كتبت" النهار": من الملاحظ انه بعد مرور وقت قليل على التحرك
الأول على
طريق المطار يوم
الجمعة الفائت سارعت حركة "أمل" إلى الاعتراض على حركة الاحتجاج ورفض التعرض للسيارات والمارة. وزاد الطين بلة عند
الرئيس نبيه
بري الاعتداء على حافلة "اليونيفيل" حيث تتملكه حساسية مفرطة حيالها وكلما تعرض جندي من وحداتها لأي حادث زائد یكرر مقولته الشهيرة بأنه مع الجيش "إذا كان ظالماً أو مظلوماً". ويعتبر أن أي اعتداء على القوة الدولية "هو بمثابة هدية تقدم لإسرائيل".
وحاول "حزب الله" بعد ظهر
السبت الفائت تنظیم تحرکه لاستيعاب حركة الناس وعدم الظهور بأنه تركهم مع تصاعد أصوات شيعية غاضبة، ولا سيما أن مؤثرين وفاعليات يدورون في فلك الحزب وصفوا تحركات المشاركة الأولى بغير
المنظمة ورفضوا وصف قطع
طريق المطار وحرق الإطارات بـ "الشغب". وثمة من نعتهم بـ "الغوغائيين"، ولا سيما بعد الاعتداء على سيارة نائب قائد "اليونيفيل". ولا يبدو عند أي من جناحي "الثنائي" أي توجه لتأمين أي تغطية بدليل أن
الأجهزة الأمنية اعتقلت مجموعة لا بأس بها من المتورطين في الضاحية الجنوبية من دون أي اعتراض من الحزب على توقيف هؤلاء. وفي المناسبة لا يتبنى "الثنائي" مجموعات الشبان الذين يدورون في الضاحية وشوارع بيروت وهم يهتفون شيعة شيعة".
وتقول مصادر شيعية مواكبة إنه لا توجه لدي قيادة الحزب أو جمهوره لحصول أي احتكاك مع الجيش من باب الحفاظ أولاً على دور المؤسسة العسكرية وتجنب أي مشكلة مع حكومة
الرئيس نواف سلام، وإن المطلوب حصول تواصل مفتوح بين الطرفين وعدم التلاعب بالسلم الأهلي في وقت تنتظر فيه
إسرائيل حصول اشتباك بين الجهتين. وإن كان الحزب يقدم المسار الديبلوماسي على العسكري في هذا التوقيت فقد ظهر في طيات خطاب الشيخ نعیم قاسم أن بقاء
إسرائيل في النقاط الخمس يعتبر احتلالاً وأنه لن يقف متفرجاً على هذا الأمر في تأكيد منه أن خيار المقاومة لا يزال في حساباته. ويتلاقى هذا الكلام مع
الرئيس نبيه
بري الذي لا يقبل بصدور البيان الوزاري إن لم يتضمن توجه الحكومة إلى بناء الاستراتيجية الدفاعية. وحاول "حزب الله" بعد ظهر
السبت الفائت تنظيم تحركه لاستيعاب حركة الناس وعدم الظهور بأنه تركهم مع تصاعد أصوات شيعية غاضبة.
وكتب أحمد الأيوبي في" نداء الوطن":
لم يعد خافياً حجم التمزّق الذي أحدثته الحرب الإسرائيلية في جسم "حزب الله" من رأس الهرم حتى أسفله، فقيادات الصفوف الأولى والثانية والثالثة وحتى الرابعة أصيبت إصابات ساحقة مزّقت مركزية "الحزب" وحوّلت مجموعاته إلى جُزُرٍ معزولة فقدت مركزيتها بنسبة كبيرة وهذا يشمل جميع مستويات القرار العسكرية والسياسية والأمنية والإعلامية، بعد أن أصبح "الحزب دكاكين" متصارعة تسعى لاستلحاق نفسها في هذا البازار الإيراني الدامي.
ليس سرّاً أن نكشف أنّ وجود الأمين العام لـ"الحزب" الشيخ نعيم قاسم في طهران أدّى إلى ضعف القدرة على إعادة بناء القرار المركزي وسمح بانفلات مراكز القوى لتسرح وتمرح وتتحرّك وفق مصالحها واعتباراتها من دون الأخذ بالاعتبار واقع "الحزب" وواقع البيئة الشيعية المشرّدة الواقفة على أطلال منازلها ومؤسساتها، فلم يعد الشيخ قاسم سوى ناطق إعلامي باسم هذه المجموعات المتفرقة والمتنازعة. يبرز الشرخ بشكل واضح بين شخصيتين أساسيتين: وفيق صفا
رئيس وحدة الارتباط والتنسيق الذي يتحرّك باعتباره الوريث الفعلي لقيادة الأمين العام الراحل حسن نصرالله، وبين المستشار السياسي لأمين عام "حزب الله"، النائب السابق حسين الموسوي الذي يحاول إنشاء مركز قوة خاص به في عمليات إعادة التموضع الجارية بعد الاغتيالات الكبيرة التي شهدها "الحزب"، بينما يعمل النائب السابق محمود قماطي على تقمّص دور مدّعي المراجعة للمرحلة الحالية التي أدّت إلى هذا الدمار.
ينعكس هذا الانقسام اضطراباً في القرار السياسي ما بين تفويض
الرئيس نبيه
بري بالتفاوض في اتفاق وقف إطلاق النار ثم محاولة الانقلاب عليه، وإطلاق الاتهامات والتخوين لمن رضي باتفاق الإذعان الذي قضى بنزع سلاح "الحزب"، كما حصل نزع التكليف لبري في تشكيل حكومة
الرئيس نواف سلام وحصل التناقض في المواقف والقرارات والأفعال بإطلاق وفيق صفا شرارة التظاهرات الاحتجاجية على منع الطيران الإيراني من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي وما تلاها من اعتداءات على قوات "اليونيفيل" بأبعادها الخطرة إلى درجة اعتبار فرنسا لها بمثابة جريمة حرب.
تبرز الانقسامات أيضاً في تناقض المواقف من أعمال الشغب والتخريب على
طريق المطار، من خبر قناة "المنار" الذي وصف المتظاهرين بالمشاغبين والتخلي عنهم، ثم حذف القناة لهذا الخبر – الموقف، وكذلك يُستشفّ من مواقف التيارات المتصارعة داخل الحزب.
غير أنّ أخطر ما في مسألة تشظي "حزب الله" داخلياً هو التهديدات التي صدرت عن أبواق إعلامية تدور في فلك "الحزب"، وتتحدّث عن عمليات اغتيال وتفجير وتخريب واسعة، وهذا يعيد "الحزب" إلى زمن منظمة الجهاد الإسلامي في الثمانينات من القرن الماضي كنمط إرهابيّ دولي قبل أن يتحوّل تدريجياً إلى حزبٍ فرض نفسه على الدولة والشعب بالقوة والإكراه، ويبدو أنّ هناك من يريد العودة بالمقلوب إلى الوراء.