كتبت "الشرق الاوسط":
أقر نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بـ"تغير أداء" مقاتلي الحزب على جبهة جنوب لبنان، معلناً إجراء "تعديلات كي يكون هناك إنجاز مهم".
وسأل الشيخ قاسم في كلمة له خلال احتفال في بيروت الجمعة: "ألم تُلاحظوا كيف تغيّر الأداء على الجبهة الجنوبية، وكيف استفاد الإخوة المجاهدون من الدروس والعبر، ومن الأمور التي استخدمت بشكل حديث، فعالجوا بعضها وكشفوا عن إمكانات معينة؟".
وأضاف قاسم: "في كل الحروب بالعالم، عندما تنتهي الحرب يدرسون الإيجابيات والسلبيات ويعالجون السلبيات للحرب المقبلة. نحن درسنا الإيجابيات والسلبيات منذ أول شهرين، وأجرينا التعديلات اللازمة حتى يكون هناك إنجاز مهم، وهذا ما حصل من قبل المجاهدين".
وبينما أفاد مقربون من "حزب الله" بأن عدد المقاتلين الذين قضوا في الحرب المستمرة جنوباً منذ 8 تشرين الأول الماضي قارب 300، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1413 إصابة، منها 351 حالة وفاة، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان.
وبحسب الباحث في مؤسسة "الدولية للمعلومات"، محمد شمس الدين، استُشهد في حرب تموز 2006، التي استمرت 33 يوماً، 1267 مدنياً و350 مقاتل من "حزب الله"، بالإضافة إلى عدد من عناصر الجيش اللبناني. أما في الحرب الراهنة، فقد استشهد 290 عنصراً من "حزب الله"، و57 مدنياً.
وأضاف شمس الدين في تصريح لـ"الشرق الأوسط": "تم أيضاً تسجيل استشهاد 19 مقاتلاً من (حركة أمل) ومن الهيئة الصحية الإسلامية، و4 من كشافة الرسالة التابعة لـ(أمل)، و5 مقاتلين من (الجماعة الإسلامية)، و7 مسعفين للجماعة، وعنصر من الجيش ، وعنصر من (الحزب القومي السوري الاجتماعي)، إضافة إلى 8 سوريين و8 فلسطينيين".
ويعدّ كثيرون أنه لا تصح المقارنة بين المعركة الحالية التي يصر "حزب الله" على أنها معركة "مساندة ودعم" لقطاع غزة، والمحصورة عملياً في رقعة جغرافية محددة، رغم بعض التجاوزات، التي دخلت مؤخراً شهرها السابع، متحولة إلى حرب استنزاف، وحرب عام 2006 التي كانت "حرباً مفتوحة" دامت 33 يوماً وامتدّت إلى سائر الأراضي اللبنانية.
وفي شهر آذار الماضي، وفي اليوم الـ150 للحرب، نشر "حزب الله" ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي منذ 8 تشرين الأول 2023.
وذكر "الإعلام الحربي" في "حزب الله" في "إنفوغراف" أنه نفذ خلال هذه الفترة 1194 هجوماً ضد إسرائيل، لافتاً إلى أن الخسائر البشرية لدى إسرائيل بلغت أكثر من 2000 بين قتيل وجريح.
بدوره، كتب ميشال نصر في "الديار":
رفح، التي بنظر الخبراء العسكريين قد انطلقت فعلا، يستمر الترقب لما ستحمله الايام القليلة المقبلة من تطورات على المستوى العسكري جنوباً، والذي عززته التسريبات عن "تخيير" تل ابيب واشنطن بين رفح ولبنان،في وقت عمد فيه كل من فريقي المعركة الى تغيير تكتيكاته واستراتيجياته، استنادا الى معمودية الاشهر الماضية، والتي كلفت الكثير من الخسائر، المدنية والعسكرية.
