نشر موقع "arabnews" تقريراً جديداً تحدث فيه عن "تآكل نفوذ حزب الله" وعما إذا كان بإستطاعة لبنان أن يرسم مستقبلاً أكثر إشراقاً بعد الأحداث التي يشهدها.
ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه "للمرة منذ إنشائه عام 1982، يشهدُ حزب الله المدعوم من إيران تراجع نفوذه السياسي والعسكري بعد حرب مدمرة مع إسرائيل أدت إلى اغتيال قياداته واستنزاف قدراته
العسكرية بشكل كبير".
وأضاف: "على الرغم من الجنازة الضخمة التي أقيمت لأمين عام الحزب السابق حسن نصرالله في شباط الماضي والتي كان الهدف منها أيضاً
إظهار الصمود والقوة، فإنّ نفوذ الحزب على لبنان والمنطقة الأوسع يتضاءل بلا شك".
وفي السياق، قال مايكل يونج، المحرر البارز في مركز مالكولم كير كارنيغي للشرق الأوسط ومقره بيروت، إنه "من المؤكد أن اللبنانيين مستعدون لفترة جديدة في البلاد حيث تحتكر الدولة حمل السلاح".
مع ذلك، يقول التقرير إن "حزب الله لن يختفي بل على العكس، فهو ما زال موجوداً"، وسأل: "الأمر الأساس هنا هو التالي، هل سيتمكن الحزب من تغيير نفسه أم لا؟".
وأكمل: "لقد أدى سقوط
نظام بشار الأسد في سوريا المجاورة ــ التي كانت في السابق خط إمداد حيوي للأسلحة من إيران ــ إلى تفاقم مشاكل حزب الله، وتركه معزولاً، وغير قادر على إعادة التسلح، وعاجزاً بشكل متزايد عن إملاء الشؤون اللبنانية".
ويتابع: "تشير التقارير إلى أن حزب الله يواجه أزمة مالية، مما يجعله مضطراً لتقديم الدعم المالي لأسر أعضائه المصابين وتمويل أعمال إعادة الإعمار في معاقله الجنوبية والشرقية التي دمرها القصف الإسرائيلي".
ويرى التقرير أن "العديد من اللبنانيين رحبوا بنهاية الهيمنة الإيرانية وشل حركة أكبر وكلائها في الشرق الأوسط"، وأضاف: "مع ذلك، يُعدّ انتخاب قائد الجيش السابق جوزيف عون رئيساً، وقاضي محكمة العدل الدولية نواف سلام رئيساً للوزراء في كانون الثاني، خير دليل على هذا التحوّل".
وأردف: "بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية، فإن انتخاب عون من قبل النواب اللبنانيين هو المؤشر الأكثر وضوحاً حتى الآن على أن نفوذ إيران في لبنان قد استنفد، مما يفتح الطريق أمام الإصلاحات والدعم الدولي للمساعدة في انتشال البلاد من المستنقع".
وذكر التقرير أن "زيارة عون الأخيرة إلى السعودية، تُمثل خطوة إيجابية في إعادة العلاقات بين البلدين"، وأردف: "خلال الزيارة، وعد رئيس الوزراء وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإعادة تفعيل حزمة تمويل بقيمة 3 مليارات دولار للجيش اللبناني، وأعلن بيان مشترك صدر أن الجانبين يبحثان سبل السماح للمواطنين السعوديين بزيارة لبنان مرة أخرى".
كذلك، قال التقرير إنه "من المؤكد أن التحول السياسي الجذري الحاصل في لبنان ليس محل رضى عند الجميع، وأضاف: "لقد أصيب أنصار حزب الله بالصدمة منذ خسارة زعيمهم الكاريزماتي وقبولهم القسري لوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع إسرائيل، والذي فُسِّر على أنه ضربة موجعة لمحور المقاومة المكوّن من وكلاء إيران في جميع أنحاء المنطقة".
من ناحيتها، قالت حنين غدار، الزميلة البارزة في معهد واشنطن: "لقد عاش المجتمع الشيعي في لبنان أيامه الذهبية في عهد نصر الله، والآن نحن في مرحلة جديدة حيث يحزنون على الأيام الذهبية".
