تتجه الانظار الى تشييع الامينين العامين لحزب الله السابقين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين الاحد في 23 الجاري.
ويشارك وفد ايراني عالي المستوى يمثّل الحكومة والمجلس وجميع الاجهزة في مراسيم تشييع السيد نصر الله، حسبما نقلت وكالة «ايرنا» عن وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي.
وفي خطوة احترازية، اعلنت المديرية العامة للطيران المدني في مطار بيروت انه سيتم اقفال المطار، وتوقف حركة الاقلاع والهبوط من والى المطار بتاريخ 23 شباط 2025، ابتداءً من الساعة 12 ظهراً وحتى الـ4 من بعد ظهر اليوم نفسه.
ومن الاجراءات التي توقفت عندها الاوساط المتابعة، تحذير السفارة الاميركية في لبنان رعاياها من سلوك طريق بئر حسن والجنوب وطريق مطار رفيق الحريري الدولي، يوم الاحد المقبل بالتزامن مع تشييع الامين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وكتبت" النهار": لم يكن أحد يتوقع أن ينتهي اعتصام "حزب الله" تحت شعار "رفض الإملاءات الإسرائيلية، ودفاعاً عن السيادة الوطنية"، بذلك المشهد المتوتر، ولا سيما أن التنسيق كان قائما بين الحزب والجيش اللبناني.
الا أن أمنية ضبط الأمور ميدانيا دونها صعوبات إلى درجة قد يصعب التحكم فيها. وإذا كان الجيش قد برر سبب الاستخدام الكثيف للغاز المسيل للدموع، فإن "حزب الله" يطالب بالتحقيق بعد "الاستخدام المفاجىء للقنابل" التي وصلت إلى المنصة حيث كان يقف نائب رئيس مجلسه السياسي محمود قماطي.
وكانت تلك المنطقة الجغرافية شهدت مواجهات وإطلاق نار من القوى الأمنية على المتظاهرين منذ خريف 1982.
ففي تشرين الأول (أكتوبر) 1982، خلال عهد الرئيس السابق أمين الجميل، ساد التوتر المنطقة القريبة من المطار وتحديداً في حي الرمل العالي الملاصق لطريق المطار، حينها كانت القوى الأمنية تعمل لإزالة مخالفات البناء. وبعد مواجهة مع الأهالي أطلقت النار في اتجاه المعترضين ما أدى إلى سقوط ضحيتين وإصابة آخرين بينهم امرأة. وأشار بيان الجيش حينها إلى أن مجهولين أطلقوا النار في اتجاه الجيش، ورد الأخير عليها. طبعا لا يمكن فصل تلك الحادثة عن الظروف التي كان يعيشها لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي والانقسامات الحادة في البلاد.
مرت السنوات ليعود المشهد عينه بدموية موصوفة إلى الرمل العالي، ويتكرر سيناريو مطابق في الشكل والمضمون. ففي 6 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2006 سقط الفتيان محمد ناجي (11 عاماً) وحسين سويدان (17 عاماً) برصاص عناصر من قوى الأمن الداخلي، وادعت المحمكة العسكرية لاحقاً على 7 عناصر من الأمن الداخلي بـ"التسبب بمقتل ناجي وسويدان"، وحينها كان التعاون لافتاً من المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي لجلاء حقيقة ما جرى في الرمل العالي.
لا تزال تظاهرة "رفض اتفاق أوسلو" في 13 أيلول (سبتمبر) عام 1993 واحدة من الأكثر دموية في لبنان. فخلال تنظيم "حزب الله" تحركاً مندداً بالاتفاق الذي وقّع في ذلك اليوم، أطلقت القوى الأمنية الرصاص على المتظاهرين لدى وصولهم إلى جسر المطار (منطقة الغبيري)، ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص بينهم سيدات وجرح العشرات. في ذلك اليوم تلقف "حزب الله" الامر، وأعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله أن "البلاد كانت على حافة الحرب الأهلية"،وانتظر الحزب نتائج التحقيقات في تلك المجزرة ولكن الانتظار طال".
بعد 11 عاماً على تظاهرة التنديد باتفاق أوسلو، كان حي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت على موعد مع الدماء إثر تظاهرة للسائقين المحتجين على ارتفاع أسعار الوقود، وكذلك منع الفانات العاملة على المازوت من الاستمرار في نقل الركاب. وبعد جلسة مجلس الوزراء في 27 أيار (مايو) 2004، قرر السائقون تلبية دعوة الاتحاد العمالي العام للاحتجاج على الاستنسابية في السماح لأنواع محددة من الباصات بالعمل على المازوت، لكن الاحتجاج المطلبي تحول إلى إطلاق نار من العناصر الأمنية في اتجاه السائقين بعد مواجهات أدت إلى إصابات لدى الطرفين، وفجأة بدأ إطلاق نار أدى إلى سقوط 5 ضحايا من السائقين أصيبوا في المناطق العلوية من أجسادهم. أما ردة فعل ذويهم فكانت إحراق مكاتب في وزارة العمل في منطقة الشياح.
وكتبت لارا يزبك في" نداء الوطن": تقول مصادر سياسية سيادية إن هذا التشييع يريده «الحزب» استفتاءً لشعبيته وتوجّهاته، ويريد منه توجيهَ رسالة إلى السلطة اللبنانية، بِحلّتها الجديدة، بأن ثمة في لبنان، فريقاً واسعاً لا يؤيّدها. فهل مِن المنطقي أن يتقدم لبنانُ الرسمي الحضور، وهو يعرف جيّداً أن «حزب اللّه» يريد مِن الحشد، استهدافَ العهد الجديد؟
عليه، يجب ألا تكون مشاركة لبنان الرسمي في هذه المناسبة، مِن باب المسايرة أو اللياقة، بل يجب أن تكون مدروسة ومدوزنة جداً، كي لا يُساء فهمها، مِن قِبل اللبنانيين أوّلاً، الذين قَطع «الحزبُ» عليهم طريقَ المطار واعتدى على جيشهم واقتحم أحياءهم الآمنة في الجميزة وسواها في الأمس القريب.
كما يجب ألا يسيء المجتمع الدولي فهم هذه المشاركة الرسمية. ويتطلع هذا المجتمع إلى عودة لبنان إلى كنفه كي يساعده في إعادة الإعمار وفي الخروج من حفرته العميقة.
وتسجّل المصادر السيادية اعتراضها على السماح لـ «الحزب» بتنظيم المراسم في «مدينة كميل شمعون الرياضية» وعلى تعديل حركة الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي، وكأن بالدولة قد سلّمت بأن التشييع سيتسبّب في عرقلة الحركة على طريقٍ عام وحيويّ. لكن المصادر تقول إن ما يمكن أن يبرر الحضورَ الرسمي الفعلي ويجعله مقبولاً، هو أن يعلن «الحزبُ في المناسبة، وعلى لسان أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، عن أن «الحزب» سيدفن، مع السيد نصرالله، كلَ أدائه السابق ونموذجَ الدويلة، وعن أنه أيضاً عائدٌ إلى الدولة ويؤيّد البيان الوزاري وخطابَ القسم، وبخاصة في شقّيهما السيادي والعسكري. فهل هو في هذا الصدد؟