوة عسكرية غير نظامية من الطراز الأول، ويرتبط بعلاقة وثيقة مع حركة “حماس” الفلسطينية التي تقاتل إسرائيل في غزة.
ويقول براندز إن حكومة نتنياهو فكرت في شن ضربة استباقية ضد “حزب الله” بعد هجوم الفصائل الفلسطينية المسلحة على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي، خوفاً من قيام الحزب بمهاجمة إسرائيل مستغلاً انشغالها بالحرب في غزة.
قليل من الإسرائيليين يريدون تحمّل خطر احتمال قيام "حزب الله" بمهاجمة شمال إسرائيل على غرار هجوم "حماس والفصائل الأخرى على جنوبها يوم 7 تشرين الأول الماضي.
وتواجه إسرائيل حالياً من الناحية العملية انكماشاً لمساحة أراضيها، وهو أمر لا يمكن أن تقبل به حكومة إسرائيل سواء تحت رئاسة نتنياهو أو أي خليفة له.
ويستخدم "حزب الله" الصواريخ المضادة للدبابات وأسلحة أخرى لاستهداف الجنود والمدنيين الإسرائيليين. وترد إسرائيل بضربات على جنوب لبنان وسوريا بدعوى استهداف "حزب الله" والعناصر الإيرانية الداعمة له.
ويرى التقرير، أن نشوب حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” ستكون أشد تدميراً مما يجري في غزة. ولأن “حزب الله” حليف حيوي لإيران فقد تنخرط إيران في الحرب إلى جانبه بشكل أوضح.
لذلك على الجميع الانتباه إلى أن أزمة قادمة على الحدود الشمالية بمجرد انتهاء القتال الكثيف في غزة وقدرة حكومة إسرائيل على توجيه اهتمامها إلى تهديدات أخرى. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان ممكناً تسوية هذه الأزمة بالطرق الدبلوماسية، أو بالقوة كما يهدد المسؤولون الإسرائيليون.
أما الأزمة الثانية التي تنتظر الشرق الأوسط بعد حرب غزة، فتتعلق بإيران الموجودة في أغلب اضطرابات الشرق الأوسط. فإيران مثل “حزب الله” ستفضّل تجنّب حرب شاملة ومباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة. لكن ذلك لأن الوضع الراهن يوفر لها الكثير من المزايا. فالفوضى في الشرق الأوسط تعرقل، ولو بشكل مؤقت، التقارب بين إسرائيل والسعودية خصمي إيران. كما تسمح للحوثيين باستنزاف قدرات الولايات المتحدة، وتخلق ستاراً كثيفاً من الدخان يتيح لها المضي قدماً في جهود تطوير قنبلتها النووية.
وعلى الرغم من بعض التعثرات الأخيرة، وصل البرنامج النووي الإيراني إلى درجة من التقدم تتيح لطهران الحصول على كمية من اليورانيوم عالي التخصيب تكفي لصنع ثلاث قنابل نووية في أقل من أسبوعين. ولكن صنع سلاح نووي قابل للاستخدام سوف يستغرق وقتاً أطول، وربما عاماً كاملاً، في حين لا يوجد دليل دامغ على أن إيران تتخذ الخطوات اللازمة. ولكن المخاوف بشأن هذه النقطة تتزايد.(القدس العربي)