وبدأت الحرب بين إسرائيل و "حزب الله" في 8 تشرين الأول 2023، عندما بدأ مقاتلون في جنوب لبنان بإطلاق الصواريخ على إسرائيل تضامناً مع حركة حماس الفلسطينية، التي هاجمت في اليوم السابق جنوب إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع الحرب في غزة.
ولقد بدأ الأمر كتبادل لإطلاق النار على طول الحدود الإسرائيلية
اللبنانية، ثم تطور فجأة في أيلول 2024 عندما كثفت إسرائيل قصفها الجوي لمواقع حزب الله، وهاجمت شبكات اتصالاته، وشنت هجوماً برياً.
وفي 17 و18 أيلول، انفجرت آلاف أجهزة "البيجر" ومئات أجهزة الاتصال اللاسلكي التي كانت بحوزة أعضاء حزب الله فجأةً في موجات متزامنة بعد أن خرّبتها إسرائيل
وفي 27 أيلول 2024، اغتيلَ نصرالله في غارة جوية إسرائيلية على مقرّ حزب الله تحت الأرض في ضاحية بيروت الجنوبية. الهجوم نفّذته طائرات إف-15 آي الإسرائيلية، مستخدمةً أكثر من 80 قنبلة، ما أدّى إلى تدمير المخبأ والمباني المجاورة.
ومع تهديد الصراع بجر الولايات المتحدة وإيران إلى مواجهة مباشرة، مع تبادل الحرس الثوري وإسرائيل الضربات الصاروخية، تحرك المجتمع الدولي لتأمين وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، والذي صمد إلى حد كبير.
ورأى التقرير أن "الهجوم
الإسرائيلي على حزب الله أدى إلى إضعاف الأخير سياسياً، مما سمح للمشرعين المستقلين والأحزاب غير التابعة للحزب بتشكيل حكومة جديدة بعد أكثر من عامين من الجمود السياسي".
وقال يونغ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط لـ"arabnews": "حتى الآن لا توجد أي دلائل على أن الحزب يقوم بإعادة تقييم لاستراتيجيته السابقة، على الرغم من أن البعض يقول إن مثل هذه المناقشات تجري داخل الحزب".
أزمة اقتصادية
ولا يزال لبنان يعاني من أزمة اقتصادية مدمرة، حيث فقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها منذ عام 2019، ويعيش ما يصل إلى 80% من السكان في فقر - 40% منهم على الأقل في فقر مدقع.
وارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد، وتواصل البنوك فرض ضوابط صارمة على عمليات السحب والتحويل. في غضون ذلك، يُقدّر البنك الدولي تكلفة إصلاح أضرار الصراع بين إسرائيل وحزب الله بـ 8.5 مليار دولار.
وبحسب التقرير، فإنه "بالنسبة للآلاف من اللبنانيين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في الجنوب تحت القصف
الإسرائيلي، فإن مجرد القول بأن حزب الله انتصر بطريقة أو بأخرى في الصراع، كما يدعي بعض المؤيدين المتشددين، هو وهم تماماً".
كذلك، ذكر التقرير أنه "حتى الآن، رفض المجتمع الدولي والجهات المانحة العربية الإفراج عن أي أموال مساعدات قبل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بالكامل، والذي يدعو إلى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في البلاد وحلها باستثناء الجيش اللبناني".
هنا، تعتقد غدار من معهد واشنطن أنه في حين أن المرحلة الحالية قد لا تكون "نهاية حزب الله بالنسبة للمجتمع (الشيعي اللبناني)"، فإن الافتقار إلى المال والوظائف والخدمات وإعادة الإعمار دفع الناس إلى البحث عن بدائل، وأردفت: "من الواضح جداً أن حزب الله لم يعد خياراً بالنسبة لهم".
وفي الختام، قال التقرير إنَّ "حزب الله أصبح كياناً جديداً لا يستطيع أن يوفر ولا يستطيع أن يحمي، كما أنه لا يستطيع إعادة بناء ما تهدَّم".