أقرّ مجلس الوزراء
الاسبوع الفائت آلية التعيينات الإدارية، لملء الشواغر في القطاع العام، وبيّن رئيس الحكومة نواف سلام، أن الآلية تتضمن 9 مبادئ تعتمد على الأولوية والتنافس من خلال توفير الفرص العادلة للمرشحين. وهي تعتمد على الشمولية ومبدأ تكافؤ الفرص وعدم تضارب المصالح وعلى المرونة والمشاركة من خلال تضمين خبرات متنوّعة من الأكاديميين، مُذكّراً بأن شعار الحكومة هو «بناء دولة القانون والمؤسسات ولا دولة من دون إدارة.
لقد حدد الدستور معايير وآليات التعيينات في القطاع العام، حيث تنص المادة 95 منه على وجوب اعتماد الكفاءة والاختصاص كأساسين رئيسيين في التعيين، مع التأكيد على تحقيق التوازن الوطني. كما أن قانون الوظيفة العامة يؤكد مبدأ الجدارة.
يفترض أن تتم التعيينات بناءً على معايير مهنية بعيداً عن الاعتبارات السياسية والطائفية،إلا ان ما يحصل اليوم من تجاذب سياسي على خط بعبدا السراي عين التينة في ما خص التعيينات ينذر بأن التعيينات سوف تمر بعيداً عن الالية التي يفترض ان تعتمد ، إذ يبدو أن هناك مكونات سياسية تريد الاحتفاظ بحصتها في المؤسسات العامة بعيدا عن معيار الكفاءة رغم أن ما حصل وقد يحصل سيؤثر على الأداء الإداري للدولة.
وأبعد من ذلك، لا يغيب التدخل الخارجي عن التعيينات الأساسية فعلى غرار التعيينات الامنية، فإن تعيين حاكم جديد لمصرف
لبنان لن يمر من دون ضوء أخضر أميركي على وجه الخصوص، وهذا الأمر لا تخفيه مصادر أميركية، بل أكثر من ذلك فهي تؤكد أن ما يهم واشنطن في
لبنان يتمثل حصرياً في قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان، ولذلك تشدد مصادر دبلوماسية على أن الاسماء المطروحة لحاكمية المركزية ليست محل إجماع القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المواقع الحساسة ضمن الدولة، وبحسب المعلومات فإن الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي حط في بيروت سيطرح على المسؤولين تعيين المصرفي سمير عساف حاكماً لمصرف لبنان، إلا أن مصادر مطلعة على أجواء واشنطن تشير إلى أن التوجه الأميركي والذي أبلغ إلى المسؤولين اللبنانيين يقضي بتعيين كريم سعيد حاكماً للمركزي، علما أن هناك اتفاقا وتفاهماً حول اسم كريم بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري في حين أن موقف الرئيس سلام لم يتضح بعد، خصوصاً ان بعض المصادر تنسب إليه تفضيله الذهاب الى تعيين الوزير السابق جهاد أزعور حاكما للمركزي والذي يحظى بدعم سعودي.
وعليه يمكن القول أن التعيين المرتقب في جلسة مجلس الوزراء الخميس والذي يمكن أن يحصل من خارج جدول الأعمال، سيراعي الضغوط السياسية من قبل الدول الكبرى المؤثرة نظراً إلى دعمها المشروط وحسابات التوازنات.
وليس بعيداً، فإن التفاهمات حول التشكيلات القضائية لم تنضج بعد، فالأسماء المطروحة لتولي منصب
النائب العام المالي خلفاً للقاضي علي إبراهيم لا تزال محل تفاوض، وهي القاضي كمال نصار، القاضي محمد بدران، القاضي زاهر حمادة، والقاضي ماهر شعيتو، ومن المرجح أن يبلغ رئيس المجلس النيابي باسم
النائب العام المالي في الساعات القليلة المقبلة إلى الرئيس عون ورئيس الحكومة.
وعلى خط تعيينات تلفزيون لبنان، فقد قدم وزير الإعلام بول مرقص اقتراحا لتعيين مجلس إدارة لتلفزيون لبنان على أن يبت به مجلس الوزراء استناداً إلى آلية التعيينات التي تم إقرارها، ويأتي هذا الاقتراح في إطار جهود الوزير مرقص لتفعيل دور "تلفزيون لبنان" وتطويره، حيث أكد خلال جولة في مبنى التلفزيون في 3 آذار الماضي حرصه على تعيين إدارة جديدة، مشدداً على أهمية دور التلفزيون كصوت وصورة للدولة
اللبنانية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الاقتراح الذي قدمه مرقص لم يلق اعتراضاً شاملاً وكلياً، وبينما يحظى اسم الاعلامي بسام أبو زيد بإجماع سياسي، ترددت معلومات عن اعتراض التقدمي الاشتراكي على اسم سلمان الريس واعتراض الثنائي الشيعي على اسم لما الصباح، مع الإشارة في هذا السياق إلى أن المنتج صادق الصباح كان زار وزير الإعلام وأبدى كامل الاستعداد للمساعدة و الوقوف إلى جانب مرقص وبحثا في تطوير تلفزيون لبنان وإمكان إعادته الى المكانة التي كان عليها، وقدّم الصبّاح ورقة عمل يمكن العمل عليها لتكون الانطلاقة الصحيحة والجدّية للدراما
اللبنانية وتنشيط تلفزيون لبنان.
الأكيد أن ملف التعيينات يواجه تحديات معقدة، حيث تتداخل العوامل
الداخلية مع الضغوط الخارجية، والطروحات التي تسبق أي تعيين، تعكس استمرار مبدأ تقاسم الحصص بين القوى الأساسية، مما قد يفرغ الآلية من مضمونها، ولا تخفي مصادر سياسية تلميحها إلى تباين غير معلن بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حيث يحاول كل منهما فرض خياراته على التعيينات الأساسية.