Advertisement

لبنان

لماذا تقوم قيامة البعض عندما تقرّر الدولة ألاّ يكون "حيطها واطيًا"؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
20-05-2024 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1201756-638517925969124122.jpeg
Doc-P-1201756-638517925969124122.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
اعتاد الذين يتعاطون مع لبنان على الاعتقاد أن "حيطه واطي". وقد لا يكون الحقّ عليهم، بل على بعض اللبنانيين الذين أوحوا لهم بأن في استطاعتهم التعامل مع الدولة اللبنانية وكأنها "اجر كرسي" أو "شرّابة خرج" ليس أكثر. هكذا كان تعاملهم مع العثمانيين على مدى أربعمئة سنة. وهكذا كانت حالهم مع الفرنسيين في زمن الانتداب. ولم تكن الحال أفضل بكثير مع الفلسطينيين حين اعتقدوا أن طريق القدس تمرّ بجونيه وعيون السيمان. ومن بعدهم جاءت حقبة الوصاية السورية على مدى ما يقارب الثلاثين سنة حين احكّمت "عنجر" بقبضتها على مفاصل الحياة السياسية في لبنان، بحيث كانت تتدّخل حتى في تعيين أصغر موظف. ولو لم تكن "دكة" بعض هؤلاء اللبنانيين "رخوة" لما تمكنت "عنجر" ولا غيرها من التصرّف مع دولتهم على أساس أنها لم تبلغ بعد سن الرشد وهي لا تزال قاصرة وتحتاج إلى من يمسك بيدها أو يشدّ عليها.
Advertisement
ولأن بعض هؤلاء اللبنانيين يتصرّفون على أنهم لا يزالون قصّارًا ويحتاجون إلى من يمسك بأيديهم ليستطيعوا اجتياز الطرق المزدحمة من دون أن تدهسهم السيارات المسرعة سمح رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان لنفسه، بتوجيه كتاب إلى وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي يطلب منه فيه وقف ما أسماها "ممارسات لاإنسانية"، وأن تتراجع الإدارات الرسمية اللبنانية عن التدابير التي اتخذتها بحق النازحين السوريين غير الشرعيين.
 
غريب أمر هذه المفوضية، التي تسمح لنفسها بأن تتصرّف في لبنان على هواها وكأنها صاحبة الأمر وصاحبة الدار، أو بالأحرى كأن لا مسؤولين فيه ولا حكومة ولا وزراء ولا إدارات رسمية عليها أن تعود إليها قبل أن تقدم على أي عمل له علاقة بالسيادة اللبنانية. فهي تتصرّف وكأنها "فاتحة على حسابها"، وتعتقد أن كلمتها هي التي يجب أن تكون مسموعة، وأن ما تقوله هو ما يجب أن يسري مفعوله.
 
تعتقد هذه المفوضية، وهي بالتأكيد على خطأ، أنه لا يجوز لأي وزارة أو إدارة أو جهاز أن يتعاطى بشأن النازحين السوريين قبل أن يعودوا إليها حتى في أدّق التفاصيل، لذلك اعتبرت أن ما يقوم به الأمن العام وفق تعليمات واضحة وصريحة من وزارة الداخلية وبقرار حكومي من عمليات تنظيم لبعض التجاوزات غير الشرعية التي يقوم بها بعض النازحين السوريين تصرفات غير إنسانية.
فإذا قامت أجهزة الدولة بواجباتها وطبّقت القوانين والاتفاقات التي تنظم عمل المقيمين على أرضيها، سواء أكانوا سوريين أو غير سوريين، تقوم قيامة "المفوضية السامية"، ويتعاطف معها بعض اللبنانيين، الذين ذهبوا إلى حدّ المطالبة بإقالة الوزير مولوي لأنه يقوم بعمله الوظيفي ويؤدي واجبه الوطني.
وإذا لم تبادر الدولة وتقوم بما يُفترض بها أن تقوم به لجهة تطبيق القوانين فلن يستكين لـ "أهل الغيرة" ساكنًا، ويرمونها بما توافر لهم من حجارة، وهم في الأساس يسكنون في بيوت من زجاج، فيرشقون بها من يعتبرونهم مقصرّين ولا يقومون بواجباتهم.
 
فإذا كانت مفوضية اللاجئين لا ترى سوى بعين واحدة فهذه مشكلتها وليست مشكلة الوزارات التي تعاطت مع النازحين السوريين من منطلق انساني بحت، واعتبرتهم بمثابة ضيوف، وتعاملت معهم على هذا الأساس. وهكذا فعل معظم اللبنانيين الذين تعاطفوا مع السوريين إلى أقصى درجات التعاطف الإنساني، وإن بدت تصرفات بعض الذين لا تزال ذاكرتهم رطبة فيها الشيء الكثير من العنصرية وكأنهم ينفخون على "لبن النزوح" وهم الذين اكتووا من "حليب الوصاية".
ففي تاريخ النزوحات البشرية القديم منها والحديث لم يُسجّل أن عامل أحد النازحين كما عامل اللبنانيون النازحين السوريين انسانيًا، على رغم معرفتهم المسبقة بما يشكّله هذا النزوح، وبهذه الأعداد الكثيفة، وبهذا الشكل الفوضوي، من خطر ديموغرافي، واقتصادي، واجتماعي، وأمني.
فوزارة الداخلية بكل أجهزتها الإدارية والأمنية ماضية في تطبيق القوانين، وهي ستقول ما يلزم أن يُقال لمفوضية اللاجئين ولغيرها من منظمات وجمعيات مدنية.
 
    
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك