تواصلَت الخروقات الإسرائيلية لليوم الثالث على التوالي في وقت بدأت الاجتماعات التنسيقية بين الجيش ولجنة الاشراف الخماسية المعنية بمراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار.
وكتبت " الاخبار": بينما كانَ رئيس لجنة الإشراف الخماسية، الجنرال جاسبير جيفرز مجتمعاً مع قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة، للبحث في آلية التنسيق بينَ الجهات المعنية بمراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، كانَ العدو الإسرائيلي يُمعِن في تصوير نفسه بأنه فوقَ الجميع، وأن له اليد الطولى وصاحب القرار الوحيد في خرق القرار أو تنفيذه.
صحيح أن الخروقات كانت كبيرة، لكنّ العدو، وبعض الداخل اللبناني، حاولا تسويقها بطريقة أكبر بكثير من الواقع على الأرض، حيث يسعى العدو للقول بأنه متحكّم بكل الحركة كما يشاء، لكنّه تقصّد إيصال رسالة بأنه لن يترك مرحلة الستين يوماً الانتقالية في عهدة اللجنة بل سيحاول قدر الإمكان فرض ما يشبه «المنطقة العازلة» بالنار لمنع أي عودةٍ للسكان إليها. ويوماً بعدَ يوم، يُعبّر العدو عن توتره والضغط الذي يعيشه جيشه كما حكومته جراء السخط الداخلي على الاتفاق، ولا سيما من قبل مستوطني الشمال، ما رفع من نسبة الشكوك في احتمال لجوء العدو إلى «المغامرة» بالاتفاق الذي طلبه هو، كما قال المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين.
وكشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» بعض تفاصيل اجتماع اليرزة. وقالت إن «عون ناقش مع جيفرز آليات العمل في الجنوب كفريق واحد في لجنة الإشراف»، ونقلت عن قائد الجيش قوله للجنرال الأميركي إن «الاتفاق على وقف إطلاق النار كانَ ينصّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي، لكنّ العدو بادر إلى خرقه وبدأ باستهداف الناس، وهذا الأمر إن استمر لن يسمح للجيش بتنفيذ مهمته وانتشاره». وأكّد عون على «المهام الموكلة للجيش والمنصوص عليها في الاتفاق في ما خصّ أي حركة أو المسح الخاص بالمنشآت والمراكز، بينما يتعمّد جيش الاحتلال القيام بها وبالتالي هذا أمر غير مقبول، فهناك مدنيون لا يزالون تحت الأنقاض وعمل كثير يجب أن يبدأ به الجيش والعدو يعيق هذا العمل».
وحسب المصادر فإن جيفرز وعد قائد الجيش بالتواصل مع الإسرائيليين لمعالجة المشكلة، وقالت المصادر إن الجنرال جاء مع فريق عمل يضم حوالي 12 مساعداً سيتخذون من السفارة الأميركية في عوكر مقراً لهم». وإنهم سيحضرون إلى اليرزة فقط في حال كانت هناك حاجة إلى عقد اجتماع مع الجيش اللبناني. بينما ينتقلون إلى الناقورة، للمشاركة في اجتماعات لجنة الإشراف. لكن تبيّن أن جيفرز لن يكون موجوداً بصورة دائمة، بسبب أنه كثير الانشغال في مهام في القيادة الوسطى، ما قد يضطر إلى إرسال مندوب عنه في بعض الأحيان». وكشفت مصادر بارزة أن عون تواصل مع السفارة الفرنسية في بيروت «لاستعجال الفرنسيين بتسمية ممثّلهم في اللجنة»، وعبّر عن «قلقه من أن يستغل العدو الإسرائيلي الفترة الانتقالية لنسف الاتفاق»، مؤكداً على «ضرورة اكتمال اللجنة في أسرع وقت ممكن للمباشرة في عملها».
وفيما دار نقاش حول الاسم الذي ستختاره باريس، وتداولت معلومات حول إمكانية اختياره من داخل كتيبتها في اليونيفل، نفت مصادر مطّلعة ذلك، مؤكدة أن «الضابط المنتدب من الجيش الفرنسي، سيصل خلال يومين إلى بيروت وأن باريس التي يتولى ضابط منها موقع رئيس الأركان في قوات «اليونيفل»، تحرص على فصل عمل كتيبتها عن لجنة الإشراف للاحتفاظ بالموقعين. وتقرّر أن يكون العضو الفرنسي برتبة عميد وما دون، كون رئيس اللجنة الأميركي هو لواء ويجب أن تكون رتبة العضو أقل بحكم التراتبية».
وكتبت" اللواء": من الثابت، وفقا للمعلومات المتاحة، أن لجنة الإشراف الخماسية على تطبيق قرار وقف النار الذي أعلن عنه في 27 تشرين الثاني الجاري، ستتولى في أول اجتماع تعقده في مقر وحدة الأمم المتحدة (اليونيفيل) في الناقورة، بدءاً من يوم غد الأحد، الانتهاكات التي دأب الجيش الاسرائيلي، بتبريرات تفتقد الى الصحة أو الواقعية، على انتهاك وقف النار، وكأن لا إتفاق أعلنت اسرائيل الإلتزام به.
وحتى مساء امس لم يتبين كيف سيتم الرد على الخروقات الفاضحة لقرار وقف اطلاق النار من قبل جيش الاحتلال بينما يؤكد لبنان الرسمي وحزب لله يوميا التزامهما بتطبيقه، وما هو الدور الذي يمكن يلعبه الضابطان الاميركي والفرنسي (الذي لم يعرف ما اذا كان قد وصل الى لبنان ام بعد؟). خاصة ان المراجعات التي قال الجيش اللبناني انه يجريها «مع الجهات المعنية» لم تحقق اي نتيجة حتى الآن بل تمادي العدو الى حد دخول عدة قرى سبق وعجز عن دخولها في الحرب.
وأبلغت جهات رسمية لبنانية الدولتين الراعيتين للاتفاق، واشنطن وباريس أن الوضع لا يمكن السكوت عليه، وعلى «العدو تنفيذ الشق المتعلق به من الاتفاق».
وذكرت مصادر على صلة «بالثنائي الشيعي» أن «الاتفاق المذكور يضمن للطرفين حق الدفاع عن النفس»، وهذا كافٍ لردّ المقاومة، عندما ترى الوقت ملائماً لهكذا قرار..
وإزاء هذا الوضع المرفوض، ونظرا لكون فرنسا هي الدولة الكبرى الثانية الراعية لاتفاق وقف النار، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الوقف «الفوري» لكل «الأعمال التي تنتهك» وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ الأربعاء، على ما أعلن قصر الإليزيه أمس.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «الوقف الفوري» لكل الأعمال التي تنتهك وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ الأربعاء، وفق ما أعلن عنه، أمس الجمعة، قصر الإليزيه. وكان ماكرون وخلال مكالمتين هاتفيتين أجراهما بالأمس مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، دعا جميع الأطراف للعمل على التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
كما علّقت جينين هينيس بلاسخارت، المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان، على هذه الخروقات بالقول إن «تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في جنوب لبنان وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في هذه المناطق، لا يمكن أن يتم كل ذلك بين ليلة وضحاها».