توقفت الحرب وتبددت مشاعر الخوف من القصف المتواصل، غير أن الاكتئاب لم يفارق اللبنانيين. التعب وفقدان الرغبة بممارسة الأنشطة اليومية على مختلف أنواعها يلازم الجميع... إنه الاكتئاب الشتوي، "رجعت الشتوية" وحملته معها ليزيد على حياة اللبنانيين ما كان ينقسهم من حزن وارهاق.
اضطراب موسمي "لا مفرّ منه"
بعيداً عن الأوضاع العامة في البلاد، فان الطقس البارد والتغير المناخي يوثر بشكل مباشر على مزاجكم؛ فوفقاً للدراسات يقلّ إنتاج الفيتامين "د"، وهو من الفيتامينات المهمة في تنظيم المزاج والطاقة، وذلك بسبب قلّة التعرّض لاشعة الشمس. لذا، من الطبيعي في هذا الموسم البارد أن تشعروا بقلة النشاط والتعب المستمر والكآبة.
كما أن الصقيع يؤثّر أيضاً على "ساعتكم البيولوجية"، فساعات الليل زادت وساعات النهار والضوء النعشة قلّت! هذا التغير يتسبب باضطرابات في النوم ويولّد شعوراً بالإرهاق والخمول.. إن وجدتم أنفسكم تناومون أكثر وتشعرون بالتعب الدائم، لا تخافوا.. لستم وحدكم من يعاني من هذه الأعراض.
حتى وإن أحسستم أنكم تميلون في هذه الفترة الى الانعزال والبقاء في المنزل، فهذا الأمر طبيعي أيضاً وناتج عن قلّة التعرض للشمس، انخفاض مستوى الطاقة لديكم المرتبط مباشرة بانخفاض درجات الحرارة.
أعراض الاكتئاب الشتوي
صحيح أن الاضطرابات النفسية والبيولوجية تطال الجميع مع عودة لفحات البرد وتساقط الأمطار والثلوج، ولكن أعراض الإصابة بالاكتئاب الشتوي تختلف من شخص الى آخر.
وقد يكون الشعود بالحزن الشديد والكآبة العميقة، وهو أبرز العوارض وأكثر دلالة على تعرضكم لاضطراب الموسم الموقت، الذي يبدأ مع نهاية فصل الخريف ويلازمكم لأوائل فصل الربيع.
والاكتئاب الشتوي يختلف بنقاط عدة عن الاضطراب الاكتئابي العام؛ فبحسب منظمة الصحة العالمية، الاكتئاب العام هو اضطراب ينطوي على تكدّر المزاج أو فقدان الاستمتاع أو الاهتمام بالأنشطة لفترات طويلة من الزمن وقد يكون حاداً ويؤدي الى الانتحار. في حين ان الاكتئاب الموسمي موقت وأقلّ حدّ وخطورة.
وتتثمّل أعراض الاضطراب الشتوي، بالحزن المستمر وفقدان الرغبة بمزاولة النشاطات التي كنتم تعتبرونها "مسليّة". كما الرغبة الدائمة بالنوم والشعور بالارهاق الشديد والرغبة للانعزال نتيجة فقدان الطاقة. هذا وقد يؤثر الاكتئاب الشتوي على شهيّتكم وقد تعانون من زيادة ملحوظة بالوزن اثر تناول الاطعمة الدسمة والغنية بالكربوهيدرات.
هكذا تتعاملون مع "اكتئابكم" الشتوي
بما أن هذا النوع من الاضطرابات النفسية يعود لقلة انتاج الجسم للفيتامين "د"، فما عليكم سوى تأمين هذا الفيتامين بكمية إضافية لأجسادكم. لذا، خلال فصل الشتاء احرصوا عل تناول أطعمة غنية بهذا الفيتامين كالبيض، الاسماك، المكسرات، كبد البقر والبرتقال.
وتقول إختصاصية التغذية، اليز حداد، لـ"لبنان 24" في هذا الشأن أن الاهتمام بالتغذية والحفاظ على نظام صحي سليم ومتوازن يساعد بشكل كبير في تخطي الاكتئاب الشتوي وحتى تجنّبه. كما تشدد على أهمية تفادي الحلويات والسكريات والأطعم اللذيذة والدسمة التي غالباً ما يلجأ الأفراد لها في أمسياتهم الشتوية. وتنصح بتناول القليل من المكسرّات بدلاً من المقرمشات.
أيضاً، تشير حداد الى أهمية ممارسة الرياضة لتنشيط الدورة الدموية خلال فصل الشتاء. وتقول: "القيام بنشاط رياضي، يساعد في تحريك أعضاء الجسم وتجنب الخمول البدني ما يمنح إحساسا بالنشاط والحيوية والطاقة ويقلل من الانعزال والاكتئاب".
كذلك، لتخطي الاكتئاب الشتوي، يجب الحفاظ على روتين يومي منظم وعدم الانجرار مع الرغبة في الاستلقاء والنوم. كما يجب الحفاظ على النشاطات الاجتماعية وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
وتؤكد حداد أن الاكتئاب الشتوي هي حالة يمكن علاجها من خلال التغذية والحفاظ على روتين يومي صحي وسليم، مشيرة الى انه يمكن اللجوء لمساعدة نفسية لتغيير الأنماط السلوكية ولتخطي الأفكار السلبية التي قد يعاني منها البعض.