وفي هذا الاطار يكشف "مصدر مقاوم"، ان المراجعة الدورية المستمرة لمجريات العمليات العسكرية، منذ اندلاع حرب "طوفان الاقصى"، التي تجريها غرفة عمليات محور المقاومة، وبالتحديد قيادة حزب الله الميدانية، عمدت حارة حريك الى اجراء تعديلات اساسية على استراتيجيتها المعتمدة في الدفاع والهجوم، حتمتها الظروف الميدانية، ضمن مسلمتي، الحاق اكبر ضرر ممكن في الجانب الاسرائيلي، والتخفيف من الخسائر في الجانب اللبناني، حيث كان القرار بالانتقال التدريجي نحو امر العمليات الجديد، والذي ابرز خطوطه:
- عمدت المقاومة الى سحب عناصرها عن الخطوط الامامية، مع الابقاء على وحدات الاستطلاع والرصد، التي تتموضع لايام في اماكنها، وتتحرك ضمن صمت مطبق على طول الجبهة، وهي بالعادة وحدات تتالف من 3 الى 4 افراد.
- التركيز خلال الفترة الاخيرة على اطلاق الصواريخ القصيرة المدى من نوع "كاتيوشا"، والصواريخ المتوسطة المدى، والتي تنطلق من قواعدها المموهة والمنتشرة في الوديان والاحراج، على قاعدة "ارمي وانسى"، بعدما شهدت الفترة الماضية تركيزا في استخدام الصواريخ المضادة للدروع من نوع "كورنت"، وهو ما سمح في كثير من الاحيان بانكشاف مجموعات الاطلاق وسهّل عملية استهدافها من قبل المسيرات الاسرائيلية.
- الاعتماد على سلاح المسيرات والتي تنطلق من مناطقة متاخمة للخط الازرق والتي يصعب رصدها نظرا لسرعة انقضاضها على اهدافها، وهو ما يسمح لها باختراق ثغرات نظام الدفاع الجوي الاسرائيلي، والذي اجبر اكثر من مرة طائرات سلاح الجو على التحليق على علو منخفض بحثا عن المسيرات، حيث التساؤلات عن سبب عدم استهداف هذه المقاتلات واسقاطها، رغم سهولة ذلك، وهو ما يرد عليه المعنيون بان هذا الامر مرتبط بقواعد الاشتباك وان هكذا خطوة تنقل المعركة الى مكان آخر، وهو امر غير مطلوب راهنا.
- تعزيز القدرات الاستخباراتية، خصوصا شبكات العملاء والمخبرين وراء خطوط العدو، في وقت تم فيه تدمير جزء كبير من منظومة الاستعلام الاسرائيلية. وفي هذا الاطار تكشف تقارير استخباراتية عن وجود مجموعات خاصة لحزب الله تعمل في العمق الاسرائيلي، تسللت عبر الحدود من لبنان.
وعليه فان هذه الاستراتيجية نجحت الى حد كبير في تحقيق الاهداف التي تسعى اليها القيادة العسكرية للمقاومة، التي يردد قادتها حرصهم على تطبيق وعود امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وتكريس المعادلات التي يتحدث عنها، رغم الاختلاف في وجهات النظر بين "جيلي" المقاتلين، وحماسة كل منهما الى تنفيذ الخطط وفقا لمدرسته.
وفي هذا الاطار تتحدث المصادر عن عملية مركبة نفذها حزب الله خلال الساعات الماضية، استهدفت سيارة عسكرية تقل ضابطا كبيرا في الجيش الاسرائيلي، على بعد سبعة كيلومترات، عبر طائرة مسيرة انتحارية، ما ادى الى تدمير السيارة ومقتل من فيها، وسط تكتم اسرائيلي كامل عن العملية، متابعة ان اهمية العملية ورمزيتها، هي اظهار قدرات الحزب على اعتماد اساليب اسرائيل نفسها، عبر اغتيال كادرات المقاومة بواسطة المسيرات.