قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنه "بعد الإعلان يوم الثلاثاء الماضي، عن بدء مفاوضات بشأن تعديل الحدود بين إسرائيل ولبنان، بناءً على اتفاق وقف إطلاق النار، من المتوقّع أن يناقش الطرفان ثلاث قضايا خلافية رئيسية على طول الحدود.
وذكرت الصحيفة أنّ القضية
الأولى متعلّقة بـ13 نقطة واقعة منذ عام 2000 ضمن حدود
إسرائيل، والتي يقع بعضها قرب مستوطنات وبلدات إسرائيلية، أو تسيطر
إسرائيل على أجزاء من أراضيها، وتشمل رأس الناقورة.
وتقوم
الحدود البرية الحالية بين
إسرائيل ولبنان على "الخط الأزرق"، وهو خط انسحاب قوات الجيش
الإسرائيلي من المنطقة الأمنية العازلة في لبنان عام 2000، ورسمته الأمم المتحدة، وتم تحديده في أعقاب حرب 2006، حيث وُضعت براميل على الأرض لتحديده.
ولفتت الصحيفة نقلاً عن مصادر إسرائيلية لم تسمّها، إلى أن بعض المواقع غير مطروحة أساساً للمفاوضات، مشيرة إلى أن لبنان أبدى منذ ذلك الحين، اعتراضاً على 13 نقطة تقع حالياً تحت السيادة الإسرائيلية، وأنه يدّعي وجود اختلاف بين مسار
الحدود المحدد في عام 1949، والمسار الذي رسمته الأمم المتحدة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية عام 2000، فضلاً عن وجود تناقض بين ترسيم
الحدود على الخرائط وبين العلامات الموجودة على الأرض.
وأضافت الصحيفة أنه في بعض النقاط، يتعلق الأمر بانحراف بسيط فقط، وفي السنوات الأخيرة، قيل إن الأطراف تمكّنت من التوصل إلى تفاهمات مبدئية بشأن ست منها.
أما في نقاط أخرى، مثل منطقة رأس الناقورة، فتُعتبر الخلافات جوهرية أكثر. وأوضحت أن النزاع في رأس الناقورة يتعلق بموقع نقطة
الحدود في سلسلة الناقورة، والتي ينطلق منها خط العوامات الذي يستخدم حدوداً للمياه بين الدولتين.
ولهذه النقطة أهمية أمنية، لأنها تقع في منطقة مرتفعة تُشرف على المنطقة، بالإضافة إلى الأهمية الأمنية، إذ إن للموقع تداعيات اقتصادية وجغرافية كبيرة.
ووفقاً للتقديرات التي لم تشر الصحيفة إلى مصدرها، فإن تغيير نقطة
الحدود في السلسلة قد يؤدي أيضاً إلى تعديل خط
الحدود البحرية
الحالي، والمساحة التابعة للمياه الاقتصادية لإسرائيل، كما يُعتقد أن هذه المنطقة قد تحتوي على مخزونات من الغاز الطبيعي التي يمكن أن تنتقل من جانب إلى آخر.
كذلك، تخضع مزارع شبعا المحتلة حالياً، للسيادة الإسرائيلية، وهي أيضاً موضع خلاف، وتعتبرها
إسرائيل بمثابة أصل استراتيجي يُتيح للقوات الإسرائيلية التنقل والوصول الآمن إلى المواقع العسكرية على جبل الشيخ.
وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة هآرتس: "كلٌّ من قرية الغجر ومزارع شبعا كانت أراضيَ خاضعة لسيطرة سوريا حتى عام 1967، ولكن في مرحلة ما أعلنت (دولة) لبنان أن هذه
الأراضي تابعة لسيادتها وطالبت بها".
وأضاف: "التقديرات في
إسرائيل تشير إلى أن لبنان وسوريا افترضتا أن لبنان سيتمكن من استعادة هذه
الأراضي من
إسرائيل بسهولة أكبر مقارنة بسوريا، ولذلك اتفقتا على مطالبة لبنان بهذه المناطق واعتبار ذلك خطوة تكتيكية".
