انشغل اللبنانيون منذ الأسبوع الفائت باخبار الهزات الأرضية التي ضربت سوريا وشعروا بها، وآخرها ليل امس بقوة 3.6 درجة على مقياس ريختر، وحدد المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، موقعها في البحر مقابل شاطئ جنوب لبنان.
هذا الامر أعاد إلى أذهانهم ليلة 6 شباط 2023 حيث ضرب زلزالا مدمرا تركيا وسوريا بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر أوقع أكثر من 50 ألف قتيل.
فيوم الجمعة الماضي 16 آب، أعلنت السلطات السورية إصابة نحو 17 شخصاً في مدينة سلمية غربي البلاد عقب هزة أرضية بقوة تتراوح ما بين 4.9 و5.2 درجة.
جاء هذا الأمر بعد زلزال آخر بقوة 4.8 درجات ضرب مدينة حماة في غرب سوريا في ساعة متأخرة من يوم الاثنين 12 الجاري، مخلفا عشرات الإصابات بسبب التدافع ولكن من دون وقوع قتلى.
هل لبنان في دائرة الخطر؟
جغرافيا يقع لبنان ضمن فالقين جيولوجيّين أساسيّين يعبُرانه من الشمال نحو الجنوب، شرقاً فالق اليمونة الذي يمرّ في سهل البقاع بمحاذاة سلسلة لبنان الغربيّة، ومن جهة الغرب الفالق البحري الذي يمرّ بمحاذاة الشاطئ اللبناني، وتتفرع منهما فوالق جانبية عدّة تنتشر في الأراضي المحصورة بينهما، من بينها فالق روم، ونتيجة تحرّكها، يكون لبنان سنوياً مسرحاً لهزات أرضيّة تندرج قوّتها بين 3 و5.6 درجات على مقياس ريختر وينتج عنها تحرّك في طبقات الأرض يبلغ مداها نحو 5 ملمترات سنوياً عمودياً وأفقيّاً.
في هذا الإطار، يوضح الباحث في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر عبر "
لبنان 24" ان "في سوريا عدة فوالق ناشطة زلزاليا وما يحصل حاليا هو نتيجة حركة نشطة تؤدي إلى تحرّك بعض هذه الفوالق ما يتسبب بوقوع هزات".
ولفت إلى ان "الهزتين الأخيرتين في سوريا وقعتا على فالق حماة، أما فالق مصياف فهو امتداد لفالق البحر الميت وبالتالي هو امتداد لفالق اليمونة في لبنان، وما حصل بعيد عن فالق البحر الميت لذا لا تأثير لهذه الهزات على لبنان".
لبنان على صفائح تكتونية
يؤكد نمر انها "ليست المرة الأولى التي تحصل فيها هزات على فالق حماة ولكن هذه الفوالق غير واضحة كثيرا وقد يكون السبب كونها تقع في منطقة زراعية او بسبب عدم وجود دراسات شاملة عن هذه المنطقة تحديدا تسمح لنا بالقيام بتخطيط للفوالق الموجودة لمعرفة سواء أكانت زلزالية أو غير زلزالية".
وعن خطر وقوع زلازل في لبنان، يقول نمر: "منذ 6 شباط 2023 أي لحظة وقوع زلزالي تركيا وسوريا ولغاية الآن أصبحنا في لبنان على دراية بوضعنا الجيولوجي والتكتوني فلبنان يقع على صفائح تكتونية والناس باتت تتكيف أكثر مع هذه الفكرة وما حصل الإثنين الماضي ليلا أعادنا بالذاكرة إلى ما حصل قبل سنة ونصف السنة في تركيا ومعظم اللبنانيين شعروا بالخوف وهذا أمر طبيعي".
وتابع نمر: "يمكن النظر إلى هذا الأمر بمنظار إيجابي حيث ان اللبنانيين أصبحوا يعتادون على فكرة الهزات والتكيف مع واقعهم الجيولوجي حيث شهد لبنان عبر التاريخ زلازل عديدة لذا من المهم جدا التكيف مع هذا الوضع".
وعن مصير 16 ألف مبنى آيلة للسقوط في لبنان في حال وقوع هزات أو زلازل، يُشدد نمر على ان "مسؤولية الدولة اللبنانية والأجهزة والوزارات المعنية الكشف على هذه المباني ووضع تقارير وتوصيات بشأنها لاتخاذ الإجراءات اللازمة قبل وقوع الكارثة".
وعن الهزتين اللتين وقعتا خلال اليومين المنصرمين في لبنان، قال نمر: "الهزات التي شعرنا بها في لبنان بعضها ضرب المنطقة ما بين حماه وحمص وهي تُعتبر هزات ارتدادية للهزة الأساسية التي ضربت حماه الأسبوع الماضي. كما حصلت عدة هزات في مناطق تعرّضت لزلزال 6 شباط 2023 وهي هزات ضعيفة وارتدادية أيضا."
وتابع: "من الطبيعي ان نشهد هزات في تركيا وسوريا وأعتقد ان الهزات ستستمر ولكن بوتيرة أخف عن السابق."