خلاف آخر يتعلّق بمطلب
حزب الله، ويشمل المناطق التي تقوم اليوم عليها أو في محيطها، مستوطنات كفار جلعادي، والمطلة، ومرغليوت، والمالكية، وأفيفيم، وشومرا.
ومع ذلك، تُقدّر
إسرائيل أن هذا المطلب ليس مطروحاً على طاولة المفاوضات، ومن غير المحتمل أن يتحقق، نظراً إلى أن هذه المناطق تضم اليوم تجمعات سكنية إسرائيلية.
وقال مصدر مطّلع للصحيفة الإسرائيلية إن "حكومات
إسرائيل لم تفكر يوماً في الدخول في مفاوضات حول هذا الموضوع"، وأضاف: "نحن نتحدث، من بين أمور أخرى، عن أراضٍ تحت السيادة الإسرائيلية منذ عام 1948. في بعض المواقع، هذه
الأراضي هي جزء من تجمّعات سكانية إسرائيلية أو قريبة جداً منها، ومن ثم ليس هناك ما يمكن التحدث بشأنه.
حزب الله حدد هذه المناطق نقاط نزاع، لتكون لديه ذريعة لاستمرار الصراع العنيف مع إسرائيل".
ويوم الثلاثاء الماضي، أعلن ديوان
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن اجتماعاً رباعياً عُقد في الناقورة في لبنان، "بمشاركة ممثلين عن الجيش
الإسرائيلي، وممثلين من الولايات المتحدة، وفرنسا، ولبنان.
وخلال الاجتماع، تم الاتفاق على إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة تهدف إلى استقرار المنطقة وتركّز على القضايا التالية: النقاط الخمس التي تسيطر عليها
إسرائيل في جنوب لبنان، مناقشات حول الخط الأزرق والنقاط التي لا تزال محل خلاف، وقضية المعتقلين اللبنانيين المحتجزين لدى
إسرائيل. بالتنسيق مع الولايات المتحدة وكبادرة تجاه الرئيس اللبناني الجديد، وافقت
إسرائيل على إطلاق سراح خمسة معتقلين لبنانيين"، كما جاء في البيان في حينه.
وفي اليوم التالي، صرّح مصدر سياسي إسرائيلي أن
إسرائيل تتطلع إلى التطبيع مع لبنان، بصفته جزءاً من المفاوضات، لكن تصريحاته قوبلت بشكوك من قبل مسؤولين إسرائيليين آخرين. وقدّر أحدهم أن تصريحاته "تهدف إلى التغطية على الإشكالية في قرار
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالخروج عن السياسة الإسرائيلية التقليدية، والموافقة على دراسة مطالب دفع بها
حزب الله على مدار سنوات، وربما حتى تقديم إنجازات له عقب الحرب".
وكان نتنياهو ووزراء المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) أعطوا موافقتهم بالفعل في تشرين الثاني الماضي، لبدء مفاوضات حول هذا الموضوع، وسمحوا بإدراج بند في
اتفاق وقف إطلاق النار ينص على إجراء مناقشات بشأن تعديل
الحدود. وأوضح وزراء في الحكومة منذ ذلك الحين، أنهم سيصوتون ضد أي قرار يؤدي إلى تعديلات حدود تشمل ما اعتبروه تنازلاً إسرائيلياً عن أراضٍ سيادية، حتى لو كانت تعديلات "رمزية".
ووفقاً لأحد الوزراء، من المشكوك فيه أن يتمكن نتنياهو من حشد أغلبية من 80 عضو كنيست اللازمة للموافقة على خطوة كهذه، والطريقة البديلة الوحيدة لإتمام هذه الخطوة من دون أغلبية
خاصة، هي إجراء استفتاء شعبي.
(العربي الجديد)